الحكاية الرابعة (شيماء) مرَّت الأجازة الصيفية في ذكرى (نسمة)، اقْتَنَعْتُ أنني لن أحب ثانيةً، وخصوصاً أنها أتت بعد خيانة صديق، فكانت الأمور واضحةً بالنسبة لي... "الدنيا قاسية" . كنت في المدرسة دائماً شاب وسط.. يعرفني "العيال الفاقدة" ويحبني "العيال المحترمة"، وطوال عمري لم أختار أي جانب فيهم، وبَدَأَتْ (أولى إعدادي)، مبنى آخر، مكان جديد، فصل جديد، و.. فتاة جديدة... أو (شيماء) هنا اختلفت كل مقاييس الطفولة، لأنني كنت قد نضجت مبكراً عن أصدقائي وازداد طولي فجأة، وكانت مأساة في البيت لأنني كنت لا أعرف أبعادي جيداً، عشرات المقاعد ارتَطَمْتُ بها في قدمي، وعشرات الأبواب ارتَطَمْتُ بها في كتفي، وكان أكثر المواقف إحراجاً عندما كنت أُحَدِّث صديقي وأنا أُلَوِّح بيدي مازحاً "بهوشه".. لأجد يدي ترتطم بوجهه في صفعة رن صداها في الفصل كله . المهم ازداد طولي وأصبح صوتي خشناً، فبدأت أنظر للفتيات نظرة مختلفة، وكانت (شيماء) تملك أجمل عيون رأيتها في حياتي، تلاحظ معي أنها أول مرة أذكر فيها "العين"، فيما سبق كان شعرها وسرعتها . كنت أجلس خلفها في الفصل وتجاذبنا أطراف الحديث.. ووجدت أنني "أحبها".. دون مقدمات أو أسباب، وهنا بدأتْ أول مشاعر مراهقة عنيفة تجتاحني، في تلك المرحلة من العمر يصبح الحب طاقة ما، عاطفة جياشة تجعلك تقتنع بكل شيء.. لذا تحولت (شيماء) إلى ذلك الملاك الهابط من السماء، لا أعشق إلا لون عينيها الأخضر، أتخيل أنني الفارس وهي من أنقذها، وأعتقد لو عَرَفَتْ (شيماء) كم مرة جعلتها مقيدة في وكر عصابة أو في خطر أمام أتوبيس.. لكَرَهَتْ نفسها قبل أن تكرهني، ثم أفاقت كل مشاعري.. فبدأت أكتب . أولي إعدادي.. إحدى عشر سنة.. كتبت أول رواية لي بسبب (شيماء)، كانت سلسة أعداد إسمها (مذكرات ولد في المدرسة)، كل رواية منها تزيد عن ال(200) صفحة، فقط من أجل مشاعري ناحية (شيماء)، وأيضاً مشاعري ناحية تلك الفترة في المدرسة . وظللتُ أحبها حتى (تالتة إعدادي)، وهي بالتأكيد كانت تعلم.. فأنا كنت أوضح من طفل فعل شيئاً خطأ ويداريه، حتى أتت (تالتة إعدادي).. لأعلم أنها ارتبطت بواحد زميلنا في المدرسة، شاب من "العيال الفاقدة".. لكنه كابتن ذو شخصية جذابة، وكان أول جرح حقيقي لي.. فعلاً لم أأكل وقَلَّ وزني لدرجة ملحوظة، واكتأبت اكتئاباً شديداً، وقررت أنني لن أحب ثانية أبداً . لكنني سأظل ما حييت أدين ل(شيماء) بفضل.. أنني كنت لا أفعل شيئاً عندما أحببتها.. وأصبحت شخصاً كتب أربع روايات طويلة... (ليست جيدة بالتأكيد)، لذا فأنا أُهدي تلك الحكاية لها، لأنني سأظل عمري كله أذكر لها أنها من علمتْنِي سر القلم والتأليف فقط... بعينيها الخضراء . الحكاية الأولى www.kelmetnamag.com/klamlek/ehky/ الحكاية الثانية www.kelmetnamag.com/klamlek/ehky/ الحكاية الثالثة www.kelmetnamag.com/klamlek/ehky/