كنت أود الحديث عن مباراة الاهلي ¢وأورلاندو بايرتس¢ في نهائي دوري ابطال افريقيا ولكن نظرا للأحداث التي صاحبتها أثرت ان أتحدث عن مشوار كرة القدم وأعود بالتاريخ الي الوراء لكي اسرد بعض اسرارها التي قد لا يعلم البعض عنها شيئا. أنا مغرم بالتوثيق والرجوع الي الماضي الجميل في كل شئ. الماضي الذي عشناه ونجتر ذكرياته. ما حلا منها وما كان مرا. كتبت من قبل عن شخصيات عظيمة صنعت تاريخ النادي الأهلي ونسيها الناس حتي نعيد لهؤلاء العظماء فضلا يجب علينا عدم نسيانه. والان أدير عجلة التاريخ الي الوراء لنري كيف ان لعبة كرة القدم تطورت وأصبحت سلعة وصناعة بعدما كانت هواية وممارسة من اجل الترويح و أصبحت الأكثر انتشارا وشعبية في العالم. استطاعت أن تتخطي جميع حدود الجنس والعقيدة وأن تنفذ إلي أعمق عواطف الجماهير ويمارسونها بمتعة خالصة ويتابعون أخبارها بشغف حتي أصبح الناس يعتبرون فوز المنتخبات علي خصومها انتصار للأوطان. يعود تاريخ هذه اللعبة إلي اكثر من 2500 سنة قبل الميلاد حيث مارسها الصينيون القدامي وكانوا يقدمون الولائم للفريق الفائز ويجلدون الفريق المنهزم. وعرفها اليونانيون واليابانيون 600 سنة قبل الميلاد والمصريون 300 سنة قبل الميلاد. كما أن بعض آثار الشعر الجاهلي تدل علي أن العرب القدامي مارسوا أيضا هذه اللعبة. وقد لعب اليونانيون والرومان القدماء لعبة تشبه كرة القدم لكن النسخة القديمة تتضمن 27 لاعب في كل فريق . ومن المستحيل أن يحدد المؤرخون متي بدأت لعبة كرة القدم بالضبط . لكن من المحتمل أن أول نوع من أنواع الألعاب التي تطورت منها اللعبة التي نعرفها اليوم ظهرت قبل 3000 سنة. ولكننا نعرف أنه تم في بريطانيا المولد الحقيقي لكرة القدم الحديثة متمثلة في إنجلترا واسكتلندا. في القرن الثامن كانت لكرة القدم شعبية كبيرة في الدولتين لكنها في ذلك الوقت كانت لعبة حربية و يقال أنها أقيمت في شرق إنجلترا. ففي عام 1815 أصدرت مدرسة إيتون الشهيرة مجموعة من القوانين تنضم كرة القدم والتي تبنتها فيما بعد معظم الجامعات والكليات عرفت بقوانين كامبريدج. وفي عام 1848 كان هناك فريقين من الجامعات والأندية .احد الفريقين يتبع قوانين كامبريدج والأخر يسمح بحمل الكرة والإعاقة وحتي ركل الخصم. في 26 أكتوبر 1863 تجمع إحدي عشر مدرسة ونادي إنجليزي وأرسلوا ممثل لهم واجتمعوا ليوحدوا قوانين اللعبة. في هذا الاجتماع أنشأ إتحاد كرة القدم الإنجليزي فيما أنشأ أتباع لعبة ¢الرجبي¢ إتحاداً خاصاً بهم في الثامن من ديسمبر 1863. وفي عام 1869 أضاف الإتحاد بنداً للقوانين يمنع لمس الكرة باليد و في تلك اللحظة بدأت كرة القدم التي نعرفها الآن. قوانين اللعبة الحالية تعتمد اعتماداً مباشراً علي جهود بذلت في منتصف القرن التاسع عشر لتوحيد قواعد كرة القدم الكثيرة التي كانت تمارس في مدارس خاصة من إنجلترا. ففي عام 1848 عقد اجتماع في كلية ترينتي في كامبردج بحضور ممثلين وتم الاتفاق علي ما عرف بإسم قوانين كامبردج لكرة القدم. وخلال خمسينيات القرن التاسع عشر الميلادي تشكلت الكثير من الأندية غير المرتبطة بالمدارس في أنحاء العالم المتكلم باللغة الإنجليزية. كلُ يلعب كرة القدم وفق قوانينه الخاصة والتي لا تختلف عن بعضها كثيرا. ومن أبرز هذه القوانين تلك التي تم وضعها عام 1857 والتي أدت إلي تشكيل اتحاد شيفيلد لكرة القدم . هذه المجهودات ساهمت في النهاية بتشكيل اتحاد كرة القدم الإنجليزي عام 1863 في لندن نتج عنها المجموعة الأولي من قواعد لعبة كرة القدم. وتم إنشاء الدوري الانجليزي عام 8881 من اثني عشرة ناديا واللعب ذهابا وإيابا. ومع نهاية القرن التاسع عشر إنتشرت لعبة كرة القدم في مختلف انحاء العالم بواسطة البحارة والتجار البريطانيين ومختلف المسافرين الأوربيين. فمن أستراليا إلي البرازيل ومن المجر إلي روسيا أنشأت الإتحادات والأندية والمسابقات. أدي ذلك النمو الشامل إلي تكوين الإتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" عام 1904. وحتي لايمل القارئ فإنني سوف أعود مرة أخري في المقال القادم الي بعض التغيرات الخاصة بلعبة كرة القدم وإدخال قوانين التحكيم وغيرها من الإضافات التي جعلت من كرة القدم لعبة شعبية انتشرت في كل أنحاء العالم بسرعة وتطورت بشكل كبير.