لم ينم بعمقٍ منذ شهور, لكن هذه الليلة مختلفة استيقظ قرب الفجر، شيءٌ ما داخله نبهه, أسند ظهره إلى الجدار, ضم ركبتيه إلى صدره, بدا أشبه بتمثالٍ حجري, مع تحديق عينيه -دون أن ترمشا- نحو الباب. دقات قلبه تتسارع, أنفاسه تتلاحق, لم يشعر بالعرق البارد ينهمر على جبهته, كل تركيزه ينصب على اللحظات القادمة. مزيجٌ عجيبٌ من المشاعر ينتابه, الخوف والرهبة وكذلك اللهفة, لقد تعذب كثيرا من طول الانتظار, كان خائفاً من لحظة المواجهة معها, كابوسٌ يزوره كل ليلة، لكنه هذه المرة يعيش الكابوس. إنها الليلة المرتقبة. يسمع صوت خطواتٍ تقترب, ينكمش فى نفسه أكثر, يتمنى أن يختفي...يتلاشى. يتوقف صوت الخطوات, الباب ينفتح ببطء وثلاثة رجالٍ أشداء,لا تحمل وجوههم الرحمة ينقضون عليه, الرعب شل جسده, فحملوه مستسلماً, أراد أن يصرخ, لكن حنجرته لم تسعفه, ترتعش شفتاه, يجف حلقه, أفكاره مشوشة, أعماقه مضطربة. يحملونه ويجرونه فى آنٍ واحد,عيناه الزائغتان, تدوران فى محجريهما, يراها في انتظاره, مبتسمةً فى توحش. آخر ما يلمحه، تلك اللافتة: (غرفة الإعدام)... كلمتنا أكتوبر 2009