نفس الملحوظة...الأسماء غير حقيقة ولكن الأحداث حقيقية تماماً ______________________ الحكاية الثانية (داليا) كَبِرْتُ قليلاً.. ولم أكن قد نسيت (سمر) بعد، وبدأَتْ الشلة تصغُر شيئاً فشيء.. أصبحنا ثلاثة أولاد و سبع بنات فقط، وكان الولد الذي انضم إلينا حديثا إسمه (إيهاب)، كان شقيق (سعاد) - الزعيمة - أصبحنا أنا وهو أصدقاء بسهولة، كان وسيماً وشعرُه أصفر، عينه بنية وأسمر قليلاً، كنت لا أعرف لحظتها أنه هو و(سعاد) من أم سعودية . كان عمري سبع سنين.. في أولى ابتدائي، عندما بدأت أُفكر في )داليا)، كانت داليا موجودة أيام (سمر) لكنها كانت أصغرنا، وعندما ابتعدت (سمر) بدأت ألاحظ (داليا)، لم تكن بجمال (سمر) بنفس مقاييس الطفل.. فكان شعرها قصير ولا تركض بسرعة مثلي، لكنها كانت أقصر مني . بدأت المشاعر تختلف ناحيتها، لكنِّي عرفت لحظتها ما اسم تلك المشاعر.. لذا فقد قررت أنني "أحبها"، وكنا شاهدنا أفلاما عربية وبدأنا نفهمها.. لذا قررت أيضاً أنني أريد أن أتزوجها، أكثر ما أحب في تلك الفترة هي ما كنا كأطفال مقتنعين به، أنا كنت مقتنع أن الزواج يحدث بتلامس الأيدي، إذا أردت أن أنجب طفلاً.. أذهب للمأذون وأمسك بيد زوجتي لننجب طفلاً، وظللت عمراً أحرص بشدة ألا ترتطم يدي بأي فتاة خطأ.. حتى لا يصبح طفلي (ابن حرام) ويفتضح أمره في الأفلام العربية . المهم كتمت مشاعري حتى أصر (إيهاب) على أن أقول له من هي حبيبتي، لأخبره في النهاية أنها (داليا)، لأجده يبتسم في سعادة و يقول "وأنا كمان بحبها"، لحظتها كان خبر سعيد جداً بالنسبة لنا.. أنا وصديقي الصدوق نحب نفس الفتاة، لذا قررنا أن نتزوجها معاً، وأنَّ كل واحد مننا - بعد الزواج طبعاً - سيمسك بيد لننجب أطفالنا، ولحظتها - لحظتها فقط - بدأنا الشجار، لأنني كنت أريد اليد اليمنى وهو أيضاً، وانتهت المشكلة ب(ملك و كتابة).. وأخذت أنا اليد اليمنى . كان (إيهاب) أجرأ مني رغم صِغَر سنه.. فقرر أن يخبرها، لذا في ذلك اليوم الذي لن أنساه أيضاً.. كانت (داليا) تريد شراء شيئاً من السوبر ماركت هي وأختها، فقلنا لأختها أن تذهب هي وحدها لأننا نريد (داليا) في موضوع ما، وأمام نظرات (داليا) المتسائلة قال (إيهاب) بكل ثقة "داليا... أنا وحمادة بنحبك وعاوزين نتجوزك، إيه رأيك؟"، احمَرَّ وجه الفتاة بشدة, ثم ابتسمت في سعادة و قالت "ماشي"، وعندما لم نفهم.. أكملت ناظرة لي و له "أنا موافقة ". وبدأت لحظتها - في رأيي - أغرب علاقة في تاريخ البشرية، لكننا كنا أطفال فتقمصنا ما رأيناه في الأفلام، كانت عندما تشتري أي شيء نذهب معها، (إيهاب) يحمل المشتريات وأنا أحمل (البيبسي)، وعندما تعترض.. أنظر لها بكل رومانسية وأقول في عمق "وحياة حبنا " فتصمت باسمة . هنا ظهرت أغنية حبيبة صديقي ل (راغب علامة)، وكنت لاحظت أنها تميل ل (إيهاب) أكثر.. فقلت لها يوماً بفروسية "أنا شايف إنك بتحبي (إيهاب) أكتر.. فأنا هانسحب"، لتنظر لي هي بنفس الابتسامة وتقول "ماشي".. وانسَحَبْتُ من العلاقة، لذا يمكن اعتبار أن أول تضحية لي في حياتي وأنا في (تانية ابتدائي)، مرت السنين وأنا خارج تلك العلاقة، حتى أصبحت في (خامسة ابتدائي)، سنة (شيماء) لكن هذه حكاية أخرى . كنت في (خامسة ابتدائي).. وأتَى وقت رحيلي من المنطقة، وحدث أيضا ما لن أنساه، فعندما ودعتهم ووقفوا جميعاً معي لحين انتهاء "العزال".. ركبت العربة ناظراً لهم بدموعي، حتى بدأت العربة في التحرك، لأجدهم جميعاً يركضون خلف العربة وهم يلوحون لي بدموعهم و ضحكتهم، فعلوا الشيء الذي كانوا دوما يسخرون مني عندما أفعله... كتحية أخيرة لي . وظلُّوا يركضون ملوحين حتى اختفوا عن أنظاري تماماً، ليتركوا في قلبي أثراً لن أنساه ما حييت . وللحديث بقية...