منذ إندلاع ما يسمى بالربيع العربي تولت دويلة قطر قيادة دول الثورات العربية أو ما أطلقت عليها بالثورات ضمن ما ورد في أداتها الإعلامية" الجزيرة " التي استطاعت في السنوات الأخيرة أن تحظى بثقة المواطن العربي وأن تتصدر المشهد الإعلامي على باقي وسائل الإعلام المحلية والأجنبية, لتتراجع القوى العربية التقليدية مثل السعودية التي تهددها الإحتجاجات الشعبية والتي ما تزال مرتبكة إزاء ما يحدث في المنطقة العربية مما جعلها تنخرط في ولاء محموم في البرنامج الأمريكي لتدمير سوريا وتفتيتها ربما لتضمن بقاء السلطة الحاكمة وديمومتها كما هو الحال في مصر التي تعيد ترتيب بيتها الداخلي بعد ثورة 25 فبراير مما ساعد في صعود أسهم قطر كقطب موجه وحاضن للسياسة العربية الجديدة برعاية أمريكية. كما لاحظنا في الانتخابات الأخيرة تقديم او لنقل فرض البديل الإسلامي المعتدل كما يقدم في أروقة البيت الأبيض وتلميع صورته في قناة الجزيرة بتكثيف المداخلات لزعماء التيار الإسلامي وأنهم لا يشكلون خطرا على الديمقراطية بل بالعكس هم من يستطيعون الحفاظ على مكتسبات الثورات ويحفظون أحلام شعوبهم في التحرر والإنعتاق من ربق الإستبداد والظلم الذي شهدوه في الأنظمة السابقة ساعدت قطر الحركات الإسلامية بالتمويل المادي والدعم الإعلامي وبدء صفحة جديدة مع أمريكا لمراعاة مصالحها في المنطقة دون نقض المعاهدات الدولية ك "كامب دافيد" في مصر. بعد صعود الحركات الإسلامية إلى الحكم ضمنت قطر سوقاً جديداً ومشاريعاً وصفقات حرمت منها في الأنظمة السابقة كما حصل في تونس قبل الثورة حيث ستتولى شركة الديار القطرية تنفيذ مشروع مصفاة الصخيرة الذي ينتظر أن ينطلق في الإنتاج سنة 2014 بعد أن كانت قد تخلت عن هذا المشروع في 2007 بسبب ضغوطات الفساد المالي في النظام السابق كما صرحت في بيان رسمي لها. وسيتم إنجاز مشروع اخر لنفس الشركة بتوزر حول السياحة الصحراوية كما تكلفت الدولة بتهيئة البنية التحتية وتجهيز سبخة بن عيّاضة وتقديمها لمستثمرين من قطر والتي وجدت في السوق التونسية استثمارا جيدا يقال أنه هضم الكثير من حق الدولة التونسية وأنه هدية من حلفائها الحكام الجدد ردا للجميل القطري. وفي المقابل ظلت قناة الجزيرة بوقا إعلاميا للحكام الجدد والكل يتذكر تغطيتها للعرس الجماعي الذي أقيم في ولاية منوبة بحضور وزير الخارجية رفيق بوشلاكة علما وأن في نفس الليلة شهد الشعب التونسي فاجعة موت أكثر من 80 شاباً تونسياً في الهجرة غير الشرعية نحو إيطاليا بعد أن ضاق بهم الحال في تونس من ضيق اليد وضيق الأفق أيضا وهو ما يفسر الدور القطري في البلاط العربي ولعل تسجيل امير قطر حول طاعة رئيس تونس ومصر وإذعانهما لما يقوله يكشف الكثير عن دور قطر في المشهد السياسي العربي وتأثيره أيضا في القرارات المهمة وقبل هذا احتضان تونس لمؤتمر أصدقاء سوريا الجناح المعارض والمدعوم بقوى خارجية وطرد سفير سوريا من الأراضي التونسية سابقة عربية لم يحدث ان حدثت قبل. ولكن