عن التوت الذي لا يؤكل إلا سرقة .. أحكي .. عن شجرة التوت أمام البيت المجاور لمنزلنا .. نتعفف – أطفالا- عن تسلقها و قطف توتها .. ترق الرياح و تكافئنا علي أدبنا و تربيتنا .. فتهز أغصان الشجرة .. و يتساقط التوت الأحمر علينا زخات .. زخات عن الصغيرتين اللتين كانتا تصنعان الضفيرة الأبهي بين البنات بدمج شعريهما في ضفيرة واحدة .. لتستحق المصففة شهادة الأيزو في الصبر و الكفاءة ..و تستحق الصغيرتان أيزو الإصرار و الابتكار .. عن صاحبتيّ التنورتين المدرستين القصيرتين المنفوشتين .. تقفان في حضرة شمس تستأذن في الشروق و تنتظران باص المدرسة .. و زوجين من الجوارب بحافة دانتيل يتدلي كل منهما علي حذاء أسود لامع .. تشعر كل منهما بالخجل لقصر التنورة في ذات اليوم .. فتستبدلانهما في اليوم التالي بفستانين طويلين لا يظهر من تحتهما دانتيل الجوارب .. عن صراع أزلي بين كلام المفروض أن يقال .. و كلام صادق لا يصح أن يقال .. يقال .. فيقطع من شدة صدقه وتر رقيق مشدود لم يكن ليرتخ أبداً .. عن حفل زفاف و زيطة وزمبليطة و صداع لم تكن لتصاب به لو أنك حضرته .. و أضواء وكهارب تترصد شباك حجرتك ..لعلها تصالحك و تشفي جرح كرامتك .. و لكنها لا تكفي .. عن أزرار تليفون معصلجة تستعصي علي الاتصال .. و ذاكرة رقمية حدبدية تنسي أهم رقم تليفون في حياتها .. فلا يتم الاتصال أبداً عن سنوات فاترة تمضي في لمح البصر .. و ماضي أسوأ ما فيه أنه تركك و مضي .. أحكي اليوم .. و لا أشعر بالحنين.. فهو من تخلي أولاً..