الجنيه يواصل ارتفاعه أمام الدولار.. كم بلغت خسائر الأخضر منذ تحرير سعر الصرف    تحذير من ترك الشواحن بمقبس الكهرباء.. الفاتورة تزيد 50 جنيها لهذا السبب    التنمية المحلية: 50 ألف طلب للتصالح في مخالفات البناء خلال أسبوع واحد    البيت الأبيض: بايدن سينقض مشروع قانون لمساعدة إسرائيل لو أقره الكونجرس    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    الدوري الإسباني، جيرونا يسقط على ملعبه بهدف أمام فياريال    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    الشناوي: استعدينا جيدا لمباراة الترجي ونعلم مدى صعوبتها    عقوبة تصل إلى نصف مليون يورو.. الكاف يهدد الأهلي والزمالك لهذا السبب    المدير التنفيذي للخليج: لا يوجد حديث حول إنهاء عقد محمد شريف مع الفريق    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القاهرة    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء (تفاصيل)    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    وسيم السيسي: 86.6% من المصريين يحملون جينات توت عنخ آمون    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا ممن تفاءل بخيرك فأكرمته ولجأ إليك فأعطيته    اليوم.. التضامن تبدأ صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    كامل الوزير: لم نبع أرصفة ميناء السخنة.. والمشغل العالمي يملك البنية الفوقية    حتى لا تقع فريسة للمحتالين.. 5 نصائح عند الشراء «أون لاين»    ميدو يوجه رسالة لاتحاد الكرة بشأن حسام حسن    «أيامه معدودة».. شوبير يكشف مفاجأة بشأن مستقبل العشري مع الاتحاد السكندري    شاهد لحظة استهداف حماس جنود وآليات إسرائيلية شرق رفح (فيديو)    شهادة كوهين بقضية شراء الصمت: ترامب كان على علم دائم بما يجري    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    الحماية المدنية تسيطر علي حريق هائل في محل زيوت بالاقصر    بطلقات نارية.. إصابة فتاة وسيدة في مشاجرة بسوهاج    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    تحرير 31 محضرًا تموينيًا خلال حملة مكبرة بشمال سيناء    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قرب جبل طارق.. إسبانيا تحذر من "مواجهات مخيفة" مع حيتان الأوركا    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    حتى لا تستخدمها ضدك.. 3 تصرفات تجنبها مع الحماة النرجسية    شارك صحافة من وإلى المواطن    وزير الشئون الثقافية التونسي يتابع الاستعدادات الخاصة بالدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    3 فعاليات لمناقشة أقاصيص طارق إمام في الدوحة    مع اقتراب تقديمها محليًّا.. أهم التحديثات في فولكس فاجن تيجوان الجديدة    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    ريا أبي راشد بإطلالة ساحرة في مهرجان كان السينمائي    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    قبل انطلاقها في مصر بساعات.. أهم 5 معلومات عن إم جي 4 الكهربائية    بعد سماع أقواله بواقعة "فتاة التجمع".. صرف سائق أوبر من سرايا النيابة    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    أمين الفتوى: «اللى معاه فلوس المواصلات والأكل والشرب وجب عليه الحج»    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفصل الأول..قصة.. الكأس
جائزة جول ريميه


أورجواي والجغرافيا والكروم الحاتمي!
ومن أطرف ما قيل عن فوز أورجواي -الدولة الصغيرة في أمريكا اللاتينية والتي لم يكن العالم يعرف عنها إلا القليل ببطولة الكرة في دورتي باريس 1924 وامستردام 1928 الأوليمبيتين وعن منحها شرف إقامة أول بطولة لكأس العالم علي أرضها أن أورجواي دخلت الجغرافيا بضربتي قدم! أي أصبحت معروفة للدنيا بفضل فوز لاعبيها في الدورتين المتتاليتين وهو الفوز الذي أدي إلي النصر الأكبر.. تنظيمها لأول بطولة لكأس العالم.. وزيادة اهتمام الناس في العالم أجمع بها والتعرف علي شعبها وخصائصها وتاريخها.. ومدنها وأحوالها وعاداتها وبذلك عرفتها الدنيا من خلال انتصاراتها المدوية في كرة القدم.
وزاد تعاطف عشاق كرة القدم مع هذا البلد الصغير الذي حقق ذلك النصر الكبير إعلان أورجواي في كرم حاتمي -تعهدها بتحمل نفقات إقامة أول بطولة لكأس العالم- بالإضافة إلي تحملها لتكاليف سفر جميع الفرق المشتركة في البطولة.
