برغم إنشغال الشارع المصرى اليوم بالعديد من القضايا الهامة بالإضافة إلى بعض القضايا الهامشية فقد طفى على السطح موضوع مثير ربما يشغل الشارع المصرى للأسابيع القادمة وهو خبر القبض على الجاسوس الإسرائيلى . وهذا الموضوع تم نشره بإهتمام شديد فى بعض المواقع الإخبارية كاليوم السابع مثلاً وهناك من نشره بقليل من الإهتمام ربما على سبيل الحيطة والحذر وبدون إضافة بهارات إعلامية كموقع الدستور . وهذا أيضاً تبعه إنقسام فى آراء الشارع المصرى حول هذا الموضوع بين مصدق وبين مشكك فى سيناريو القصة من أصلها . ومن المؤكد أن المجلس العسكرى الحاكم الآن فى مصر يفتقد للحنكة السياسية وظهر هذا جلياً فى معالجة هذا الموضوع إعلامياً فوضع نفسه فى مأزق لا يحسد عليه . فالمجلس العسكرى راهن أو يمكن أن نقول جازف ورمى بكل الأوراق التى لديه مرة واحدة بدون تروى وتمحيص جيد فى الأمر . وكان من الأولى للمجلس العسكرى أن يسأل نفسه ويجيب على سؤالين قبل أن يقرر عمل فرقعة إعلامية غير حكيمة على هذا الموضوع : الأول : لو إفترضنا أن هذا الشخص فعلاً جاسوس ويعمل لحساب الموساد فماذا سيستفيد المجلس العسكرى ؟ . والثانى : إذا إتضح فى أخر الأمر أن هذا الأمر ملفق فما موقف المجلس العسكرى حينها وماذا سيكون موقفه أمام الشعب المصرى وأمام الرأى العام ؟ . فالمجلس العسكرى برغم إمتلاكه ثقة غالبية الشعب المصرى ولكنه حاول بهذا الموضوع أن يكسب ثقة القلة الباقية - لحاجة فى نقس يعقوب - ومن المؤكد أن هذا الأسلوب لا ينتمى للفكر السياسى بصلة فالسياسة لا يوجد بها عمليات فدائية أو إنتحارية . ودعونا نتتبع ملخص سيناريو الموضوع كما تم نشره فى الإعلام : أعلن المستشار عادل سعيد النائب العام المساعد والمتحدث الرسمى للنيابة العامة أن النيابة ألقت الأحد القبض على الجاسوس الإسرائيلى "إيلان تشايم جرابيل" فى أحد الفنادق بوسط القاهرة. وأوضح المستشار السعيد فى بيان له أن النيابة العامة كانت قد تلقت معلومات من المخابرات العامة التى أشارت إلى أن الجاسوس المذكور قد تم دفعه إلى داخل البلاد وتكليفه بتنفيذ بعض الإحتياجات للجانب الإسرائيلى وتجنيد بعض الأشخاص لتوفيرها للجانب الإسرائيلى من خلال نشاطه فى التجسس ومحاولة جمع المعلومات والبيانات ورصد أحداث ثورة 25 يناير والتواجد فى أماكن التظاهرات وتحريض المتظاهرين على القيام بأعمال شغب تمس النظام العام والوقيعة بين الجيش والشعب بغرض نشر الفوضى بين جميع المواطنين والعودة لحالة الإنفلات الأمنى ورصد مختلف الأحداث للاستفادة بهذه المعلومات بما يلحق الضرر بالمصالح السياسية والإقتصادية والإجتماعية للبلاد والتأثير سلبا على الثورة. وأشارت معلومات المخابرات العامة إلى أن المتهم كان أحد عناصر جيش الدفاع الإسرائيلى وشارك فى حرب لبنان عام 2006 وأصيب خلالها. وأشار المستشار السعيد إلى أن نيابة أمن الدولة العليا تتولى التحقيقات فى تلك الواقعة حيث أمر النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود بحبس المتهم على ذمة القضية لمدة 15 يوما ..وقال أنه فور إنتهاء النيابة العامة من التحقيقات ستعلن تفاصيلها. وفى نقس السياق حاول موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي «رسم صورة جديدة» ل«إيلان جرابيل» المحبوس 15 يوماً في مصر على ذمة التحقيق بعد اتهامه بالتجسس لحساب إسرائيل، وذلك من خلال تقرير عن البروفايل الخاص بصفحته على موقع ال«فيس بوك» وذكر الموقع أن «البروفايل المكتوب باللغة الإنجليزية ويتضمن قليلاً من اللغة العربية رسم صورة للشاب الإسرائيلي الذي كان موجود مؤخراً في مصر وقد كتب على صفحته أنه يدرس في الأزهر ويمكن القول إنه كان يمزح». وتشير المعلومات الموجودة على صفحة «جرابيل» على ال«فيس بوك»، إلى أنه يهودي أمريكي المنشأ، هاجر إلى إسرائيل في 2004 لدراسة سنة أكاديمية في جامعة بن جوريون في بئر سبع، ثم قرر التجند في الجيش الإسرائيلي، وأثناء خدمته العسكرية في سلاح المظليين، شارك في حرب لبنان الثانية، وجرح أثناء معركة في جنوب لبنان. وقال الموقع إن النشاط الأخير ل«إيلان جرابيل» على صفحته على ال«فيس بوك» كان ليلة السبت، حين رفع 15 صورة لشوارع مصر التقطها على ما يبدو بهاتفه المحمول، ومنذ رفع هذه الصور لم يتم استخدام صفحته، وأضاف الموقع الإليكتروني أن أحد أصدقائه ويدعى «إسرائيلي» كتب على صفحته بالإنجليزية بعد ذلك: «إذا كان أي أحد لديه فكرة عن كيفية مساعدة إيلان، يتصل بي»، ثم كتبت بعد ذلك صديقة له بالعبرية: «أين أنت، وماذا تفعل». وفي الخامس من يونيو كتبت له صديقة أخرى: «إيلان أين أنت؟ استلمت رسالة غريبة جداً، أنك تحولت لشهيد، وأن هذا سر كبير جداً، هل أنت بخير؟ أنا قلقة جداً»، فرد عليها «جرابيل» بالعبرية قائلاً: «كل شيء على ما يرام» ويمكنك الاسترخاء. وفي تعليق آخر كتبه «جرابيل» لصديقته قال لها: «لدي علاقات خاصة بالمساجد والحركة السلفية». ولفت موقع «والا» إنه عند الكشف عن معلومات شخصية عن «إيلان جرابيل» في وسائل الإعلام الإسرائيلية تم تغيير إعدادات الخصوصية لمنع الوصول إلى صوره على صفحته على الفيس بوك، في إشارة إلى أن شخص آخر غير «إيلان» يمتلك هو أيضاً كلمة السر الخاصة بالصفحة، وأثناء محاولة الدخول على صفحة «إيلان جرابيل» على ال«فيس بوك» بعد ذلك، لم تكن موجودة على الشبكة. وفى تصريح للجاسوس الاسرائيلى السابق عزام عزام وربما يكون هذا التصريح تم دراسته والتخطيط لردود أفعاله فى الموساد قال : أنه يعتقد أنه لا يوجد جواسيس فى الوقت الراهن فى مصر مشيراً إلى أنه سيتم الإفراج قريبا عن الإسرائيلي الذي أعلنت السلطات المصرية إحتجازه على خلفية إتهامه بالتجسس لصالح إسرائيل. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية اليوم الاثنين عن عزام قوله : للأسف أي صحفي أو مواطن إسرائيلي يتم احتجازه في مصر بعد الثورة سيتم التعامل معه على أنه جاسوس هذه محاولة من المجلس العسكري لإرضاء الجماهير . ومن المعلومات المتوفرة عن إيلان أنه مزدوج الجنسية أمريكى إسرائيلى وهو أمريكى المولد ولد فى نيويورك وإسرائيلى الجنسية بالوراثة ولهذا من المنطقى أن يخدم فى جيش الدفاع الإسرائيلى كمجند إحتياطى لفترة . ومن المؤكد أن إيلان حضر لمصر منذ فترة ليست بالقصيرة وإستطاع فى وتلك الفترة أن يكسب ثقة كثير من الناس من الأطياف المختلفة ربما بسبب حب غالبية المصريين لإظهار إحتفاؤهم بضيوف مصر وربما بسبب كاريزما خاصة هو نفسه يمتلكها . وسنضع أمام القارئ جميع الإحتمالات لرؤية المشهد بشكل أوضح : - إيلان فعلاً جاسوس جنده الموساد للوقيعة بين طوائف المصريين والمخابرات المصرية نجحت فى الإيقاع به . - إيلان فعلاً جنده الموساد ولكن كطعم للمخابرات المصرية للتمويه عن عميل أكبر أو إستخدام قضيته كورقة ضغط . - إيلان ليس عميلاً للموساد ولكن شخصية ساذجة ومتهورة وإستغلت المخابرات المصرية سذاجته لإستخدام قضيته كورقة ضغط ربما على إسرائيل وربما على بعض أجنحة الثورة . - إيلان شخص محب لمصر وللثورة وساهم فيها ولكن لأنه يمتلك الجنسية الإسرائيلية فهو شخص غير مرغوب فيه . هذه الإحتمالات السابقة هى عبارة عن أراء ورؤى الشارع المصرى فى شخصيته ولكن المرجح أن الإحتمال الأول والرابع لا محل لهما من الإعراب ويبقى الإحتمال الثانى والثالث لتثبت لنا الأيام القادمة أيهما الإحتمال الأرجح ونجد إجابة لتساؤلنا : هل إيلان جرابيل سيصبح ورقة الجوكر للمجلس العسكرى أم سيصبح ورقة التوت ؟ .