قال د. مسعود ضاهر إنه من الصعب جدا فصل الدراسات العربية في اليابان عن الدراسات الإسلامية والدراسات الشرق أوسطية. علما أن الدراسات العلمية في هذا المجال حديثة العهد ولا ترقى إلى أبعد من نهاية الحرب العالمية الثانية. وذكر أن هناك أسبابا كثيرة كانت وراء دمج تاريخ العرب بتاريخ الشرق الأوسط، والثقافة العربية بالثقافة الإسلامية أو الشرق أوسطية. فالبعد الجغرافي قبل بزوغ فجر الاتصالات الحديثة، البحرية منها والجوية، شكل عائقا كبيرا أمام التواصل الانساني وتطوير العلاقات الاقتصادية بين العرب واليابانيين. فلم تتطور تلك العلاقات بصورة مكثفة إلا بعد اكتشاف النفط وحاجة الاقتصاد الياباني إليه بصورة متزايدة، مما ساعد على توليد المعجزة الاقتصادية اليابانية في ستينيات القرن العشرين والتي تعرضت لأزمة حادة بسبب حظر النفط العربي عام 1973. وعالجت الدراسة التي قدمها د. ضاهر في إحدى جلسات ملتقى مجلة "العربي" الحادي عشر "الثقافة العربية في المهجر" بالكويت خلال الفترة من 12 15 مارس/آذار الجاري، نماذج ثقافية لأبحاث يابانية متنوعة ذات أبعاد عربية واضحة. وركزت بشكل خاص على بدايات الاهتمام الياباني المبكر بالتاريخ العربي وبالثقافة العربية. فقد حاولت الامبريالية اليابانية توظيف الاسلام لخدمة مخططاتها العسكرية ونزعتها التوسعية في بلدان آسيوية تضم مجموعات إسلامية كبيرة. فأنشأت مراكز عدة لدراسة الاسلام مع نشر الدعوة إلى تعاون ياباني – إسلامي في مواجهة الاستعمار الأوروبي والأميركي في دول جنوب وشرق آسيا. لكن تلك المراكز أقفلت جميعها بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ووضعها تحت المظلة الأميركية كدولة منزوعة السلاح ومحرومة من التسلح. وأوضح صاحب كتاب "النهضة العربية والنهضة اليابانية: تشابه المقدمات واختلاف النتائج" أن اليابان قاومت تحدي الحظر الأميركي فحولت الدراسات العربية والإسلامية والشرق أوسطية فيها إلى دراسات علمية كتبت غالبيتها في النصف الثاني من القرن العشرين. وتحرر الباحثون اليابانيون من التوجهات الإستعمارية السابقة وبات هاجسهم تحويل المراكز التي تعنى بالدراسات العربية في اليابان إلى مراكز علمية للتفاعل الإيجابي والمباشر مع المثقفين العرب ومع الثقافة العربية بأبعادها التاريخية ، والسياسية، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والتربوية، والأكاديمية، والفلسفية، والأدبية، والفنية وغيرها. ونجحت تلك المراكز في توليد أجيال متعاقبة من الباحثين اليابانيين المهتمين بدراسة الثقافة العربية عبر دوائرها الثلاث: الثقافات والنظم الاسلامية، والثقافات الشرق أوسطية، والثقافات المتوسطية. واهتم باحثون يابانيون بالثقافة العربية بصفتها مسألة بحثية مستقلة بذاتها.