وكان ذلك الإعلان الحاتمي في يناير 1929 في اليوم الذي أعلن فيه الاتحاد الدولي لكرة القدم رسميا منع أورجواي شرف تنظيم أولي بطولات "كأس العالم" وكان مؤتمر الاتحاد الدولي الذي عقد في زيورخ في سبتمبر 1928 قد أطلق ذلك الاسم رسميا علي البطولة التي ينتظرها عشاق الكرة بلهفة وشوق وترقب ولكن لماذا اللهفة والشوق والترقب؟!
السبب بسيط وواضح.. وهو فتح البطولة لجميع اللاعبين -هواة ومحترفين!- ومعني ذلك أن كل دولة مشتركة في تلك البطولة سيمثلها خير لاعبيها وأرفعهم مستوي ولذلك بدأت بطولة كأس العالم لكرة القدم منافستها الخطيرة وهي بطولة كرة القدم في الألعاب الأوليمبية التي لا يشترك فيها سوي الهواة فحسب! وأصبحت بطولة كأس العالم تمثل قمة كرة القدم علي المستوي العالمي.. فنية وحرفية وتكتيكا وتدربا وإشرافا.. وأثارة ومتعة ومنافسة.
وهذا ما شرحه أخلص أعوان جول ريميه وهو هنري ديلوي سكرتير الاتحاد الفرنسي لكرة القدم في مؤتمر الاتحاد الدولي عام 1926 عندما تكلم في وضوح ومنطق وموضوعية لتأييد دعوة زميله جول الذي بدأ دعوته وهو أسود الشعر ولم ينجح في أقناع حساده وعذاله بجدوي دعوته إلا بعد أن اشتعل منه الرأس شيبا!!
وثار جدل طويل طريف بين المعسكرين الشرقي والغربي الأمريكي اللاتيني بسبب الهواية والاحتراف.
كما اشتعلت حرب باردة وساخنة بين الدول والأندية الأجنبية الغنية المتخصصة في "لطش" النجوم الصاعدة والمرموقة.. لطشها سواء من أنديتها المحلية أو من منتخباتها القومية!!
فالقضية الأولي تعالج مشكلة حساسة ودقيقة.. فالمعسكر الغربي اللاتيني يقول إن الدول الشرقية تمارس الاحتراف المقنع.. المتستر تحت هواية ليست خالصة تماما.. فالهواة في المعسكر الشرقي يتمتعون بكل ميزات المحترفين في المعسكر الغربي اللاتيني من تفرغ ورعاية وتدريب ومكافآت مادية وأدبية مغرية.. ومع ذلك فإن هواة المعسكر الشرقي يلعبون في مباريات البطولات الأوليمبية ومباريات كأس العالم .. بينما يحرر القانون الاولمبي محترفي المعسكر الغربي- اللاتيني من تمثيل بلادهم في الألعاب الأوليمبية وحسما للنزاع قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم في عام 1960 حرمان اللاعب الذي يمثل بلاده في مباريات كأس العالم من تمثيلها في الدورات الأولميبية.
أما القضية الثانية فنزاع طريف طويل بين الوطنية والمادية فقد عمدت أندية أوروبا الغنية المجنونة كرويا إلي خطف نجوم البلاد المنافسة عامة وبلاد أمريكا اللاتينية خاصة.. والتهب صراع بين الولاء للنادي الأجنبي السخي.. وبين الولاء للمنتخب القومي للاعب - فكل دولة تريد جمع نجومها المشتتين في مختلف اندية العالم وخاصة إيطاليا- لتعدهم وتؤلف فيما بينهم وتعمق تفاهمهم وانسجامهم ولتخوض بهم معركة مباريات التصفية المضنية.. أو معمعة مباريات الأدوار النهائية المجدية.. فوصول أي دولة إلي الأدوار النهائية لكأس العالم التي تسمي أدوار الستة عشر يعتبر في حد ذاته نصرا عزيزا وفوزا عظيما.. و شرفا كبيرا.. وفوق هذا وذاك دعاية طيبة للدولة في الخافقين.
وهنا يتأرجح الولاء.. ويختبر.. ويقلق اللاعب ويحتار.. فلمن يكمل المشوار؟!
هل يستمر في دوري ناديه الأجنبي الذي يملأ فمه ذهبا؟! أم يشترك في معسكر فريقه القومي الذي يملأ معدته فحسب؟! وهل يسمح له ناديه الأجنبي بالتغيب ليلبي نداء الوطن؟
وكان ذلك التمزق وتلك الحيرة والبلبلة من أسباب إثارة ومتعة دنيا كرة القدم ومصارع بعض المنتخبات الوطنية بسبب فشلها في تجميع كل قوتها الضاربة بل من أسباب تغيير بعض اللاعبين لجنسياتهم ليمثلوا الأوطان الجديدة التي يلعبون لبعض أنديتها!
