رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    محافظ الجيزة: خطة عاجلة لتحديث مرافق المنطقة الصناعية بأبو رواش وتطوير بنيتها التحتية    إعلام إسرائيلي: إقالة 15 ضابطا بعد توقيعهم على عريضة لإنهاء حرب غزة    رئيس الوزراء يؤكد موقف مصر الثابت الرافض لاستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة    رئيس مدينة طهطا يتفقد مصابي حادث انهيار منزل بقرية الشيخ مسعود بسوهاج    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    جامعة الملك سلمان تعلن مواعيد الكشف الطبي والمقابلات للطلاب الجدد    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم الجمعة 22-8-2025    الأمم المتحدة: عدد النازحين فى غزة بلغ أكثر من 796 ألف شخص منذ مارس الماضى    روسيا تعتقل عميلين للاستخبارات الأوكرانية وتجري مناورات فى بحر البلطيق    أفضل 4 لاعبين لتحقيق نتائج مميزة في الجولة الثانية بفانتازي الدوري الإنجليزي    محمد الشناوي يعود لتدريبات الأهلي بعد 3 أيام من وفاة والده    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الأفريقي    قرارات جمهورية مهمة وتكليفات قوية للحكومة تتصدر نشاط الرئيس السيسي الأسبوعي    البكالوريا أم الثانوية العامة.. تفاصيل الاختلافات الكاملة فى المواد والمجموع    وزيرة التنمية المحلية تستعرض تقريرًا حول مشروع التنمية العمرانية بمدينة دهب    الجارديان تحتفي باكتشاف مدينة غارقة عمرها 2000 عام بالإسكندرية    الإسكندرية السينمائي يحتفل بمئوية سعد الدين وهبة ويكرم نخبة من أدباء وشعراء مدينة الثغر    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    ما الواجب على من فاته أداء الصلاة مدة طويلة؟.. الإفتاء توضح    للرزق وتيسير الأمور.. دعاء يوم الجمعة مستجاب (ردده الآن)    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بدون عذر في ماليزيا.. وأحمد كريمة يوضح الحكم الشرعي    حملة «100 يوم صحة» تقدم 57 مليونًا و690 ألف خدمة طبية مجانية (أحدث إحصاء)    إجراء 101 عملية أنف وأذن و124 مقياس سمع بمستشفى العريش العام    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    ترامب يختبر القوة الفيدرالية في واشنطن ويمهّد لتوسيع قبضته على مدن يديرها الديمقراطيون    نجم الأهلي السابق يرشح هذا النادي كمنافس أول للدوري.. ليس الزمالك أو بيراميدز    مرموش: ريس جيمس أصعب خصم واجهته في الدوري الإنجليزي    تقارير تكشف: نتنياهو يقرر فجأة البدء الفوري في مفاوضات إنهاء الحرب على غزة    إيران: عراقجي سيجري محادثات هاتفية مع نظرائه من الترويكا الأوروبية لبحث الملف النووي    طقس اليوم الجمعة.. تحذيرات من رياح وأمطار وارتفاع للحرارة بعد ساعات    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    نائب وزير الإسكان يترأس اجتماع لجنة إعداد مُقترح لائحة قانون تنظيم المرفق"    قمة ألاسكا.. سلام «ضبابي»| ترامب وبوتين «مصافحة أمام الكاميرات ومعركة خلف الأبواب»    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 22 أغسطس 2025    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    مقتل شاب في الأقصر إثر مشاجرة بسبب المخدرات    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    بعد أزمة قبلة راغب علامة.. عاصي الحلاني يدخل على الخط (فيديو)    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    اليوم انطلاق مباريات دوري المحترفين بإقامة 3 مباريات    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل زوجين في «مجزرة سرابيوم» بالإسماعيلية    ليلة استثنائية في مهرجان القلعة.. علي الحجار يُغني المشاعر وهاني حسن يُبدع بالسيمفوني| صور    محمد رمضان ينشر فيديو استقباله في بيروت: "زي ما فرحتوني هدلعكم"    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    فطور خفيف ومغذ لصغارك، طريقة عمل البان كيك    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود درويش: يرسم صورة من الكوميديا السوداء للطاغية العربى «القذافى
نشر في كلمتنا يوم 29 - 08 - 2011

نشر محمود درويش هذا النص في أواسط الثمانينيات ضمن سلسلة أسماها «خطب الدكتاتور الموزونة»، وحاول بنثره الرفيع، وسخريته العالية، رسم صورة من الكوميديا السوداء للطاغية العربي، الذي استلهم صورته في هذا النص من شخصية العقيد معمّر القذافي، الذي أطاحت به الثورة الليبية قبل يومين. ومن الوقائع التاريخية أن معمّر القذافي نقش اسمه وأفكاره على الصخر ودفنها في رمال الصحراء الليبية لتعثر عليها الأجيال القادمة، كما غيّر التقويم السنوي في ليبيا، وكلها إشارات ترد في هذا النص الدرويشي البديع، الذي أعادت فصلية الكرمل الجديد الثقافية نشره مؤخراً.
ضَجَر
ضجر
ألا تشعرون ببعض الضجر؟
فمن سنة لم أجد خبراً واحداً عن بلادي
أما مِنْ خَبَرْ!
نُغيّرُ تقويمنا السنويَّ، وننقش أقوالنا في الرخام
وندفنها في الصحاري ليطلع منها المطرْ
على ما أشاء من الكائنات..
