زمان.. في الأربعينيات.. منذ أكثر من سبعين عاماً.. كان عضو مجلس النواب الدائم وعضو حزب الوفد رجلاً وطنياً اسمه "يوسف الجندي" من مدينة زفتي وكان نائبها.. لم تحجبه تصرفات الملك فاروق فقرر استقلال زفتي عن مصر وأعلن "جمهورية زفتي" واستفتاء!!!! وفاز بأغلبية ال 99% إياها رئيساً للجمهورية.. وعمل سورا حول المدينة وعلماً جديداً غير العلم الأخضر القديم ونشيد قومي جديد!!!! وأعلن استقلاله عن مصر!!!! وسيكون له سفراء في كل بلاد العالم ماعدا مصر التي سيقاطعها!!! كانت حكاية لها دوي وصدي في كل أنحاء العالم عن طريق الصحف والإذاعة!!! الأخ حسن حمدي - دون أن يقرأ التاريخ طبعاً ولا يعرف مثل هذه الأحداث التاريخية الضخمة.. ربما مجرد توارد خواطر.. قرر إعلان "جمهورية الأهلي"!!!!.. الدولة أصدرت لائحة الأندية.. ولكنه يرفض هذه اللائحة لأنه يريد أن يستمر في رئاسته للنادي الأهلي إلي الأبد!!!! وشكل لجنة قانونية برئاسة الأخ محمود فهمي لوضع لائحة جديدة بعيداً عن لائحة الدولة!!! وسيطبق اللائحة الخاصة بالأهلي.. وفي نفس الوقت سيقدم شكوي رسمية للجنة الأولمبية الدولية ضد وزارة الرياضة التي تتدخل في شئون الأندية!!!! فليس من حق أية حكومة أن تفرض قانوناً. ولائحة علي الأندية!!!! فوزارة الرياضة.. سواء في مصر أو في أية دولة.. مجرد وزارات "شرفية" ليس من حقها أي شيء!!!! *** جمهورية زفتي لم تدم أكثر من أيام معدودة أقل من عدد أصابع اليد.. وأثناء مداولات رئيس الجمهورية!!!! يوسف الجندي لتشكيل حكومة جديدة!!!!.. كانت حكومة القاهرة تدق سور جمهورية زفتي وتحرق علمها.. ويستدعي رئيس حزب الوفد مصطفي النحاس يوسف الجندي ليقول له "بطل تهريج"!!!!! *** وحتي كتابة هذه السطور.. لا أدري ما الذي فعله طاهر أبوزيد في لائحة الأهلي "المزعومة"!!!! ولكن ظروفنا الحالية لا تسمح بهذا "التهريج"!!!! وهذه الأنانية!!!! زمان الناس كانت "رايقة" والدنيا جميلة وخير ربنا كثير جداً.. بمناسبة قرب عيد الأضحي كان في هذه الأيام في الأربعينيات حتي بعد ثورة يوليو 1952 كان ثمن الخروف الكبش الكبير ذي القرون الضخمة بجنيه واحد!!!! أرخص من سندويتش الفول أبو جنيه ونصف جنيه الآن!!! أذكر بهذه المناسبة حكاية شخصية... اشتري والدي الخروف من الجزار كالعادة بجنيه واحد.. لم يكن لحظتها جنيه ورق فأعطاه جنيه ذهب!!!.. فثار الجزار ثورة عارمة!!! كان الجنيه الذهب أرخص من الجنيه الورق بقرشين ونصف قرش!!!!.. الجنيه الذهب الآن ثمنه ما يقرب من ثلاثة آلاف جنيه ورق!!!! *** لذا أقول لعم حسن حمدي الدنيا تغيرت!!!! مش وقته الآن التهريج الذي تمارسه.. حتي محمود الخطيب النائب بتاعك غير موافق علي "ضرب الرأس في الحائط" كما وصفها بعض حكماء الأهلي!!!! ياعم حسن.. كن علي مستوي الموقف ونحن مقبلون علي أخطر مباراتين مع غانا من أجل "حلم المونديال".. البلد كلها في وادي وأنت في وادي آخر!!! *** وياعم حسن.. إذا كنت تظن أنك أحمد عبود باشا الذي أجبر اتحاد الكرة في أبريل 1955 علي التراجع في كل قراراته وفاز الأهلي ببطولة الدوري بقرار وليس باللعب.. فأنت ياعم حسن لست أحمد عبود.. قد تكون تملك حالياً ثروة مادية تقرب من ثروة عبود.. ولكن لست تملك شخصية عبود ولا نفوذه ولا اتصالاته ولا تحكمه في اقتصاد البلد.. أنت لست عبود ولا قريباً منه!!!! *** - إيه حكاية عبود في أبريل 1955؟؟ - في آخر مباراتين في الدوري العام.. الأهلي يلعب مع الترام "بعبع" الأهلي في ملعب الأهلي ثم يقابل الزمالك في المباراة النهائية.. والزمالك سيلعب في اليوم التالي مع أولمبي القناة ثم يلعب المباراة النهائية مع الأهلي. - في مباراة الأهلي مع الترام حدثت مهازل لم تشهدها الملاعب من قبل ولا من بعد.. مثلاً.. مثلاً.. يضرب "توني" جناح الترام طلعت عبدالحميد ظهير الأهلي خلسة وبسرعة علي قفاه!!!! ويجري خارج الملعب!!! يترك طلعت الملعب ويجري وراءه في نفس اللحظة "ميتو" متوسط هجوم الترام يرسل كرة قوية يفاجأ بها عبدالجليل حارس مرمي الأهلي وتصبح هدف الترام الثاني!!!! ويحتسب حسين إمام حكم المباراة الهدف!!!.. ويهيج المتفرجون وينزلون الملعب.. حتي مختار التيتش المشهور عنه منتهي الانضباط يثور علي الخط.. ويشتم الجميع كعادته "المحببة"!!!!.. ويضرب اللاعبون بعضهم بعضا.. ويسقط حلمي أبوالمعاطي علي الأرض إثر "روسية" من "توني" حارس مرمي الترام.. أكثر من هذا داس لاعب ما علي رجل حلمي أبوالمعاطي وهو ملقي علي الأرض فلم يستطع أن يكمل المباراة.. ولم يكن نظام البدلاء قد تم الأخذ به. كان حامل الراية محمد حسن حلمي سكرتير نادي الزمالك في ذلك الوقت.. وكان يقترب منه كل من سقراط ووجيه وشريف الجندي أجنحة الأهلي وفي السر يوجهون أقذر الشتائم لحلمي!!!.. وحلمي يرفع الراية لحسين إمام دون جدوي!! هناك وقائع مؤسفة كثيرة.. سواء داخل المستطيل الأخضر أم خارجه.. المهم انتهت المباراة بفوز الأهلي 3/2 بالعافية حينما أحرز توتو هدفاً في آخر لحظة!!!! اجتمع اتحاد الكرة برئاسة المرحوم عبدالعزيز عبدالله سالم الذي أنشأ فيما بعد الاتحاد الافريقي.. وهو العضو الدائم في إحدي لجان الفيفا.. وقرر الاتحاد إعادة المباراة بعد ثلاثة أيام في طنطا.. وإيقاف حسين إمام وتوني وطلعت عبدالحميد واحالتهم للتحقيق. رفض أحمد باشا عبود القرار وأخطر اتحاد الكرة بذلك.. الأهلي لن يلعب المباراة المعادة.. أرسل الاتحاد إنذاراً عن طريق محاميه للأهلي تسلمه أمين شعير مدير النادي.. الإنذار يخطر الأهلي رسمياً إذا لم يلعب المباراة المعادة يعتبر منسحباً.. واللائحة تنص علي أن النادي الذي ينسحب يهبط للدرجة الثانية!!! أرسل أحمد باشا عبود خطاباً "بعلم وصول" تسليم باليد في نفس وقت وصول الإنذار يقرر فيه أن الأهلي منسحب من عضوية اتحاد الكرة لا من المباراة فقط.. وبالتالي تقرر إلغاء لعبة "كرة القدم".. وسيعرض لاعبيه للبيع ابتداءً من الغد!!!! هنا قرر المرحوم عبدالعزيز عبدالله سالم دعوة مجلس إدارة النادي الأهلي ومختار التيتش مدير الكرة "لفنجان شاي" مع أعضاء مجلس إدارة الاتحاد في منزله بالزمالك.. وحضر الاجتماع بطبيعة الحال المرحوم محمود بدر الدين مدير الاتحاد ومساعده المرحوم عبدالمنعم الديب. وبعد الشاي وجاتوه جروبي وغير ذلك.. تم الاتفاق علي إصدار قرار من اتحاد الكرة بإلغاء المباراة المعادة واعتبار الأهلي فائزاً علي الترام 3/2 واعتماد النتيجة لاعتراف الجميع بأن المباراة تمت كاملة "تسعون دقيقة"..ثم صدر قرار آخر فيما بعد باعتبار الأهلي بطل الدوري لتقدمه عن الزمالك بثلاث فقط.. وكان الفوز أيامها بنقطتين.. فلا داعي لإقامة الباقي من المباريات!! وعاد الأهلي إلي مقبرة الاتحاد مرة أخري. *** أطرف ما حدث في منزل عبدالعزيز عبدالله سالم رئيس الاتحاد مبادرة فكري باشا أباظة وكيل الأهلي في بداية الاجتماع بأنه بصفته وكيل النادي موافق علي هبوط الأهلي لدوري الدرجة الثانية.. وضحك الجميع.. وبالطريقة الأهلوية الاخوة الحميمة. قال عبود باشا وهو يضحك.. يافكري أرجوك اسكت خالص.. مش وقت هزار.. وكان رد فكري باشا عليه بأنه يتمني أن يلعب الأهلي في دوري الدرجة الثانية لأن الجماهير كلها ستتابع هذا الدوري الغلبان المسمي ب "دوري المظاليم"!!! *** أخيراً.. عزيزي حسن حمدي صديق العمر.. لست أحمد باشا عبود الذي يهز الدولة كلها.. ويجبرها علي تلبية كل طلباته. هذه الأيام الجميلة حيث كان هناك عمالقة كبار.. انتهت.. ويقولون في المثل "نامت القوارب.. وقامت الأنصاص"!!