لا أعلم بالظبط ما الذى كانت المحكمه تنتظره من عرض شرائط المخابرات الخاصه بأحداث موقعة الجمل.. هل كانت تنتظر مشاهدة ما يمكن أن يدين المتهمين فى شرائط مقدمه من جهاز كان يرأسه عمر سليمان.. الرجل الذى إحترمه المصريون لمدة سنوات ثم كرهوه فى أيام معدودات.. هل تتصورون أن الرجل الذى عينه الرئيس السابق مبارك نائبا له ووثق فيه فى تلك الفتره الحزنقله من تاريخ مصر على إستعداد لإدانة النظام الذى كان هو نفسه أحد أركانه الرئيسيه ؟!.. ولا أعلم بالظبط أى مستندات إدانه تلك التى تنتظروها إذا كنتم قد تركتم زكريا عزمى يذهب إلى مكتبه فى رئاسة الجمهوريه لمدة حوالى أكثر من شهرين بعد تنحى الرئيس السابق قبل أن يتم القبض عليه.. هل تتصورون أن دكتور زكريا كان يذهب إلى مكتبه ليلعب سوليتير مثلا؟!.. ولا أعلم بالظبط أى جمال تلك التى تبحثون عنها فى شرائط المخابرات.. بينما أنتم لو إستوقفتم أى مواطن من هونج كونج مثلا وسألتوه عن موقعة الجمل بتاعة الثوره المصريه سوف يخبركم بأنه قد رآها على شاشة التليفزيون وربما يخبركم كمان عن عدد الجمال والأحصنه التى قد شاهدها سكان كوكب الأرض جميعا على شاشات التليفزيون وهى تخترق ميدان التحرير أيام الثوره.. لا زلت أتذكر حتى الآن تعليق مذيعة السى إن إن على مشهد دخول الجمال والأحصنه والبلطجيه إلى الميدان.. «أوه ماى جد.. كاميلز.. هورسيس.. أوه.. أوه».. إسألوا مذيعة السى إن إن وسوف تخبركم بالحقيقه! و لا أعلم أيضا لماذا نلف وندور حول أنفسنا.. على الرغم من أن جميعنا نعلم أن بلطجية موقعة الجمل هم أنفسهم بلطجية موقعة العباسيه هم أنفسهم بلطجية موقعة أحداث السفاره الإسرائيليه هم أنفسهم بلطجية الموقعه القادمه اللى زمانهم قاعدين بيخططولها دلوقت.. لماذا نصيع على أنفسنا وعلى بعضنا البعض.. لماذا لا يخرج رجل واحد شجاع ممن يحكمون مصر الآن.. ويخبرنا بالحقيقه المتمثله فى أن البلطجيه أحد الأعمده الرئيسيه فى وزارة الداخليه وأن سيستم العمل الشرطى فى مصر ليس مستعدا بعد للتخلى عن تلك القوه الضاربه.. خصوصا والبلد داخله على إنتخابات تعد هى السبوبه الرئيسيه لهؤلاء البلطجيه على مدار أعوام كثيره ماضيه.. أعلم جيدا أن هذا الرجل الشجاع لن يخرج وأن تلك الحقيقه لن يخبرنا بها أحد.. ولكن لماذا ننتظر أحدا ليخبرنا بحقيقه نعرفها جميعا.. طالما أننا بالفعل نعرفها؟! قد تكون هناك رغبات حقيقيه ونبيله فى إنجاح الثوره لدى بعض المسؤولين الرسميين فى الدوله ولكن هناك أمامها أضعاف أضعاف الرغبات الحقيقيه برضه فى إفشال الثوره لدى مسؤولين رسميين آخرين.. يضغط الثوار فترجح كفة بتوع إنجاح الثوره ثم يتدخل البلطجيه لتشويه صورة الثوار فترجح كفة بتوع إفشال الثوره.. تلك هى اللعبه الآن.. وهى لعبه قد لا تنتهى.. طالما أن المسؤولين الرسميين فى الدوله لا يريدون لها أن تنتهى..قارئه جميله أو قارىء عزيز يسألنى.. «طب وماذا عن الشعب؟!.. هل هو خارج تلك الحسبه؟!».. لأ طبعا.. الشعب هو الحسبه ذاتها.. هو موضوع اللعبه الرئيسى.. هو قوامها وعمودها الفقرى ومن غيره مافيش لعبه من أساسه.. ولكن المشكله أن الشعب طيب.. يلعب بأمانه وضمير ورغبه حقيقيه فى الفوز.. بينما خصومه فى اللعبه مقضيينها غش.. يحفز غشهم هذا أكثر ويعضده ويسانده تلك الحقيقه المتمثله فى أنهم هم أنفسهم اللى بيفنطوا الورق واللى بيوزعوه واللى بيقولوا النتيجه النهائيه.. وعلى الرغم من كل ذلك إلا أن تلك ليست هى المشكله.. المشكله الحقيقيه أن الشعب عندما يكتشف الغش لا يفعل أكثر من أن يرمى الورق على الترابيزه ويقف إستعدادا للمغادره والإنسحاب وهو يؤكد أنه.. « مش لاعب « ! المشكله أن الشعب قام بالثوره ضد الظلم والفساد والطغيان والإستبداد فى المطلق.. بدون أى مرجعيه سياسيه أو أيديولوجيه ديالكتيكيه أو فونومونولوجيا أنطولوجيه أو أى حاجه من الحاجات بتاعة النخبه المثقفه والسياسيين القح القافشين اللاهثين بينمكتب القناه دى وستديو القناه دى لطرش الكلمتين المثقفتين النخبويتين بتوعهم بسرعه قبل أن يقاطعهم المذيع أو المذيعه شاكرا إياهم ومعتذرأ لهم عن ضيق الوقت قبل الإنتقال إلى اللى بعده.. تلك هى المشكله.. أن الشعب بعد فوزه البريء والنبيل واللى من غير غش بالدور الأول.. جاء الدور عليه ليفنط هو الورق بصفته الفائز.. فما عرفش! المصدر : جريده التحرير