شهيد اسمه.. دي ستيفانو!
ومن أبشع نتائج ذلك الصراع الرهيب حرمان الفريدو دي ستيفانو أعظم لاعبي العالم من 1949 حتي 1960 بلا منازع.. من الاشتراك في أي بطولة من بطولات كأس العالم!! وخسرت كرة القدم وعشاقها.. من عدم اشتراك "المايسترو" الفنان الخلاق والعبقري الموهوب في تلك البطولة.. العالمية الضخمة المثيرة الممتعة وقيل عن ذلك إنه علي الرغم من قيادة دي ستيفانو الواعية لناديه -ريال مدريد- مما أدي إلي فوزه ببطولة كأس أوروبا لأندية أبطال الدوري خمس مرات- وهي ثاني البطولات أهمية بعد كأس العالم- فإن شعبية دي ستيفانو وشهرته كانت كل منهما ستتضاعف لو ظهر مرة واحدة في إحدي بطولات كأس العالم!!
ومن أكثر المناظر الكروية الدرامية تأثيرا في النفوس مشهد التقاء اللاعبين الأورجوانيين سانتا ماريا وزميله شيافينو اللذين مثلا أوروجواي في بطولة كأس العالم 1954 ولعبا ضد بعضهما في نهائي كأس أندية أوروبا 1958 عندما كان سانتا ماريا يلعب لريال مدريد ويلعب شيافينو لميلانو.. وقد بكي بعض المشاهدين يومها إلي حد.. التشنج ولا تزال معركة الولاء اليمزدوج الضارية ماضية!
ذهب خالص!
عندما رست السفينة الإيطالية "لي كونت فيرد" -أي الكونت الأخضر- في 5 يوليو 1930 علي رصيف ميناء مونتفيديو "عاصمة أوروجواي" وأكثر عواصم أمريكا اللاتينية أخذا بالحضارة الأوروبية في ذلك الوقت كان آلاف المشاهدين يتلهفون لاستقبال الفرق الضيفة القادمة من أوروبا.. فرق رومانيا وفرنسا وبلجيكا "وقد تأخر فريق يوغوسلافيا في الوصول لأنه قدم علي السفينة فلوريدا. وهي أبطأ من الكونت الأخضر".
وبلغت حرارة الاستقبال ذروتها عندما ظهر علي سلم السفينة رجل قصير نحيف يزيد من وقاره شعر أبيض يكسو كل رأسه وارتفعت الهتافات تحيي البطل الأصلي والأصيل "جول ريميه".
وكان هناك شوق أكبر ولهفة أكثر.. وفضول أشد لرؤية جائزة "جول ريميه" كأس العالم نفسه.. وعندما لوح جول ريميه لمستقبليه بكأس من الذهب الخالص يزن أربعة كيلو جرامات ويبلغ طوله 30 سنتيمترا.. وهي تعتبر من روائع الفنان الفرنسي "ابيل لافلور".. جن المستقبلون ولم يدر بخلد أكثرهم تفاؤلا أن السماء ستستجيب لدعواتهم.. وأن كاسترو "ذا اليد الواحدة" سيحقق أمنياتهم لظاهرة.. وآمالهم الباطنة.. لتبقي الكأس في وطنهم أورجواي سنين أربع معززة مكرمة.
وقد بلغت نفقات صنع الكأس الذهبية 50.000 فرنك فرنسي "حوالي ثلاثة آلاف جنيه استرليني" وهي مؤمن عليها بثلاثين ألف جنيه استرليني.
ولكل دولة تفوز بالكأس الحق في الاحتفاظ بها طيلة السنوات الأربعة التي تفصل بين كل بطولة من بطولات الكأس والبطولة التالية لها ومن تفوز بها ثلاث مرات سواء متصلة أو متقطعة. لها الحق في الاحتفاظ بها إلي الأبد وفي هذه الحالة تصنع كأس جديدة وقد صرح رئيس المجلس الرياضي البرازيلي في غمره فوز البرازيل بالكأس للمرة الثانية علي التوالي عام 1962 بأن البرازيل في حالة فوزها للمرة الثالثة واحتفاظها بالكأس إلي الأبد ستقدم كأسا جديدة تسميها كأس "ونستون تشرشل" ولكن البرازيل لم تفز عام 1966 كما كانت تتمني!!
