مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يبدأ بدورته الرابعة والثلاثون , تهفو الأفلام من كل أنحاء العالم إليه , تتزاحم نجوم الفنانين في سماء القاهرة , يطوفون حول قبلة الفن الشامخة تحت سماء أرض الكنانة ,تختلف الثقافات واللغات والأفكار والمبادئ ولكن الفن بسحره وروعته يقرب تلك الإختلافات ليتفق الجميع في وضع الجلوس أمام شاشة السينما ومشاهدة الفيلم الذي ينتشر بصوره وحركات أبطاله على سطح تلك الشاشة , تنطفئ الأنوار وتستولي السماعات الناقلة للحوار – الذي يكون كثيرا صامتا – على كل جوارحك , وتبدأ رحلتنا في التعرف على الثقافات المختلفة . حرصنا ونحن في عمر الزهور ( مع التحفظ على تشبيهنا بالزهور ) , أن ننطلق إلى ذاك التجمع المبهر من الثقافات المختلفة ( الكلمة دي اتكررت كتير أوي ) ونتعرف عليها , ونتحول من أبناء لمجتمع شرقي منغلق إلى أبناء لمجتمع شرقي منغلق ولكنهم مرتادون لأفلام المهرجان . أحلى حاجة في الموضوع إننا لمينا نفسنا كشلة (بس مش منظر زهور خالص) , وقعدنا نتثقف ونتفرج على الأفلام , إيشي سويدي على سنغافوري على " صيني " على بولندي – هولندي – روسي – فرنسي , وكل الجنسيات حول العالم . وطبعا أفلام المهرجان تكون ذات طابع خاص , ومذاق " خاص " أيضا , المتعة التي تتمثل في مشاهدتها توازي مشاهدة تمثيلية الساعة 7 ونص , اللي كنا بنام بعدها عشان المدرسة زمان خالص , ونمسك الشال الصوف الذي تحمله صديقتنا ونفرده علينا وندخل في الحلم الأولاني , ومع تكرار وضع النوم الذي نتخذه في كل فيلم ندخله لم يكن من الغريب أن الناقد - الذي نجده في كل قاعة وكأنه معشش فيها - يخرج عن شعوره ويطلب منا بمنتهى الهدوء والذوق " وطوا صوت الشخير لو سمحتوا " !!! ولا بأس من التمسك بالأمل وتمني مشاهدة فيلم لا يجبرنا على أن ننام فيه , ووصل اليأس بنا أن نبحث عن فيلم كوالالامبوري حتى , ولكن التركي الذي رأينا " نور " تتألق على الشاشة فيه أجبرنا على عدم النوم ورمينا الشال عند أقرب زبالة , لنستمتع استمتاع ليس له مثيل , ويستمر الإستمتاع بأن نسمع رنة موبايل " إلا صلاتي " في قاعة يعرض فيها فيلم تركي !!!!!!!!!! وطبعا أختكم في الله لا يُبل في فمها قلقاسة ! وبمناسبة القلقاس والأكل والذي منه , كان " توم أند بصل " هو صديقنا المقرب في أيام المهرجان , يعني إحنا نخرج من فيلم فرنسي نطلع نضرب كشري , نضرب كشري نروح داخلين فيلم سويسري , منتهى الثقافة ! وليس من الغريب أن نأتي وعمو بتاع الكشري يرحب بينا ويقولنا " اتأخرتوا نص ساعة النهاردة ليه ؟؟؟ " وأجيبه " معليش يا عمو أصل كان فيه ندوة بعد الفيلم " !! وينتهي المهرجان لأصبح مستودع كشري متنقل على وجه البسيطة . فثقافة الكشري تطغى على ثقافة المهرجان ونظل كما نحن أبناء لمجتمع شرقي منغلق , لا يجيد سوى الشخير في أفلام متعددة الثقافات .