فى الوقت الذى يستعد فيه المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية، لاختيار رئيسه الجديد غدا الأحد، تكشف الخلافات التى تهز أركانه حاليا وصعوبة انتخاب الرئيس الجديد حجم الانقسامات العميقة بداخل أكبر مجلس تمثيلى للإسلام فى "بلاد النور". ويتواصل الخلاف بين ممثلى الجاليتين الجزائرية والمغربية فى فرنسا حول تعيين رئيس المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية، مما يهدد بتأجيل اختياره المقرر غدا. وهدد ممثلو مسجد باريس الكبير المرتبط بالجزائر بالانسحاب من المجلس إذا لم يتم تعيين مرشحهم شمس الدين حافظ رئيسا للمجلس، بحسب ما أوضح رئيس مسجد باريس دليل أبو بكر، غير أن المرشح حافظ موضع احتجاج مجلس مسلمى فرنسا القريب من المغرب، لأنه محام جبهة البوليساريو التى تعمل على استقلال الصحراء الغربية عن الرباط. وبحسب المحللين السياسيين فى باريس، فإن الانشقاقات بين سلطة الإسلام المرتبطة بكل من الجزائر والمغرب وما يسمى "الإسلام العابر للحدود"، الذى يمثله اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا القريب من جماعة "الإخوان المسلمين" وحركة التبليغ، تعصف بهذه البلاد. وكانت العاصمة الفرنسية قد شهدت فى 8 يونيو الجارى تعيين الأعضاء الجدد فى مجلس إدارة المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية، والتى أسفرت عن فوز المقربين من المغرب ب 25 مقعدا فى مجلس الإدارة فى مقابل 8 مقاعد للمقربين من الجزائر، و7 للمقربين من تركيا، فيما شهد الاقتراع مقاطعة اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا فى آخر لحظة بسبب انقسام داخله بين من يريدون النشاط من داخل المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية، ومن يرغبون فى البقاء مستقلين. وتم الاتفاق حينها على أن يترك تجمع مسلمى فرنسا رئاسة المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية إلى مسجد باريس الأكبر المقرب من الجزائر، والذى يرأسه دليل أبو بكر على أن تبقى رئاسة الإدارة المؤلفة من 44 عضوا تحت سيطرة تجمع مسلمى فرنسا المقرب من المغرب. وتأسس المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية فى عام 2003 بدعم من وزير الداخلية الأسبق نيكولا ساركوزى، وذلك لتمكين 5ر3 مليون مسلم يعيشون فى فرنسا من هيئة تمثلهم. وتعود خطوات إنشاء المجلس الإسلامى إلى عام 1999، حيث عقد وزير الداخلية اجتماعا ضم ممثلى المسلمين فى فرنسا الذين شكلوا بدورهم "المجلس الاستشارى لمسلمى فرنسا"، وهو الاجتماع الذى شهد حينها موافقة أعضاء هذا المجلس على التحضير لإطار مستقبلى للهيئة الممثلة للديانة الإسلامية بالارتكاز على المساعدة الفنية والقانونية المقدمة من جانب وزارة الداخلية، بوصفها "شاهد حسن النية ومسهل للأمور"، وذلك عملا بالقانون الصادر فى 9 ديسمبر 1905 المتعلق بفصل الديانات عن الدولة.