أولت الصحف العالمية اهتماما بارزا بجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية بين د. محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين ورئيس حزب الحرية والعدالة والفريق أحمد شفيق مرشح النظام السابق وخليفة مبارك الجديد خصوصا بعد التطورات الدرامية الجديدة التي طرأت على عملية التحول الديمقراطي بعد قرار المحكمة بحل البرلمان وما وصفته معظم الصحف ب "الانقلاب العسكري الناعم" على السلطة والديمقراطية وسيطرة الجنرالات على السلطة التشريعية وتخليها عن التزامها بتسليم السلطة كاملة بعد الانتخابات الرئاسية. وذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية في تحليل لها أن فوز الفريق أحمد شفيق في انتخابات الإعادة سواء كان الفوز من خلال التصويت أو التزوير فإنه سيكمل " الدائرة المضادة" على حد وصفها مشيرة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تلعب دورا رئيسيا لوقف "تحطيم الثورة" من قبل أنصار النظام المخلوع. وأضافت المجلة أن هناك قوى مسيطرة في مصر في إشارة إلى المجلس العسكري لا تقبل ببساطة صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في النظام السياسي الناشئ مشيرة إلى أن القضاء يستطيع الحصول على ما يريد في هذا الصدد لافتة إلى الأحكام الصادرة الخميس التي تقضي بحل البرلمان كله واستمرار الفريق شفيق في الانتخابات الرئاسية لعدم دستورية قانون العزل. ولفتت المجلة إلى أن هذه الأحكام صادمة ولكنها لم تكن مفاجئة حيث أصدر رئيس نادي القضاء سلسلة من البيانات خلال الشهر الماضي توضح أن القضاء يرى نفسه كيان سياسي تماما كما لو كان حصن النظام السابق ضد وصول الإسلاميين إلى الحكم. وأوضحت المجلة أن مصر شهدت "انقلابا ناعما" من قبل الجيش وفلول النظام على ثورة يناير حيث شهدت البلاد عدة تدابير تهدف إلى حماية سلطة المؤسسة العسكرية وغيرها من مؤسسات الدولة العميقة وإحباط وصول الإسلاميين إلى السلطة ومن هذه التدابير إعادة تأكيد سلطة قوات الشرطة العسكرية لاعتقال المدنيين وإحالتهم إلى المحاكم العسكرية وإبطال قانون العزل الذي يمنع رموز النظام السابق من الترشح لمنصب الرئاسة فصلا عن حل البرلمان المنتخب بإرادة شعبية. وقالت المجلة أنه على الرغم من فوز د. محمد مرسي في تصويت المصريين في الخارج وتقدمه على منافسه إلى أن شفيق ظهر في مؤتمره الصحفي الخميس بوفرة من الثقة ليلقى خطابا أمام مؤيديه كما لو كانت تصريحات رئاسية أو خطاب فوزه بالمنصب. من جانبها ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن نسبة الإقبال على التصويت في اليوم الأول لجولة الإعادة معتدلا في الساعات الأولى من اليوم على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة متوقعة أن تزداد نسبة المشاركة مع الفترة المسائية مشيرة إلى أن كثيرا من الناخبين وقفوا لأكثر من ساعتين تحت أشعة الشمس الحارقة للإدلاء بأصواتهم. وأشارت الصحيفة إلى أن السباق الانتخابي الآن بين الفريق أحمد شفيق مرشح النظام السابق ود. محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة ومرشح الإخوان المسلمين يأتي بعد يوم واحد من توطيد المجلس العسكري لسلطته بعد حل مجلس الشعب والاستيلاء على حق إصدار القوانين حتى بعد اختيار رئيس دولة جديد يتولى مهام منصبه. وقالت الصحيفة أن صحف الدولة ووسائل الإعلام المصرية المختلفة قد شنت حملة لدعم شفيق مرشح نظام مبارك في ظل حكم الحزب الواحد القديم في إشارة إلى الحزب الوطني المنحل حيث سعت هذه الوسائل لإظهار شفيق على أنه الرجل