أرسلت (ر) إلى افتح قلبك تقول: أنا فتاة عمرى 31 سنة، كنت قد اتخذت القرار بأنه يجب أن أتزوج قبل بلوغى الثلاثين من عمرى، ولكنى لم أنفذ هذا القرار بكل أسف حتى الآن، وبالرغم من أنى مررت بتجربة الخطوبة مرتين، ففى كل مرة لم أكن أجد ما أريده، فأنا أتمنى أن أحب وأن أجد من يحبنى بصدق، وهذا هو الشىء الذى لن أتنازل عنه حتى لو لم أنفذ قرارى. الخطوبة الأولى انتهت بعد أسبوعين فقط، وكان الطرف الآخر هو السبب، فقد كان هناك فارقا اجتماعيا كبيرا وملحوظا بيننا، كان يشعر بأنه أقل منى لهذا احترمته واحترمت صراحته عندما طلب منى إنهاء الخطوبة. جاءت الخطوبة الثانية بعد الأولى بفترة كبيرة، لهذا قبلت بها بمجرد شعورى بانجذاب طفيف نحو الشخص، وأعميت عيناى عن كل ما به من سلبيات وعيوب، كنت أفكر فيه بشكل ساذج جدا، وألبسته شخصية من نسج خيالى، فقد كنت أحب أن أصدق أنه (مكافأة) ربى لى، إلا أن الحقيقة لا بد لها أن تظهر، واكتشفت أنه لا يصلح للارتباط، فطلبت إنهاء الخطوبة، وما أحزننى حقا أنه وافق بمنتهى البساطة، ولم يحاول التمسك بى إطلاقا، وكأن الرغبة كانت متبادلة. أختى عندما أنجبت طفلها عهدت به إلينا أنا وأمى، فهى غير متفرغة له، وأحبت فكرة أن يربيه أحد بدلا منها، فأصبح هذا الصغير أهم ما فى حياتى لن أكذب عليكى فقد أحببته لأنه عوضنى أمومتى التى لم تتحقق حتى الآن، اهتممت به جدا لم أبخل عليه لا بوقتى ولا جهدى إطلاقا، فأنا تعبت معه وعليه أكثر من أمه الحقيقية بكثير جدا، وكنت سعيدة بذلك...حتى كبر الولد، وفهم أنى لست أمه وأصبح يطالب بالبقاء مع أمه كثيرا مما ألمنى بشدة، وأصبح عدوانيا وعنيفا بسبب بعده عن أمه، والتى لا تبالى بالأمر كثيرا وترحب بفكرة أن هناك من يعتنى به ويربيه لها. فى الماضى كنت أرفض من لا يعجبنى من العرسان بحجة أنى متفرغة لرعاية ابن أختى الكل كان يصدقنى لكنى أنا الوحيدة التى كنت أعرف أنها مجرد حجة لكنى الآن وبكل صدق أشعر أنى فرغت حياتى من أجله كثيرا، أشعر أنى بذلت من أجله أكثر مما كنت أتوقع، وفى النهاية كانت النتيجة أنه يريد أمه ولا يريدنى ولا يقدر ما فعلته من أجله، أنا لا ألوم عليه فهذا شىء طبيعى ومن حق أى طفل أن يعيش مع أمه، لكنى ألوم على نفسى لأنى تعلقت به إلى هذه الدرجة وسمحت لنفسى أن تسرق حياتى من بين يداى وبموافقتى. أمى مصرة على أن يبقى الولد معنا، وأختى لا تمانع فى ذلك بل تفضله لكنى أنا التى أخذت موقفا صممت على أن أرسله ليعيش مع أمه، ورفضت بقوة استمرار الوضع السابق...أمى غاضبة منى، وأنا أتألم نفسيا بشدة لفراقه، لكنى ثابتة على موقفى من أنى لن أعود للعب دور أمه مرة أخرى...هل أنا على صواب؟ أم أنى أظلمه وأغضب أمى بغير حق؟ أحتاج إلى رأى محايد ينصحنى لوجه الله. واليكى (ر) أقول: طبعا أنت على صواب، فأنا لا أفهم كيف تسمح أختك بأن يتربى ابنها بعيدا عنها؟ كيف تتخلى بهذه البساطة عن مسئوليتها تجاهه؟ وكيف تشجعها أمك إلى هذا الحد؟ وكيف تأتيها الجرأة لأن تطلب منك أنت تحمل العبء بدلا من أختك والتى هى أمه الحقيقية؟...هل اختلت الموازين إلى هذه الدرجة؟؟؟. أنت لم تقولى شيئا عن ظروف أختك تلك هل هى مريضة؟ هل لديها أبناء آخرين كثيرين غير هذا الطفل؟ هل ظروفها المادية تمنعها من الإنفاق عليه؟ هل هناك أى سبب وجيه يمنعها من ممارسة أمومتها الطبيعية مع هذا الطفل؟...قد أتفهم إصرار والدتك على إبقاء الطفل معكما إذا كان هناك ظروف قهرية تمنع أختك من رعاية ابنها أما فى حالة أنه لا سبب حقيقى وراء هذا الوضع الغريب فاسمحى لى هذا وضع شاذ وغير مقبول فطريا. لهذا أنا أؤيدك فى قرار أن تعود الأمور إلى نصابها الصحيح وأن يعود الولد للعيش مع أمه كأى طفل طبيعى ليس فقط من أجل أن تتفرغى أنت لحياتك من جديد ولكن من أجل الولد نفسه فأنت تقولين أنه أصبح عدوانيا وعنيفا بسبب بعده عن أمه وهو شىء متوقع جدا، بل وقد يحدث الأكثر من ذلك إذا لم تتمكنوا من استدراك الأمر. ارفعى عن نفسك حرج أنك تغضبين أمك بغير وجه حق فهى التى تطالبك بما هو فوق طاقتك، والأولى بها أن تفعل ذلك مع صاحبة الشأن أختك والتى هى أم الولد فى الأساس لا أنت، كما أنصحك بأن تتحاملى على نفسك وتتجاهلى ألم فراق الولد، فتألمك لبعاده أمر طبيعى ومفهوم, وكان سيحدث لا محالة فى أى وقت عندما يقرر الولد أن يعود لأمه، ومن المؤكد أن الألم سيقل مع الوقت وأنك ستعتادين الوضع الجديد بعد فترة. لكنى أريد أن أطلب منك أمرا هاما، هو ألا يكون قرار إبعاد الولد عنك غضبا مقنعا أو انتقاما _لا واعيا_ بسبب عدم زواجك حتى الآن، فبالرغم من أنى غير موافقة على تربيتك لابن أختك بدلا منها إلا أنه وفى الحقيقة لم يكن هذا هو السبب وراء تأخر زواجك، فأنت لم تتزوجى لأنك لم تجدى الشخص المناسب، الذى تحققين معه أمنيتك فى الحب المتبادل، هكذا قلت أنت بنفسك، إذا فلا داعى لأن تحملى أختك أو ابنها أو أمك أو حتى نفسك أكثر مما تحتملون, فزواجك قدر لا يعلم موعده إلا الله, ومن المؤكد أنه كان سيحدث إذا كان موعده قد حان حتى وفى وجود ابن أختك معك. تقبلى وضعك بصدر أكثر رحابة, فلا أحد يعرف أى المفاجئات تخبئها الأيام لكى فربما تكون الفرحة أقرب وأسرع كثيرا مما تتصورين، وفى نفس الوقت اسمحى للأمور أن تسير ببساطة, فلا مانع من أن تظل علاقتك بابن أختك خاصة وقوية، ولا مانع من أن يزوركم ويبيت عندكم من حين لآخر، ولا مانع من أن تساعدى أختك وتعاونيها إذا طلبت منك,لا تأخذى رد فعل عكسى ومتشدد , أنت صححتى وضعا كان خاطئا, لكن لا تصنعى أنت آخر أكثر خطأ بإبعاد الولد عنك أنت وأمك تماما...واضح؟. للتواصل مع د. هبه وافتح قلبك: [email protected]