كافح الشعب الجزائري منذ احتلال فرنسا لأراضيه العام 1830 ميلادية كفاحاً شرسا، و لم يمر عام إلى العام 1962 ميلادية إلا و كافح هذا الشعب بصورة أو بأخرى ضد الاستعمار. خاض الفرنسيين حربا شرسة لإخضاع التراب الجزائري للسيادة الفرنسية ، حتى أبادوا أكثر من مليوني شهيد خلال سنوات الاحتلال الأولى ، باعتراف الجنرال برنار وزير الحرب الفرنسي ، في شرحه للأسباب الموجبة لتشريع قانون 24 شباط فبراير 1833 ، الذي قال : " يجب أن ندخل في الحساب كل شئ ، حتى إبادة السكان المحليين ، فلربما كان الحرق و الهدم و تخريب الزراعة ، الوسائل الوحيدة لتثبيت سيطرتنا " كانت فرنسا تخطط لغزو الجزائر نظرا لميراث الحروب الصليبية الحروب الممتد منذ سقوط مدينة غرناطة في يد ملوك إسبانيا الصليبيين ، فقامت حرب بحرية بين المسلمين و الصليبيين ، كانت الغلبة فيها للمسلمين حتى شكل القائد العثماني الجزائري خير الدين بربروسا الأعرج رعبا لأوربا ، فصاغت المخيلة حوله أساطير أوربا . هاجر إلى الجزائر العاصمة عدد كبير من الأندلسيين فارين من قسوة محاكم التفتيش أو التهجير القسري ، لذا فقد حمل سكان الجزائر مرارة شديدة تجاه أوربا الصليبية التي خاضت حربا شرسة على سواحل جنوب البحر المتوسط ، جسد هذا كله الأديب الجزائري واسيني لعرج في روايته البيت الأندلسي ، كما جسد كفاح و كرامة الأمير عبد القادر الجزائري في مقاومته للاحتلال الفرنسي في رواية الأمير عبد القادر الجزائري . لذا فأن العودة إلى التاريخ الفرنسي تكشف أن فرنسا في عهد نابليون بونابرت في العام 1808 ميلادية أرسلت وفدا علميا لمسح الأراضي الجزائرية و إمكانيات الجزائر ، فكتبوا وصف للجزائر يسهم في التمهيد لاحتلالها و استنزافها و هو يذكرنا بكتاب وصف مصر ، وكتاب وصف الجزائر للأسف الشديد لم يترجم إلى الآن إلى العربية . الشعب الجزائري شعب مقاوم لا يكف عن المقاومة ، فمنذ احتلال الجزائر العام 1830 ميلادية إلى استقلالها العام 1862 ميلادية ، هناك ثورات مستمرة ، منها ثورة 1864 ميلادية ، و هي الثورة الثالثة بعد الاحتلال بدأت بزعامة سي سليمان .. الذي قاد حركة مقاومة من الجنوب نجحت ، فتحرك لها الجنرال بوبريت ، و في الطريق كمن له الثوار وطوقوه بجنوده ، و نشبت معركة حامية قضى في نهايتها الثوار على جميع جنوده و ضباط القوة الفرنسية و على رأسهم الجنرال بوبريت ، وكان سي سليمان قد خف إلى حيث كان القائد الفرنسي يرقد غارقا في دمائه و يلفظ أنفاسه الأخيرة ، و قبيل أن تخمد أنفاسه إلى الأبد تمكن أن يطلق الرصاص على زعيم الثورة فاستشهد سي سليمان و خلفه في القيادة شقيقه سي الأزرق ، وكان لانتصار الثورة وفتكهم بجميع جنود القوة الفرنسية التي كانت قد وجهت للقضاء عليهم ، دويه الهائل في كل من الجزائر و فرنسا ، فجن جنون نابليون الثالث فأرسل قوة حربية استمرت لعشرين عاما متواصلة في معارك مع الثوار المسلحون بأسلحة قديمة ، و بأخرى استولوا عليها من الجنود الفرنسيين ، و في نهاية هذه الثورة تمكنت المدفعية الفرنسية الثقيلة من إخماد الثورة الوطنية الجزائرية في العام 1884 ميلادية . ترك الجزائريين بمقاومتهم و تمسكهم أثر كبير في الأدب الفرنسي ، حتى كتب الشاعر الفرنسي الحر جاك دي بوا قصيدة شهيرة عن شمال أفريقيا يقول فيها : باسمك يا شمال أفريقيا أي كل البلاد التي لا تقهر لا البطش يا شمال أفريقيا و لا القواعد العسكرية لا المدن التي نسفت في وحشية ولا الدماء التي تسيل بلا توقف كل هذا ياشمال أفريقيا لن تقتل فيك الاندفاع الحار