لم يكن الأزواديون النازحون من جحيم الاقتتال الدائر بين الجيش المالي والمقاتلين الطوارق، وحدهم من يعاني من جراء تلك الحرب، فمنمو المواشي الموريتانيين وجدوا أنفسهم فجأة في مهب تلك العاصفة الهوجاء يكتوون بنارها ويصطلون بلظاها دون أن يكونوا طرفا فيها. ورغم أن مناطق الشمال المالي لم تعرف الاستقرار السياسي والأمني منذ عقود من الزمن، ليس فقط بسبب الحروب التي تنشب بين الحين والآخر بين المقاتلين الطوارق والقوات العسكرية المالية، ولكن أيضا بسبب الجماعات المسلحة وعصابات التهريب التي تجوب المنطقة طولا وعرضا، فإن مربي المواشي الموريتانيين لم يشعروا بالخوف والضجر وفقدان الأمان مثلما يشعرون به اليوم.
وتعيش موريتانيا هذا العام جفافا ماحقا بسبب انحباس المطر، وتقلص المراعي، وغلاء الأعلاف، وقلة نقاط المياه. وحذرت هيئات دولية من خطورة الأوضاع ومن احتمال تعرض مئات الآلاف من السكان لمجاعة حقيقية في ظل هذا الجفاف.
وبادر المئات من مربي المواشي في موريتانيا إلى نقل مواشيهم إلى الأراضي المالية حيث وفرة المراعي وخصوبة الأراضي وحرية التحرك، حماية لها من مخاطر النفوق الذي يتهددها في موريتانيا.
وأصبح من اللازم بالنسبة لهؤلاء المنمين أن يعودوا أدراجهم من حيث أتوا بعد اندلاع القتال بين القوات المالية والمتمردين الطوارق، في ظل حديث يجري عن تصفيات تأخذ في بعض الأحيان طابعا عرقيا يخشى المنمون أن تصلهم.