ونحن نحتفل اليوم بنصر اكتوبر العظيم .. تذكرت تاريخ الجيش المصري علي مدار التاريخ حين نجح في دحض الطغاة والجبابرة. وقد شعرت بالزهو -كمصري - عندما قرأت ماذكره الصديق العزيز هاني بسيوني الملحق التجاري المصري في زيورخ حينما ذكر ان نابيليون الثالث استعان ببعض الجنود المصريين في حربه ضد المكسيك .. وقد طلبت منه ان يمدنا بما توصل اليه من معلومات في هذا الصدد.. فارسل مايثلج الصدور من وقائع تاريخية . حاولت سردها بايجاز حتي تتناسب مع المساحة المتاحة. * الملحمة تبدأ عندما أراد نابليون الثالث ان يحقق توازنا مع نفوذ الولاياتالمتحدةالامريكية في خمسينيات القرن التاسع عشر وذلك بتأسيس حكومة ملكية كاثوليكية في المكسيك تكون تابعة لفرنسا . منتهزا فرصة اساءة حكومة المكسيك معاملة رعايا فرنساوانجلترا واسبانيا . فأتفق مع حكومتي انجلترا واسبانيا علي استخدام القوة المسلحة لاخضاع المكسيك عام 1861 ولكن مالبث الخلاف أن دب بين الدول الثلاث . فسحبت انجلترا واسبانيا جنودهما من المكسيك في ابريل 1862 وبذلك انفردت فرنسا بالقتال في تلك البلاد ولما كان نابليون الثالث صديقا لخديوي مصر انذاك ¢ سعيد باشا ¢ فقد ارسل اليه يطلب معاونته بوحدة من الجنود المصريين. فوافق سعيد وأرسل اليه أورطة " كتيبة " مؤلفة من 453 ضابطا وجنديا مكونا من أربع بلوكات " سرايا " تابعة للالاي " لواء " المشاة التاسع عشر . وكان جنودها يتألفون من مصريين وسودانيين . وغادرت الأورطة الأسكندرية في 8 يناير 1863 بقيادة البكباشي ¢ مقدم جبر الله محمد ¢ . ووصلت الي ميناء ¢ فيراكوز ¢ اكبر مؤاني المكسيك في 23 فبراير . * جاءت التقارير الفرنسية الاولي تصف الأورطة المصرية بحسن الانضباط شكلا وسلوكا نظرا لشجاعتهم وبراعتهم في اطلاق النار. * عندما حوصرت مدينة " بوبيلا " ثاني اهم المدن المكسيكية في الفترة من 23 يناير الي17 مايو 1863 بواسطة متمردي المكسيك سقطت وأستسلمت حاميتها المكونه من 26 جنرالا و 900 ضابط و 12 ألف جندي . وكان من الضروري الاحتفاظ بطرق المواصلات بينها وبين الساحل. لذلك تم تكليف الاورطة المصرية بحراسة هذا الخط في منطقة الاراضي الحارة . ويمكننا معرفة نتيجة اداء الجيش المصري لهذه المهمة في تعبير القائد الفرنسي العام في مدينة " فيراكروز " عن اعجابه بحسن اداء الأورطة المصرية في تقريره الذي قال فيه : ¢ أنه يعجز عن مدي امتنانه وشكره لهولاء الجنود الذين يستحقون الاطراء والثناء من جميع الوجوه ¢ . * في مايو 1863 سقط قائد القوات المصرية البكباشي ¢ مقدم حاليا ¢ جبر الله محمد ¢ اثر اصابته بالحمي الصفراء وخلفه في القيادة نائبه الصاغ ¢ محمد الماس ¢ وفي تأبين القيادة الفرنسية للضابط المصري المتوفي ذكر تقريرها الاتي : ¢ لقد كان علي جانب كبير من دماثة الخلق والتحلي بصفات عسكرية نادرة . كما كان محترما من الجميع لسلوكه الحسن وقيامه بالواجب علي الوجه الأكمل وتقديره الكامل للمسئوليات الملقاه علي عاتقه ¢ . * في 21 يونية 1863 أقيم في مدينة ¢ فيراكروز ¢ احتفال حضره القائد الفرنسي العام " المارشال فوريه " اشاد بحسن الاداء القتالي للاورطة المصرية فيما خاضته من معارك كافأها علي ذلك في 28 سبتمبر 1863 ومنح افرادها علاوة نقدية . وميزوا بشارات خاصة توضع علي أذرعتهم. * في تقريره .. كتب القائد الفرنسي الي وزارة الحرب عن معركة دارت في 12 يوليو 1864 وسادها قتال وصف جنود مصر بقوله : ¢ ان هولاء الجنود الذين لاتسمح نفوسهم بالهزيمة يستحقون كل ثناء .. واني لم أر في حياتي مطلقا قتالا نشب في سكون عميق وحماسة نادرة مثل ذلك الذي خاضه هولاء الجنود . فقد كانت أعينهم وحدها هي التي تتكلم وجرأتهم تذهل العقول حتي لكأنهم ما كانوا جنودا بل اسود ¢ . * اثناء مطاردة للمكسيكيين ذكر القائد الفرنسي في تقرير له :¢ لقد قاتل المصريون قتالا باهرا دام ساعة واحدة . وليس بيننا من لايذكر هذا القتال بالاكبار والاعجاب ¢ وقام القائد الفرنسي بمنح ضابط الصف ¢ عبد الله حسين باشة ¢ وساما عسكريا للبسالة التي أبداها في تلك المعركة . والجرح الذي أصيب به وعدد القتلي من الاعداء الذين أجهز عليهم وحده وكان عددهم ستة أمثال عدد الجنود المصريين الذين شاركوا في هذه المعركة وقد كتب قائد الأورطة الي الخديوي اسماعيل تقريرا بالمعارك التي خاضتها الأورطة . فأرسل اليه كتابا في 24 اكتوبر 1864 أظهر فيه رضاءه التام عن شجاعة واداء ضباط وجنود الأورطة المصرية. ** هذا قليل من كثير في ملحمة دونتها كتب الفرنسيين .. انه فخر لاندعيه.