التاريخ ينقل لنا عبر صفحاته القديمة والحديثة أمثلة كثيرة على أن صناعة الثورة في البلدان متقدمة كانت أو متأخرة كبيرة المساحة أو صغيرتها كثيرة السكان أو قليلها تحكمها أنظمة وقوانين لا تختلف كثيراً مع بعضها البعض. أن الافكار والقيم والممارسات لحتمية الثورة وقيامها اذا تحققت شروطها وطرق تنفيذها ووجود وسائلها. والأحزاب السياسية بما فاض من انائها وعباقرة ومفكرين مؤسسيها الكثير من الدلائل على حتمية نجاحها لان البعض منها لعبت دوراً كبيراً في حياة المجتمع العربي وإضمحلت وأفل بريقها وطوت الأيام ذكرياتها وأصبحت ماض لايلتفت له لهزالة جسدها وهشاشة حلقاتها وإنعدام جماهيرها لأنها مرحلية ظهرت بردة فعل على واقع هش مرتبط بزاوية من زوايا الحياة , والآخر بقي مستمراً لمساحة قاعدته ومصداقية تعامله ووضوح أهدافه ومتانة تنظيمه وقوة مبادئه وشجاعة قيادييه وعمق تاريخه ونظافة تمويله. وأكدت أدبياتها سواءاً كانت إشتراكية المذهب أو رأسمالية التوجه أو بين هذا وذاك أن وصول الفساد لرأس السلطة في أي حكومة تمسك زمام الأمور للبلدان المختلفة لزاماً على الجمهور فضحها والثورة عليها ليصحح ميزان العدل ويقلب مسارها وينهي الفساد فيها. مشكلة بلدي يعرفها القاصي والداني لأن الفساد فاق رأس السلطة وتجاوز حدود المعقول ولم يعد في القوس منزع والجميع يأن ويتلوى لما وصلنا اليه من حالة مأساوية ، هذه الآفة الفتاكه التي لم تبق ولاتذر. ورغم الاصوات العالية والاقلام الشريفة والمواقف التحذيرية إلا أن أحداً لايسمع مطلبك ويحقق حلمك ويقف لجواب سؤالك لانهم لاهثون وراء مكاسب آنية ومطالب دنيوية بأساليب رخيصة مقتها الداني والقاصي ونبه عنها وتظاهر ضدها وهتف بسقوطها. إذن لزاماً على الرجال العراقيين أن يقفوا موقف رجل واحد ليقولوا قولهم ويعملوا فعلهم ويفضحوا غي قادتهم التشريعيين لمطلب حرمته القيم السماوية والأعراف الدنيوية والعقول الراجحة من مرجعيات ومثقفين وجماهير ومنظمات مجتمع مدني بقولهم ان الرواتب كثيرة والإمتيازات واسعة والتقاعد باطل لفئات عديدة من قادة العملية السياسية في العراق. فلماذا هذا الاصرار والتكبر والعنجهية وعدم الرضوخ لصوت الحق والوقوف عندها وإلغاءها ؟؟؟. إن المماطلة في القرار وحساب الزمن واللعب على الحبال والكلام المعسول لايجدي نفعاً ، وها نحن رأينا ما أفرزته ساحات الجهاد في بلدي من تظاهر وإستنكار وبهتافات : "بالدم بالروح نفديك ياعراق" .. ولاشيء أعظم وأثمن وأرقى وأعز منه وبأجساد عارية إلا من ستر عورة خرجت تنادي ضد الظلم والفساد وسرقة المال العام ومكافحة الجريمة وفضح الخونة. إذن هي سلمية بمعنى الكلمة ولاشيء يخدش الحياء أو يهدم بمعاوله البناء أو مقصات لفتح الأقفال وسرقة المال العام وحرق المحلات ودوائر الدولة وهتاف لإسقاط حكومة .. أبداً فشعاراتهم واضحة ونياتهم سليمة وخروجهم سلمي بعد أن طفح كيل صبرهم ونفذ خزينهم من الخكمة والتروي . إن التظاهر تعبير عن مكنونات النفس المختبئة بين طيات ظلم قديم ومرض مستفحل وآلام قديمة عاشها منذ سنوات العتمة وزمن الغيوم السوداء. لندعه يتظاهر وينفس عن كربات نفس آلمها الجوع ووجع السياط وأقبية السجن الكبير في بلد إنعدمت فيه الحرية وتكميم الأفواه وقيود السلاسل وزنازين الأقبية ودهاليز الظلمة والجوع والحرمان وشظف العيش. لايؤذيني صوتهم ولايؤلمني فعلهم لأنهم مني وأنا منهم .. فواجبي تجاههم أن تكون يدي معهم وقدمي لجانب قدمهم وهتافي أعلى من هتافهم حتى يتحقق المطلوب ونمنع الفساد ونحارب السراق وخفافيش الليل قبل أن يسرقوا بسمتي ويمحوا فرحتي ويحيلوا جسدي لأشلاء لا تقف على شيء منه .. تجربتي وأنا كفيل بحمايتها لأنني عراقي وأتحسس أنفاسهم وأسمع بكائهم واتألم لوجعهم. ان الحق ان نلغي كل الامتيازات التي حصلوا عليها من رئاسات ثلاث ودرجات خاصة واعضاء مجالس وان نلتفت للفقير ونحقق له ما كنا نسعى له في بلاد الغربة عندما كنا نمني النفس بذلك وياخذنا الحنين لتربة الوطن وللهفة الاهل والشوق للاحبة. فمن غير المعقول ان نكون ظالمين بعد أن كنا مظلومين !!!. نطالب برجاحة العقل وسعة الصدر وشفافية التعامل وحسن الخلق والرأفة بالناس لاننا جزء منهم ونسعى لاسعادهم لا ان نقف بوجه تطلعاتهم المشروعة ومطالبهم القانونية لمنع الفساد وخراب البلاد .. ولاتجعلونا نردد المثل الشعبي : "لاحظة برجيله ولاخذت سيد علي" .. "تيتي تيتي مثل مارحتي جيتي" .. "ويافرحة الما تمت". قيادتنا حكيمة وشعبنا عظيم ونجزم ان الذي نصبوا إليه سيتحقق ولكن نتمناه بأسرع وقت ليس بالمماطلة والضحك على الذقون لأن "الحديدة حارة" وملأ السجون ومصادرة الحريات لايحل مشكلة. ان الزمن كشف لنا الكثير من التجارب التي بنيت على أذى الناس وعشنا نهايتها .. نريدها مدنية السلوك جميلة المنطق شفافية التعامل ويد بيد لنفوت الفرصة على أعداء الأمة والشعب ونحمي جدار بلدنا من الأعداء ومتربصي الفرصة وسراق الظلمة.