فترات عصيبة..
وقد بذلت محاولات عديدة "للاستيلاء" علي الكأس التاريخية النادرة التي تمثل تمثالا صغيرا لآلهة النصر تحمل كأسا بين ذراعيها المرفوعتين. وكانت هذه المحاولات مبذولة علي المستوي الدولي.. والفردي!.
فعندما قامت الحرب العالمية الثانية كانت قد مضت خمسة أعوام علي وجود الكأس في "المدينة الخالدة" روما.. ولكم كان يعتز بها موسوليني نفسه.. وقد حاولت القوات الألمانية النازية في أثناء المعارك الضارية التي دارت بينها وبين قوات الحلفاء في أراضي شبه الجزيرة الإيطالية الاستيلاء علي الكأس ولكن الدكتور أوتورينو باراسي أحبط تلك المحاولات بنقله الكأس من مقر اتحاد الكرة الإيطالي الذي كان يرأسه أوتورينو في ذلك الوقت ليخفيها تحت فراش نومه.. فقد لفها في بعض ملاسه القديمة وأخفاها "تحت البلاطة"!! ولكن لم يطمئن قلبه إلا بعد أن هربها مساعداه جورجيو فاكارو. وجيوفاني ماورو إلي الخزانة الفولاذية في بنك سويسرا.. في روما!
قصة كلب..
وفي مارس عام 1966 التفت الدهر.. واهتزت الدنيا.. وقام عالم الكرة ولم يقعد إلا بعد أن عثر "بيكلز" علي الكأس المسروقة.
و"بيكلز" كلب!! كان كلبا عاديا ثم أصبح أشهر كلب في العالم كله!! ففي يوم أحد أسود في تاريخ الكرة سرق شخص مجهول من معرض طوابع بريد.. كأس العالم لكرة القدم.. وأين اللص الذي يستطيع تقديم أشهر عمل فني في العالم إلي تاجر مسروقات.. للتصرف فيه!!
وداخ بوليس لندن.. وبوليس كل إنجلترا.. طيلة ثمانية أيام بلا جدوي وفشلت سكتلندا يارد فيما نجح فيه.. أنف كلب.
فقد دعبس الكلب في أرض حديقة- اعتاد صاحبه أن يصحبه إليها- بطريقة لفتت نظر صاحبه وأخذ يحفر ليخرج طرف لفافة ما أن فتحها صاحبه حتي احتاج إلي كل نشادر العالم ليفيق!! فقد كانت اللفافة الملطخة بالتراب وطين الحديقة.. تضم جائزة جول ريميه.. التي كافح المحامي الفرنسي القصير الهزيل النحيل عشر سنوات ليقنع العالم بجدواها وفائدتها!!
وتحول "بيكلز" من كلب مغمور إلي كلب مشهور!! وانهالت عليه العقود -عقود العمل في السينما والتليفزيون- والهدايا.. وخطابات التمجيد والتهنئة.. من مختلف أنحاء العالم!
ومنح الحيوان الإنسان فرصة العمر ليعاود ممارسة متعته الحبيبة المثيرة.. مشاهدة مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم.. والعيش في ضجيج وصخب.. وجنون وهوس! وهي الحالة التي تعيشها الدنيا طوال الأسابيع الثلاثة الخالدة التي تقام فيها كل سنوات أربع الأدوار النهائية لبطولة كأس العالم!! تتوسطها فترة جنون أخري -وإن كانت أقل نسبيا- وهي الدورات الأوليمبية!!
ومنحه فوق هذا وذاك متعة إطلاق مشاعره الحبيسة سواء في صيحات مجنونة لتشجيع فريقه أو صرخات مهووسه لاستهجان ألعاب خصوم فريقه.. أو انتقاد الحكام حتي عندما يتخذون قرارات عادلة سليمة ضد نجوم فريقه.. لترتفع صيحات الانتقاد والاعتراض بمختلف لغات العالم.. وحسب تعبيرات كل شعب.. فيصيح الألمان "شيدز ريختر.. تليفون" أي "أيها الحكم.. إنك مطلوب علي التليفون" ويصرخ الطليان "بيدوني" أي "العبيط أهه" أو "النصاب"! وإذا تمسك الحكام بقراراتهم العادلة غالي الطليان في تعليقاتهم ليصبح الحكام في نظرهم "فيندوتو" أي "باعو ذمتهم" وينفعل الروس لتدوي حناجرهم بالعبارة التقليدية "استخدموا الحكام في صنع الصابون!" أو كما يقولون في مصر "شيلوا الرف"!
