تطور المشهد السياسي فى مصر بشكل متسارع وعلى نحو يدعو للقلق الشديد ورغم أن ما يحدث في ظاهره على الأقل هو مرحلة من مراحل خريطة الطريق لنقل السلطة من المجلس العسكري إلى حكومة مدنية منتخبة استكمالا لانتخاب مجلس الشعب والشورى إلا أن الشواهد تكشف عن كثير مما يختبئ تحت السطح ومنها: أولا : انطلاق انتخابات الرئاسة بعد أزمة اللجنة التأسيسية للدستور والانسحابات التي كان ينبغي التوقف عندها ومعالجتها بالتوافق المجتمعي اللازم للجنة في هذا المستوى من الأهمية
ثانيا: اشتعال أزمة الثقة بشكل غير مسبوق بين الإخوان والمجلس العسكري انطلاقا من أداء حكومة الجنزوري التي شعر الإخوان أنها متآمرة عليهم تهدف إلى إقناع الناخبين بجسامة الخطأ باختيار الإسلاميين وأنها تستخدم معهم سياسة الأرض المحروقة لينتهي الحال بهم حال تسلمهم الحكومة إلى فشل محقق هذا التصور جعل الجماعة تغلي وتتعصب فى معالجتها لأداء الحكومة و أرادت سحب الثقة من الجنزوري ورفض المجلس العسكري وسارت الاحداث الى صدام مكتوم بين طرفين يعرف كل منهما قوة الآخر كما يعرف وجيعته وحساسياته
فالمجلس العسكري يدرك سعادة الإخوان بانتصارهم فى المجلسين التشريعيين فسارع إلى تهديدهم بحل المجلسين من بوابة المحكمة الدستورية ونسف مكسبهم الأهم بعد الثورة والإخوان حال شعورهم بالخطر أخلفوا وعودهم المتكررة بترك منصب الرئيس لشخصية مستقلة عند الخطر الشديد لا مكان للتنازلات المجانية وباسم الخوف على مكتسبات الثورة من عودة النظام القديم ولا تدري لماذا فى ذات اللحظة يظهر عمر سليمان نائب المخلوع وخليله ليترشح للمنصب الكبير
الإخوان يقولون أن السيناريو دبره المجلس العسكري ليعود النظام السابق تحت لافتة عمر سليمان الرجل القوي القادر على ضبط الانفلات بعد حل المجلسين والعودة إلى ما قبل الثورة
والليبراليون يرون أن الصفقة بين الإخوان والعسكري ليتسبب الشاطر في تفتيت الصوت الإسلامي لينجح سليمان وتعطيل فوز حازم أبو اسماعيل المرشح ذو الأسهم المرتفعة ويؤيدهم في ذلك قطاع من السلفيين له وزن متزايد يكاد يطغى على منتسبي حزب النور
إلا أن تصريحات الإخوان وأحاديثهم الجانبية تشي لأول مرة منذ ثورة 25 يناير بكم من الحنق والغضب على المجلس العسكري غير مسبوقة فإذا وضعنا فى الاعتبار رؤيتهم لعلاقة خفية بين العسكري وعمر سليمان فان مصير البلد فى الأيام القادمة يدعو إلى القلق الشديد إذ أن انعدام الثقة بين الإخوان والعسكري يضع البلد على فوهة بركان لان التوافق بينهما كان صمام الأمان في مصر رغم كل الاضطرابات التي مرت بها البلاد ليس لميزة فيهما ولكن لطبيعة اللحظة التاريخية التي جعلت لأحدهما وجودا منظما وفاعلا فى الشارع أبرزته نتائج الانتخابات التشريعية والطرف والثاني يمثل قيادة المؤسسة العسكرية المسئول الأول عن الأمن الخارجي والداخلي أيضاً مع فقدان الثقة فى أداء الشرطة المدنية
ونبقي مع هواجس عظيمة عن أياد خفية وسيناريوهات منطقية وغير منطقية وألاعيب داخلية وخارجية: من قبيل القيام بشطب المرشحين بحجج مختلقة والإبقاء على المرشحين من فلول النظام السابق مع منافسة ضعيفة او حديث عن تزوير الانتخابات في مراحلها النهائية متحصنين بقانون يمنع الطعن على نتيجة الانتخابات او حديث عن صفقة في السر بين الإخوان والعسكري لتمرير مرشح معين من الفلول أيضاً
الخلاصة أن نزول الشاطر إلى سباق الرئاسة بصرف النظر عن أحقيته دفع بالبلاد إلى المنطقة الأخطر والتي تستدعي من الجميع الحذر القلق والحرص على مستقبل بلد قل من يقلق على مستقبلها