بعد فوزه بمنصب العمدة التنفيذي لحي " تاور هاملتس " الواقع بشرق لندن، والذي يتميز بالتنوع الثقافي, تعهد "لطف اللطف الرحمن" أن يقدم نموذجا رائعا وقدوة يُحتذى به من خلال "الوصول إلى كل شرائح المجتمع"، ليصبح بذلك أول مسلم يصل إلى هذا المنصب. وقد قدم "لطف اللطف الرحمن" هذا التعهد, بعد انتخابه في 21 أكتوبر في تاور هاملتس فيما يعد سابقة هي الأولى من نوعها, خلال زيارة تفقدية لثلاثة مشاريع محلية في بريطانيا تخضع للتجديد, كما وعد بالتصدي للمصاعب الاقتصادية التي عانت منها البلدية على نطاق واسع في أعقاب هزيمته الثقيلة لمنافسه الرئيسي في حزب العمال, هلال عباس, وذلك في نهاية حملة انتخابية مريرة ومثيرة للجدل، أدت إلى انقسام حاد في صفوف حزب العمل محليا. وفور خلافة عباس له, نافس لطف الرحمن, الذي كان زعيما لحزب العمل في مجلس تاور هاملتس من 2008 حتى مايو من هذا العام, على منصب رئيس البلدية بوصفه مستقلا عقب استبدال اللجنة التنفيذية لحزب العمال مرشح الحزب به، على الرغم من فوزه بأغلبية مريحة في اقتراع أعضاء مجلس تاور هاملتس. ولم يستسلم لطف الرحمن لما حدث, بل اتبع في الإجراءات القانونية المعتادة لمنع استبعاده وإقصاءه من هذه المنافسة, إلا أن لجنة الانتخابات الوطنية تحركت ضده بقوة بعد تلقيها شكاوى من كبار أعضاء الحزب المحليين بما فيهم عباس, الذي ادعى في بيان مكتوب وجود مخالفات في عملية الانتقاء، وأن لطف الرحمن قد انتفع منها، زاعما أنه قد تعرض ل "غسيل مخ" من قبل المنتدى الإسلامي في أوروبا. وبدوره نفى المنتدى الإسلامي الأوربي وجود مثل هذه العلاقة مع لطف الرحمن, كما نفى لطف الرحمن كل ما وجهه له عباس من اتهامات. وفي زيارته الأولى العامة للبلدية, شدد لطف الرحمن على أنه أتى ب "اختيار الشعب", باعتباره المرشح المفضل لمجموعة واسعة من الناخبين وليس فقط لغالبية سكان تاور هاملتس ذوي الأصول البنجالية, والتي ينتمي إليها كلا من لطف الرحمن وعباس. وهو ما أكدته "ليل كولينز", التي وصفت لطف الرحمن بأنه "هو السياسي المحلي التي كانت بانتظاره طيلة 25 عاما", كما أشاد زعيم مجلس بريندا دالي, الذي يرأس رابطة المستأجرين والنزلاء, بمجهودات لطف الرحمن ودوره في إحداث تجديدات هائل، بالإضافة إلى زيارته للمقيمين والنزلاء دون مرافقة وسائل الإعلام في وقت متأخر من الليل في وقت سابق من هذا العام بعدما غمرت منازلهم الفيضانات, كما أضافت كولينز "عند رؤيته أشعر أنه شخص صالح". كما توجه لطف الرحمن لزيارة مكتبة بانكروفت وكان في استقباله النائب العمالي السابق ستان نيونز, الذي ولد في ايست اند ورئيس حملة إعادة فتح مبنى المكتبة والحفاظ عليها باعتبارها مركزا للمحفوظات في البلدية. جدير بالذكر أن هذه المحفوظات تُوثِّق تاريخ الطبقة العاملة والمهاجرين في لندن ومعركة عام 1936 في شارع كابل ضد حزب أوزوالد موزلي الفاشي, وقد كان هناك مخططا في ظل زعامة القائد السابق لحزب العمال لإزالة ونقل هذا الأرشيف والمحفوظات إلى عهدة كلية "ماري كوين" المحلية, إلا أن لطف الرحمن غير هذا القرار بعد اقتناعه أن هذه المحفوظات ستصبح أقل تناولا للجمهور, من أجل ذلك وصفه نيونز بأنه "رجل المرحلة من الدرجة الأولى". وللتركيز والتفرغ لأداء مهامه والقيام بمسؤولياته الجديدة, كعمدة تاور هاملتس, تخلى لطف الرحمن, الذي يعمل محاميًا, في الوقت الحالي عن عمله في شركة قانونية حيث يتخصص في قانون الأسرة, قائلا: علي أن أثبت "لشعب تاور هاملتس, بما فيهم المجتمع الإسلامي, أنني السياسي الذي يتناغم مع تطلعاتهم", مشيرًا إلى أن تراجع شعبية حزب الاحترام في الحي يرجع إلى قدرته على "الانخراط مع المسلمين شيبًا وشبابا". ومع ذلك, لا يزال زملاؤه السابقين يهاجمونه, ويزعمون أنه كان عميلا لحزب الاحترام, وهو الحزب الذي دعمه وسانده في الانتخابات, وزادت حدة انتقادات معسكر عباس أيضا بعد ظهور كين ليفينجستون, عمدة لندن, جنبا إلى جنب مع لطف الرحمن في الحملة الانتخابية. يذكر أن حزب العمال استطاع في مايو الماضي استعادة مقعدي "بيثنال جرين وبو" البرلمانيين, وهما المقعدين اللذين فقدتهما لصالح حزب الاحترام في عام 2005, كما تخلص من كافة أعضاء حزب الاحترام فيما عدا عضو واحد في المجلس, وقد قام العديد من أعضاء حزب العمل في المجلس بالانسحاب أثناء ليلة خطاب قبول انتخاب لطف الرحمن, كما صوتت مجموعة من المجلس في وقت لاحق ضد قبول مناصب في مجلس الوزراء حيث يشغل فيه لطف الرحمن منصب عمدة البلدية. وفي ظل وجود 32 عضوا من حزب العمال يسيطر على قاعة المجلس, ومجموعة الثمانية المحافظة القوية, فقد يقتصر العمدة الجديد في أي مجال على دور محدود للغاية.