آل كابوني.. صفر علي الشمال!
والغريب أن سارق الكأس لم يكن لصا محترفا أو هاويا.. فقد كان.. غاوي شهرة! وقد أصبح فعلا نجما من نجوم كأس العالم.. ومن المؤسف أنه توفي وهو يدفع ثمن محاولته تلك واعترف شقيقه بعد وفاته بأن أخاه كانت تعتريه نوبات من الاختلال العقلي وأنه سرق الكأس في إحدي تلك النوبات وعندما عاد إلي حالته الطبيعية وقع في حيرة شديدة. كيف يتصرف في ذلك "الشيء" العالمي الشهرة؟! وكاد أن يعيده فعلا إلي اتحاد الكرة الإنجليزي لولا أن "بيكلز" اكتشفه في اليوم الذي كان سيعيده فيه فعلا.. وسبقه إلي الحفرة التاريخية وكأنه يقول: "من حفر حفرة وقع فيها"!!
ولم يهتد البوليس إليه إلا بفضل "عجوز من عجائز الفرح" امرأة عجوز ثرثارة من هواة طوابع البريد.. كانت تتردد يوميا علي معرض الطوابع ولاحظت إعجاب السارق بالكأس ووقوفه طويلا أمام الواجهة الزجاجية التي كانت الكأس تتيه من ورائها وتطل علي زوار المعرض في شموخ وكبرياء.
وأفضت العجوز إلي العجوز بشكوكها.. وأدلت بأوصاف الرجل المشتبه فيه.. وحضر ثلاثة رسامين أخذوا يرسمون طبقا لما تدلي به العجوز من أوصاف حتي رسموا صورة الرجل دون أن يروه!!
وطب الحرامي!
وخلف القضبان عاش ومات.. شهيد الكأس!! وعندما انتقلت الكأس في حقيبة مندونبين من رجال الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم من لندن إلي "مكسيكو سيتي" عاصمة المكسيك في أوائل عام 1970 فوجيء المندوبان بحفل استقبال في المطار يليق بالملوك والروساء أما الحراسة المشددة التي فرضت حول السيارة المدرعة التي حملت الكأس من المطار إلي خزانة البنك الفولاذية فكانت تزري بالحراسة التي كانت تفرض علي آل كابوني وديلنجر أعتي المجرمين الأمريكان سواء التي كان يفرضها البوليس من السجن إلي المحكمة أو العكس أو التي كان يفرضها الحراس الخصوصيون علي "شيخي المنصر"!
سخرية القدر
ومن أغرب مفارقات بطولة كأس العالم لكرة القدم أن هنري ديلوني عندما عرض فكرة جول ريميه ودافع عنها في مؤتمر 1926 قائلا: "إن كرة القدم لعبة لا يمكن استمرار قصرها علي الدورات الأوليمبية فقط.. لأن الدول العديدة التي تمارس الاحتراف لا يمكنها إشراك أحسن لاعبيها في البطولات الأوليمبية" بدأت بعض الدول في الاقتناع بالفكرة.
ومرت الأيام وتمت الموافقة علي الفكرة بعد عامين في مؤتمر 1928 والغريب أن الكتلة الاسكندنافية كانت علي رأس الفتنة وتزعمت السويد بالذات حركة المعارضة الوحيدة الفاشلة.
ومرت الأيام و.. نظمت السويد بطولة كأس العالم 1958 علي ملاعبها!!
ومن الدول التي أحجمت عن الاشتراك في أولي بطولات كأس العالم 1930 بحجة بعد المسافة عن أورجواي وعجزها عن دفع مرتبات اللاعبين طيلة شهري السفر وفترة البطولة كل من اسبانيا والنمسا والمجر وتشيكوسلوفاكيا وإيطاليا وسويسرا.. ومرت الأيام.. ونظمت إيطاليا بطولة 1934 وسويسرا بطولة 1954"!!" التي فازت بها ألمانيا المحجمة!.
وتلقت الدول المحجمة لطمة ملكية.
فقد صمم كارول ملك رومانيا علي اشتراك بلاده في أولي بطولات كأس العالم 1930 ولم يشترك فحسب في اختيار نجوم لاعبي رومانيا بل تدخل للحصول علي إجازة بمرتب للاعبين المختارين العاملين في الحكومة أو في الشركات الخاصة!!
وكأنما كان كارول يخرج لسانه لجيرانه القريبين والبعيدين الآعتي من بلده سلطانا.. والأكثر نفوذا.. والأوسع ثراء والأقوي كرويا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.