ما بين الخدم الفلبينيين، الذين يرتدون السترات البيضاء، كان متكئا فى أحد منازل طرابلس قبل أكثر من أسبوع رافعا رأسه وهو يشرب نخب النصر الذى بات قريبا منه كما يعتقد خلال استراحة قصيرة من قيادة كتائب والده العقيد الليبى معمر القذافى. إنه المعتصم، الابن الخامس للعقيد، الذى جلس يتباهى أمام صديقته الهولندية الشقراء تاليتا فان زون، التى ظلت تزوره بانتظام فى العاصمة طرابلس، مكررا أنه سيقود القوات للنصر على (الجرذان)... "يقصد الثوار كما يصفهم والده". هذا المشهد وغيره ظل يتلاحق فى ذهن تاليتا وهى جالسة وحيدة فى جناح مستشفى طرابلس بعد حياة الترف التى اعتادت عليها؛ حيث كانت تعالج بعد أن قفزت من شرفة الفندق الذى كانت تسكن فيه خوفا على ما يبدو من قيام الثوار بإضرام النار فيه. وقبل أن يتم إجلاؤها إلى مالطا، عبر سفينة، قررت الفتاة الشقراء أن تروى لصحيفة صنداى تليجراف البريطانية تفاصيل الأيام الأخيرة لنظام القذافى، ونظرة الوداع على أسرة قررت أن تقاتل حتى الموت من أجل السلطة. تاليتا تبدأ قائلة: "لقد صدمت عندما التقيت المعتصم لأول مرة بعد اندلاع الثورة فقد تحول من شخص مستهتر إلى محارب لا يرحم، صارت له لحية وكانت الأسلحة الأوتوماتيكية متناثرة فى كل مكان، وكان يخضع لحراسة من قبل فتيان يحملون رشاشات صغيرة". وكانت تاليتا قد التقت معتصم فى ملهى ليلى بإيطاليا عام 2004 ثم توطدت علاقتهما لمدة 3 أشهر قبل أن تخفت حينما علمت أنها ليست المرأة الوحيدة فى حياته إلا أنهما ظلا أصدقاء إذ انجذبت تاليتا إلى عالم معتصم الفخم الملىء بالهدايا والرحلات السياحية. وفى هذا تقول ذات يوم سألته كم تنفق من المال؟ رد على بعد دقيقة قائلا: "نحو 2 مليون دولار"، فقلت "هل تقصد سنويا؟" فأجاب: "لا شهريا". عندما كنت أسأله عن الشعب الليبى كان يجيب إن "المدارس والمستشفيات مجانية والطعام رخيص جدا". وعن القذافى، تقول: "كنت شغوفة جدا بمعرفته إلا أن معتصم لم يسمح لى قط بمقابلته، وقال لى إننى لابد أن أدخل فى الإسلام لكى ألقاه". وتؤكد أن معتصم كان لديه طموحات فى السلطة، وكان يستوحى نموذج والده، و"يتحدث معى كثيرا عن هتلر وكاسترو وتشافيز".. كان يقول: "أود أن أكون أفضل من والدى". وتكشف تاليتا عن أنه قال لها إنه حاول الاستيلاء على السلطة فى انقلاب، ولكنه فشل وتم نفيه إلى مصر لعدة سنوات قبل أن يسمح له بالعودة بعد عفو والده عنه الذى قام بتعيينه فى منصب مدير الأمن الوطنى، إلا أن هذا لم يمنعه من الرغبة فى المنافسة على مقعد ولى العهد مع أخيه الأكبر سيف الإسلام، بحسب تاليتا. وتؤكد أنه خلال الثورة كان كثيرا ما يقول خلال الاتصالات الهاتفية (تصفيتهم) و(بلا رحمة) فى إشارة إلى قوات الثوار. وتختم بأنه: "فى ليلة مهاجمة الثوار لطرابلس التقيته لتناول مشروب وقد بدا مسترخيا ويقارن بين الثورة فى ليبيا وأعمال الشغب فى لندن، معتبرا أن الثوار هم فى الحقيقة مجانين".