أكد الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين والتجارة الداخلية أنه لابد من وجود آلية مشتركة بين الحكومة ومجتمع الأعمال لضبط الأسواق وتحقيق العدالة الاجتماعية، لافتا إلى أنه لا نية على الإطلاق لتطبيق "التسعيرة الجبرية" وإنما سيكون هناك تسعيرة استرشادية فقط. جاء ذلك خلال الاجتماع المشترك الذي نظمه الاتحاد العام للغرف التجارية اليوم مع اتحاد الصناعات المصرية لمناقشة الدور الاجتماعي والتنموي للقطاع الخاص، وذلك بحضور الدكتور جودة عبدالخالق وزير التموين والتجارة الداخلية، الدكتور محمود عيسى وزير الصناعة والتجارة الخارجية والدكتور جلال مصطفي السعيد وزير النقل. وطالب جودة رجال الأعمال الرفق بالمواطن المصري الذي يمر في الفترة الحالية بأصعب حالاته "فنحن في النهاية في قارب واحد وعلينا أن نصل إلى صيغة تفاهم مشتركة"..مشيرا إلى أن مسئولياته كوزير أن يحمي الضعفاء ضد تجاوزات السوق. وقال جودة "إن وزارة التموين ليست مهمتها تعبئة الزيت في زجاجات أو تعبئة السكر لكن مهمتها الأساسية هى ضمان الأمن الغذائي للمواطنين والوطن وتحقيق العدالة الاجتماعية"، مضيفا "إنني لا أعتقد أن أي رجل أعمال مخلص يساوره أي شك في أن تحقيق العدالة الاجتماعية هو سبب رئيسي لنجاح الاستثمار". وأكد الدكتور جودة عبدالخالق على تطلع الحكومة إلى التعاون مع القطاع الخاص من أجل اتساع السوق وزيادة القوة الشرائية للمستهلك، وقال "علينا أن نرسم صورة جديدة للقطاع الخاص وهذه فرصة تاريخية لإعادة رسم هذه الصورة للقطاع الخاص في كل المجالات". وفرق جودة بين الربح العادل للقطاع الخاص وبين أصناف أخرى من الربح لا يجب أن تسود المجتمع، موضحا أن أي اقتصاد يرتكز على "ساقين" الكفاءة والعدالة ، والكفاءة الاقتصادية تعني المنافسة ومحاربة الاحتكار .. مضيفا أن الدولة عليها مسئولية في هذا السياق وأتوقع أن يكون القطاع الخاص متجاوبا معنا. وأشار وزير التموين والتجارة الداخلية إلى أن مصر تمر بظرف عصيب للغاية منذ 25 يناير وأن هذا ليس وقت المواجهات فنحن شركاء ولسنا فرقاء والاختلاف الذي نحن بصدده يجب أن يكون خلافا في الرأي لا يفسد للود قضية. وأضاف أن بولندا في أواخر ثمانينات القرن الماضي اشتعلت بثورة أسقطت النظام الشيوعي وفي العام الأول للثورة هبط الناتج المحلي بمقدار 40 في المائة، بينما انخفض ناتجنا المحلي 4,2 في المائة فلا يجوز أن نفزع وعلينا أن نعلم أن هناك العديد من التحديات التي تواجهنا لكن أهم هذه التحديات هو تحدي "ضبط النفس". وتابع : "لا يساورني أي شك في خروج مصر من عنق الزجاجة، إلا أن البعض يريد إنجاز كل شىء الآن وهي نظرة قد تودي إلى التهلكة". وقال إن مصر قطعت شوطا في اتجاه بناء نظام جديد لكن لابد أن ندرك أن مصر تأخرت كثيرا في هذا الصدد وعلينا أن نساعدها في الخروج من عنق الزجاجة وعلينا أن نختار بين "الولادة الطبيعية" و "الولادة القيصرية". ومن جانبه، قال أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية إن الاتحاد سيقوم خلال الأسبوع المقبل بطرح الدستور الاقتصادي للتوافق عليه من كل القوى والحركات السياسية لكي يكون منهجا يلتزم به الجميع ويعيش جنبا إلى جنب مع الدستور السياسي، وذلك في محاولة من منتسبي الاتحاد، الذين يتخطى عددهم 4 ملايين منتسب، لإنقاذ اقتصاد البلاد وبث روح الطمأنينة بين المستثمرين. وأوضح أن الدستور الاقتصادي يعد خلاصة لأفكار ووجهات نظر أكثر من 56 استاذ اقتصاد من 14 جامعة مصرية للمساهمة في إيجاد حل سريع لبعض المشكلات الاقتصادية الحالية التي يمر بها اقتصاد مصر، مؤكدا أن الاتحاد ومنتسبيه سوف يلتزمون بتنفيذ هذا الدستور لتخطي هذه المرحلة الحرجة التي تشهدها البلاد. وبالنسبة للدور الاجتماعي للقطاع الخاص، قال الوكيل "إن هذا الدور نراه واضحا في كافة ربوع مصر من خلال إنشاء مؤسسات وجمعيات تنموية وتقديم خدمات للمجتمع سواء مستشفيات أو مراكز تدريب وغيرها من الخدمات التي تقع على عاتق القطاع الخاص". وأضاف أن القطاع الخاص له دور كبير في توفير العديد من فرص العمل، حيث ساهم في خلق 90 في المائة من فرص العمل خلال العقد الماضي، فضلا عن مساهمة القطاع الخاص بنسبة 67 في المائة من الناتج القومي الإجمالي. ودعا رئيس الاتحاد الحكومة إلى مزيد من الاهتمام بتنمية وتحديث قطاع التجارة وبخاصة الداخلية والتي تعد همزة الوصل بين القطاع الإنتاجي والمستهلكين ، وهو ما يساهم في رفع الكفاءة والتنافسية وبالتالي خفض الأسعار وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي. وطالب الوكيل بالتحرك السريع من الحكومة للعمل على التصدي للوضع الاقتصادي المتردي، والعمل على بث جو الطمأنينة للمستثمرين فيما يخص الوضع الاقتصادي في المستقبل، حيث أن الوضع الحالي يمكن أن يوصف ب "الكساد التضخمي" الذي تتباطأ فيه معدلات النمو وترتفع فيه الأسعار. وأوضح أن الأسواق حاليا تشهد حالة من تقلص الطلب الاستهلاكي وهو ما ينعكس سلبا على التدفقات المالية التي تدنت إلى مستويات ضعيفة للغاية بسبب تقلص القوة الشرائية للمستهلكين، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الحرية الاقتصادية والقضاء على كل العراقيل التي تقف حائلا أمام الحفاظ على الاستثمارات الحالية وتحول دون دخول استثمارات جديدة. وقال الوكيل إن الاقتصاد المصري يمر بمرحلة حرجة خاصة مع موجات الاحباطات التي تشهدها البلاد بسبب الفجوة بين الطموحات العالية بعد نجاح ثورة 25 يناير وما تحقق على أرض الواقع. ومن جهة أخرى، أكد رئيس الاتحاد أن الحديث عن فرض ضرائب تصاعدية من شأنه التأثير سلبا على الاستثمارات الجديدة، وبالتالي تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وزيادة الأسعار، مشيرا إلى ضرورة العمل على عدم فرض أي نوع من القيود التي تصب في النهاية إلى زيادات متتالية في الأسعار التي يتحملها المستهلك العادي.