وأحمل عاصمتي فوق سيّارة الجيب كي أتحاشى
الضجر
.. وما من خبر!
وأكتبُ في العام عشرين سطراً بلا خطأ نحويّ
وتعرف، يا شعب، أني رسولُ القَدَر
وألغي الزراعة، ألغي الفكاهة، ألغي الصحافة، ألغي
الخبر
.. وما من خبر!
وأختصرُ الناس :أسجن ثلثاً، وأطردُ ثلثاً
وأبقي من الثلث حاشيةً للسَمَرْ
.. وما من خبر!
وأطبع وجهيَ من أجلكم فوق وجه القمر
لكي تحلموا مثلما أتمنى لكم: تُصبحون عليّ..
وما من خبر!
وأمنعُ عنكم عصير الشعير،
لأن الشعير طعامُ الحمير.. وأنتُمْ
أرانبُ قلبي، كلوا ما تشاؤون
من بصل أخضر أو جَزَرْ
.. وما من خبر!
وأمرضُ، أو أتمارضُ، أخلو إلى الذات
أو أتفاوض سراً مع المعجزات
وأحرمُ نفسي من الكاميرا والصُوَر
.. وما من خبر!
أُوحّدُ ما لا يُوَحّدُ: أحرسُ إيوان كسرى
وأدعو إلى وحدة المسلمين على سيف قيصر
أرشي ملوك الطوائف.. أمحو شرائع سومر
أمنح أفريقيا صوتها .. وأعيد النظرْ
بتاريخ فكر البشر
.. وما من خبرْ!
وأُغلقُ كلَّ المسارح: لا مسرح في البلدْ
ولا سينما في البلد
ولا مرقص في البلد
ولا بلد في البلد
ولا نغم أو وتر
.. وما من خبر!
ضجر
ضجر..
وحيدٌ أنا أيها الشعب، شعبي العزيز..
ولكن قلبي عليك، وقلبك من فِلّز أو حجر
أضحي لأجلك، يا شعب، إني سجينُك منذ الصغر
ومنذ صباي المبكّر أخطب فيكم
وأحكمكم واحداً واحداً
وفي كل يوم أعدُ لكم مؤتمر..
فمن منكم يستطيع الجلوس ثلاثين عاماً على مقعد
واحدٍ
دون أن يتخشّب، ومن منكمُ يستطيع السهر
ثلاثين عاماً
ليمنع شعباً من الذكريات وحب السفر؟
وحيد أنا أيها الشعب: لا أستطيع الذهاب إلى البحر..
والمشي فوق الرصيف..
ولا النوم تحت الشجرْ
ثقيلٌ هو الحكم.. لا تحسدوا حاكماً
أيُّ صدر تحمل ما يتحمل صدري من الأوسمة؟
وأيُّ فتيٍّ منكم يستطيع الوقوف
ثلاثين عاماً على حافة الجمجمة؟
وأيُّ يد دَفَعت مثلما دفعت يدُنا من خطر
ضجر
ضجر
يُخيّل لي، أيها الشعب، يا صاحبي
أن حقي على الله أكبرُ من واجبي
ولكنني لا أريد معارك أكبر منكم، كفانا الضجرْ
جراداً يحط على الوقت، يمتصُ خضرة أيامنا
ويفتح وقت الرمال رمالاً من الوقت
نمشي على الرمل، لا أثر.. لا أثرْ
ومن واجبي، أيها الشعب، أن أتسلى قليلا، فمََنْ
يُعيد إلى ساحة الموت أمجادها؟ اخطئوا، اخطئوا
واسرقوا، واحرقوا، وافسقوا
لأقطع كفاً، وأجدع أنفاً، وأدخل سيفاً بنهدٍ نَهدْ
وأجعل هذا الهواء أُبَرْ
وأنسى هموميَ في الحكم، أنسى التشابُه بيني
وبين الملوك القدامى، وأنسى العِبَرْ..
أما من فتىً غاضب في البلد!
أما من أحدْ
تقاعس عن خدمتي، أو بكى، أو جحد!
أما من أحد
شكا أو كفرْ!
أما من خبرْ
ضجر
ضجر
وحيد أنا، أيها الشعب، أعملُ وحدي
ووحدي أسنّ القوانين، وحدي أحوّل مجرى النهر
أفكّر وحدي .. أقرر وحدي. فما من وزارة
تُساعدني في إدارة أسراركم..
ليس لي نائب لشؤون الكناية والاستعارة
ولا مستشار لفك طلاسم أحلامكم عندما تحلمون
ولا نائب لاختيار ثيابي، وتصفيف شعري، ورفع الصورْ
ولا مستشار لرصد الديون
فوالله، والله، والله، لا عِلم لي
بما لي عليكم.. ومالي عليكم حلالٌ، حلال
كُلوا ما أعدُ لكم من ثمرْ
وناموا كما أتمنى لكم أن تناموا ودودين بعد صلاة
العشاء
وقوموا من النوم حين ينادي المنادي
بأني رأيتُ السَحَر
وسيروا إلى يومكم آمنين.. ووفق نظام كتابي
ولا تسألوا عن خطابي
سأمنحكم عطلة للنظر
بما يسّر الله لي من خطاب الضجر
ضجر
ضجر
سلامٌ عليَّ.. سلامٌ عليكم
سلامٌ على أمةٍ لا تمل الضجرْ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.