بدأ ربيع الثورات العربية في الامتداد والانتشار في مختلف الدول ، فبعد أن انفجرت الثورة التونسية التي أجبرت بن علي "الهروب" وبعدها الثورة المصرية التي أجبرت مبارك علي "التنحي" ثم الثورات الليبية واليمنية والسورية التي أجبرت الرؤساء علي "التعديلات" ومواجهه الشعب في مواجهات دامية أدت إلي فقدانهم لشرعيتهم . وقد كانت كل دولة عربية تنظر إلي جارتها في ترقب وحذر وقادتها ينظرون في خوف وقلق وهلع مما يجري وربما ينتقل إليهم ويحدث معهم ما حدث مع غيرهم ، وكانت الجارة الوحيدة التي تنظر لما يجري في سعادة بالغة هي إسرائيل التي كانت تري مصلحتها في تفتيت الدول العربية وانقسامها ، حتى حدث ما لم يكن في الحسبان وهو ثورة المحتلين والمستوطنين الإسرائيليين ضد حكومة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية ، فقد ثار الإسرائيليون ضد نظام نتنياهو منددين بالغلاء وارتفاع الأسعار ومعدل البطالة الذي ارتفع داخل دولة الاحتلال بشكل كبير . وقد انطلقت المظاهرات الحاشدة في الشوارع الإسرائيلية للتنديد برفع أسعار الكهرباء أكثر من 15%، وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار السكن، ورفع المتظاهرون لافتات كتبوا عليها: "الشعب يريد إسقاط نتنياهو..الشعب يريد العدالة الاجتماعية... هذا هو الربيع الإسرائيلي ..نتانياهو إلى البيت.. بى بى أنت مفصول من اليوم. وكما فعل المصريون في " ميدان التحرير" انتشرت الخيام في 15 مدينة افترش فيها الآلاف الأرض مطالبين بتنفيذ فوري لمطالبهم، ولم يكتفوا بذلك، بل داهم أكثر من 20 ألف متظاهر بساحة "الكنيست" لإغلاق الطريق أمام النواب الذين يتوجهون إلى مكاتبهم، لكن تصدت لهم قوات الشرطة وفرقتهم بالقوة، واعتقلت عددًا منهم بطريقة "البطش والهمجية" التي مارستها ضدهم. وأقدم 120 طالبًا جامعيًّا على دخول قصر الكنيست بشكل قانوني، عندما جلسوا مع بعضهم يتشاورون عن كيفية اختراق الكنيست بشكل قانوني، فدلهم "يفئال رمبام" أبرز قادة النشاط الاجتماعي في إسرائيل، على طريقة ماركة، بأن يلتصق كل متظاهر، بعضو من الكنيست لإقناعه بوجهة نظر المتظاهرين، وضرورة سن القوانين اللازمة لتغيير سياسة الحكومة في موضوع الإسكان، لكن الحيلة فشلت، فخرجت تظاهرات مدوية تقول إن الحكومة مخادعة، لا تفهم المقاومة السلمية، واتفق الجميع على ضرورة التخطيط لنشاط كبير مرة في الأسبوع على الأقل، تمهيدًا لإسقاط حكومة نتانياهو. وقد تسببت المظاهرات في تراجع حاد لشعبية رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو من 51% إلى 32% وهو ما جعل نتانياهو يعمد إلى التراجع والإعلان عن خطة عاجلة لحل المشكلة السكنية، بمنح الشباب وطلاب الجامعات، والجنود المسرحيين، امتيازات خاصة، تمكنهم من شراء شقق سكنية بأسعار معقولة، لكنه عاد وتملص من وعوده قائلاً في بيان صادر عن حكومته: الإصلاحات المطلوبة قد تؤدي إلى أزمات اقتصادية مثل التي تحدق بمناطق من أوروبا والولايات المتحدة. وقد كتبت الصحف الإسرائيلية عن هذه التظاهرات أن المظاهرات ستجرفك أيضا يا سيد نتانياهو، فلا شيء سيخلصك الآن، ولا حتى الخفض المذعور في الضرائب، ولا العطلة الصيفية للكنيست، ولا أمطار الخريف، ولا صواريخ كاتيوشا في الشمال، ولا صواريخ القسامة في الجنوب، ولا هجوم في إيران، ولا صواريخ على تل أبيب." وحسب بيانات صادرة عن الحكومة الإسرائيلية، فإن تكاليف المعيشة في إسرائيل مرتفعة للغاية، حيث تصنف تل أبيب على أنها المدينة الأكثر تكلفة في الشرق الأوسط، وأن 6 % من الإسرائيليين الذين تتراوح أعمارهم أكثر من 15 و20 عامًا يعانون من البطالة خلال الربع الأول من العام الحالي.