تدمع عينها وتهمس له: "قُلها لى... أرجوك لتقُلها، لقد مللت تلك السنوات، أنتظر كل يوم عسى أن أسمعها منك، قُلها وأعيد لي أنفاسي المحتجزة، قُلها لكي أشعر بدمي المتجمد، كي أستعيد روحي التي سَلَبَتْها الأيام وأخذت من بقايا الأيام عطر أتعطر به لعله يشفينى . ينظر إليها غاضبا: "يالكي من إمرأة جشعة، لم يُرضيكي كل هذا المال، لم يملأ عينكي القصور والمجوهرات"، تقترب منه قليلا..ً تبكي بصوت منخفض: "لا أريد المال، لا أريد القصور والمجوهرات بل أريد كلمة، كلمة ينطقها فمك ترحمني تحررني، عسى أن أنسى ذكرياتي معكَ، نعم.. لم يملأ عيني القصور والمجوهرات، ولم يرضني المال . كنت لك خادمة كل تلك السنوات، كنت أماً لأطفالك، كنت لك زوجة محتقرة ولم أكن فى يوما حبيبتك، فليكن هناك وقفة، أوقف هذه المسرحية، فلتقل هذه الكلمة لتغير بها ترس الأيام، وقف يضرب كفاً بكف ثم يتوجه إلى الباب خارجاً، تقوم من الفراش تجري نحوه وتركع ممسكة ببنطاله: "أتوسل إليك، أسألك بالله أن تقولها، لا تتركني هكذا.. لتقولها مرة واحدة، لا تكن بخيلاً، أنا على فراش الموت وبينى وبين الموت أيامٌ قليلة، فلا تبخل . تبكي بشدة.. ترتعش وتقبل حذاءه: "فلتعطي سكراتِ الموت مذاقاً، فلتهديني كلمة تكن لي قبراً في أيامي الأخيرة، أعطني كلمة تكن لي كفناً على فراش الموت، "مسك بيدها وأوقفها وأعطاها كلمة الحرية وقال لها: "أنتِ طالق" وذهب خارجاً، نظرت إليه في دهشة قائلة: "طالق!!".. لم تكن هذه الكلمة التي أنتظرها منذ سنوات، بل أحبك.. أحبك هي الكلمة التي ستعطيني أنفاسي، ياليتك ظللت بخيلاً ولم تقل شيئا، لم تفهمني؟.. أم أنك بخلت أن تقولها لي ؟، تمنيت عمري أن تقولها لي ولو لمرة واحدة، طيلة تلك السنوات أنتظر كلمة، آملة حالمة بسماعها، تمنيت أن أدفع عمري أجراً، ولتكن روحي دَيْناً في سبيل سماعها، "أحبك" يالها من أمنية، تلطقت أنفاسها الأخيرة وهي تنظر إليه من الشباك يرحل، تودعه وياله من وداع، ثم تبتسم وتقول: "أحبك".. وتسقط جثة آملة فى أملٍ مستحيل .