تعاني تونس من تفاقم نسب البطالة بين الشباب .. فماهي الاسباب الحقيقية لهذا الارتفاع وهل هنالك حلول ؟. يمكن لنا أن نقول أن في تونس لا يوجد مشكل بطالة بل إن المشكل الحقيقي هو مشكل كفاءة ونقص تحمل للمسؤولية. فالنظام الجامعي في تونس وبعد إعادة هيكلته يحتوي على العديد من الشعب المنسددة الأفاق إن الطالب التونسي يقضي العديد من السنوات في الدراسة عبر جميع المراحل أجازة وماجستير ودكتوراه وفي أخر المطب يجد أن ما تحصل عليه من شهائد غير كاف لتحصيل عمل يصون كرامته عبر دخل محترم. كما أن مجانية التعليم مهدت إلى تراجع نوعية خرجي الجامعات فمجانية التعليم لا تضمن مستوى رفيع للطلبة عبر التكوين ذي النوعية الجيدة والتطوير المستمر لمنظومة البحث العلمي ولكن مثل هذه الفكرة قد تقابل بالرفض بتعلة ان التعليم بمقابل سيحرم العديد من الطلبة من مواصلة دراستهم إلا ان منظومة التعليم بمقابل تمكن الطلبة المتميزين من منح وتمكن الراغبين حقا في الدراسة من التمتع بقروض لسداد مصاريف الجامعة. ذات يوم قابلت خبيرا في التشغيل فقال لي إن أعطيتني ممرضات تونسيات يحذقنا اللغة الانجليزية سأقوم بتشغيلهم في هذه اللحظة, ولكن مثل هذا الطلب يبدو شبه مستحيل فالتونسيين تقل حظوظهم في التشغيل خارج البلاد نظراً لأنهم لايحذقون اللغة الانجليزية .. إذن البطالة في تونس على عكس الدول المتقدمة هو مشكل هيكلي وليس مشكل ظرفي فنلقي الآن نظرة على مشكل هام ألا وهو مشكل قلة تحمل المسؤولية من طرف الشباب العاطل عن العمل في تونس. إن الدولة ما بعد الثورة لا تملك عصا سحرية لتجاوز أخطاء وتراكمات سنين طويلة من التهميش للشباب وحاملي الشهائد ولكنها تصبح كذلك ان لم تأخذ الاجراءات الكافية للخروج من عنق الزجاجة .. فالتونسي بصفة عامة متعود على إلقاء كاهل المسؤولية على غيره وهو الآن يحمل المسؤولية للحكومة على وضعية البطالة التي يعاني منها. إن الشاب التونسي وبحكم التربية التي تلقاها يرى نفسه في المستقبل أستاذاً جامعياً أو طبيباً مما جعل معظم الشباب ينفرون من المهن اليدوية .. وتجدر الإشارة إلى أن بلادنا تعاني من نقص في اليد العاملة في البناء والنجارة والحدادة وغيرها من المهن الحرفية. كما ان الطالب التونسي إثر تخرجه ينتظر الحصول على عمل في الوظيفة العمومية ولا يحبذ خوض مغامرة في عمل حر بإمكانها أن تمكنه من أن يصبح صاحب مشروع عوض عن موظف عادي. حتي نوعية المشاريع التي يتم بعثها تكون ذات نسبة تشغيلية ضعيفة فمثلا يفضل رجال الأعمال الإستثمارات التجارية والعقارية على الإستثمارات الصناعية ذات القدرة التشغيلية العالية وذلك لأن مثل هذه المشاريع أكثر ضمان وأقل مخاطر. فلقد حكى لي صديق من سيدي بوزيد أن جاره تارك لأرضه الفلاحية كمحل ويعمل كوسيط عقاري عوض على أن يستغلها في مشروع فلاحي يشغل به أبناء جهته. فالمشكل إذن هو الفكر التواكلي للشباب التونسى والخوف من تحمل المسؤولية بالإضافة إلى قلة الكفاءة .. كلها عوامل مهدت للبطالة