القوي الذي يستطيع إعادة النظام مؤكدة أن جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية هي الفرصة الأخيرة لإنقاذ الثورة من النظام السابق. وأضافت الصحيفة أن الجنرالات تخلوا عن عهدهم السابق بالتنازل عن السلطة لحكومة مدنية منتخبة في 30 يونيو الجاري مشيرة إلى أن المجلس العسكري عمل على إطالة الفترة الانتقالية التي وصفتها ب "الشاقة" مضيفة أن مسرحية احتمالات أن تقود مصر نموذجا للديمقراطية في الشرق على الأوسط على وشك الأفول في ظل ممارسات المجلس العسكري. ولفتت الصحيفة أن د.محمد مرسي في حال فوزه في الانتخابات سيخوض صراعا مع الجنرالات لاسترداد السلطة والنفوذ السياسي لمصر وذلك بعد أن أعلن المجلس العسكري نيته في إصدار إعلان دستوري جديد مشيرة إلى نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية تجعل من مرسي المرشح الأوفر حظا للفوز بالجولة الثانية حيث حصل الإسلاميون على ما يقرب من نصف الأصوات بينما حصل شفيق وغيره من رموز مبارك في إشارة إلى عمرو موسى على نحو الثلث موضحة أن مرسي فقط يحتاج إلى بعض الأصوات الثورية لضمان الفوز على خصمه. ونقلت الصحيفة عن سامر سليمان شحاتة عالم مصري أمريكي بجامعة جورج تاون قوله "من خلال الأرقام مرسي يجب أن يفوز إذا كانت الانتخابات حرة ونزيهة" وأشارت الصحيفة إلى أن استيلاء الجيش على السلطة الذي وصفه العديد من المراقبين ب "الانقلاب" يمثل عقبة جديدة أمام الإخوان المسلمين أكبر حركة سياسية وإسلامية في مصر طوال أكثر من 80 عاما من الحكم الاستبدادي العسكري للبلاد. وأوضحت الصحيفة أن المجلس العسكري يسعى إلى تقييد سلطة د. مرسي مرشح الإخوان في حال فوزه في الانتخابات من خلال وضع دستور مؤقت من قبل المؤسسة العسكرية فضلا عن قبضة الجنرالات على السلطة التشريعية لحين إجراء انتخابات برلمانية جديدة على الأقل. ونقلت الصحيفة عن د. محمد مرسي تصريحاته "هنا يأتي دور الثورة المضادة والتي شهدها الجميع بوضوح حتى يعلم الجميع أننا نواجه لحظة فارقة ونقطة تحول حاسمة" مضيفا "نحن الآن نواجه انقلابا بشعا على الثورة". وهدد عضو مجلس الشيوخ الأمريكي باتريك ليهي بالسعي لقطع المساعدات الأمريكية لمصر بعد حل البرلمان موضحا أن القرار يهدف إلى التشكيك في مستقبل عملية الانتقال الديمقراطي وقال في بيان "لا أريد للولايات المتحدة أن توقع عقودا مع الجيش المصري في ظل الظروف الحالية غير المؤكدة". وقالت مجلة "تايم" الأمريكية أن العديد من الناشطين الليبراليين البارزين مثل وائل غنيم قد دعوا إلى تأييد ودعم مرسي في انتخابات الإعادة لإنقاذ البلاد من عودة النظام القديم مشيرة إلى أن المجلس العسكري أفشل أول انجاز ديمقراطي حقيقي للثورة متمثلا في تشكيل برلمان بإرادة المصريين بعد قرار المحكمة الدستورية بحله والتي ينظر إليها باعتبارها أداة سياسية للحكم طوال العقود الماضية حيث استخدام مبارك نفس هذه الأساليب لتمرير سياساته وقوانينه. وأضافت تايم أن حل البرلمان يشبه إلى حد مخيف الخطوة التي قام بها النظام العسكري في الجزائر عام 1992 بإلغاء نتائج الانتخابات مما أدى إلى أشعال حربا أهلية دامت لعقدا من الزمن أودت بعشرات الآلاف من الأرواح ولكن جماعة الإخوان المسلمين في مصر والتي شاركت بنشاط في الحياة السياسية في مصر لعقود تتمتع بسمعة عالية من البرجماتية وتتجنب العنف كخيار تكتيكي على الرغم من عقود قمع النظام لها. وقالت "تايم" أن فوز شفيق في الانتخابات يهدد باضطرابات خطيرة في البلاد مماثلة لتلك التي أطاحت بمبارك في مطلع العام الماضي.