هل المواطن العربي طرح على نفسه لم قطر تدعم الحركات الرافضة للاستبداد وهي التي لم تشهد يوما التداول السلمي للسلطة والديمقراطية الداخلية والتعدد الإعلامي في الدولة حتى أن الجزيرة لم تتعرض يوما إلى محاور تسيء لقطر بشأن حقوق الإنسان وهي التي شهدت سجن مدون ناهض سلطة أمير قطر الذي اعتبره غير شرعي بعد انقلابه على ابيه وأخيرا سجن الشاعر "محمد ابن الذيب" بسبب قصيدة إعتبرتها السلطات القطرية تحريضا على قلب نظام الحكم وهو ما يتناقض مع الخطاب الرسمي حول الديمقراطية والتبشير بها في دول الربيع العربي. لما لم تسعى قطر إلى إقحام فلسطين في ثورات الربيع العربي وهي التي أحوج إلى الاستقلال وبناء دولتها بعيدا عن المحتل الأجنبي الذي لا يدخر وسعا في حصد أرواح المدنيين الأبرياء ولعل غزة لا تزال تعاني من مخلفات الديمقراطية التي أوصلت حماس إلى السلطة سنة 2005 ؟؟ وماتزال تعاني حرب 2008 أو أن زيارة أمير قطر لغزة الأخيرة سيفتح جبهة للإخوان ليخلق أزمة أخرى تمنع من تشكل وعي حقيقي فلسطيني بتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة .؟؟؟. هل أن قطر فعلا هي البوصلة الصحيحة للتحرر والإستقلال أو أنها صنيعة أمريكية توجهها لتحقيق مطامحها وبرامجها بعد أن حققت في هذه الثورات ما لم تحققه بقوة السلاح كحرب العراق مثلا .؟ .. هذا دون أن ننسى أن الدولة القطرية تستضيف قطر قاعدتين عسكريتين أمريكيتين على أراضيها، علما وأن البرقيات الدبلوماسية المسربة عبر موقع ويكيليكس ذكرت إن قطر تدفع 60% من تكلفة التواجد العسكري الأمريكي على أراضيها. ربما تتناسى قطر أنها حشرت ضمن قوى في المنطقة تهددها في حلمها بالريادة على المنطقة العربية وتسعى إلى إقلاقها حقا بلعب ورقة الحليف الأمريكي خاصة في ظل وجود إيران العنصر المربك لقطر كذراع أمريكية في المنطقة يعرقل مشروع الشرق الأوسط الجديد كما ورد في تصريح كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في سنة 2003 والتي طالبت بفرض الديمقراطية في الدول العربية. ربما هذا التصريح يساعدنا في فهم إنتشار الإحتجاجات الشعبية في المنطقة العربية من تونس إلى اليمن والتي ما تزال متأججة في سوريا إلى يومنا هذا ولكن وقوف إيران وروسيا والصين إلى جانب النظام السوري يبعثر أوراق أمريكا وقطر في الهيمنة الكلية على منطقة الشرق الأوسط لأن النظام السوري لن يسقط وسيعيد بناء نفسه وترتيب أوراقه وإن تطلب هذا الأمر بعض الوقت. فقضية سوريا شائكة لأن الإرهاب الذي صدرته قطر من مختلف عواصم الربيع العربي من تونس وليبيا ومصر سيرجع إلى البلاد المصدرة وسيعيق فعلا مسيرة الحرية والديمقراطية التي إنتفضت من أجلها الشعوب كما سينخر السعودية إرهاب القوى المتطرفة التي مولتها بالمال والسلاح لتوجهها نحو سوريا لكن ستحول وجهتها هذه المرة نحو السعودية وباقي دول الخليج التي لم تقف إلى جانب سوريا .. وسنرى في القريب انهيار إمارات ومملكات آل الخليج وإنهيار أسطورة قطر وأميرها.