مسكينة دينا! هي الوحيدة التي دفعت الثمن! بدلا من ان تنام الطفلة.. عروستها في حضنها.. ظلت طول الليل تصرخ وتبكي في هيستريا.. فما خبرته ورأته بعينيها يفوق احتمال الكبار.. فما بالنا بطفلة صغيرة لايزيد عمرها علي ثلاث سنوات؟! رأت دينا - فيما يري النائم عندما يهاجم عقله كابوس - والدها وهو يقتل امها.. ذبحها وهي نائمة - بمخرطة الملوخية- وازداد الزوج شراسة عندما انفجرت الدماء من رقبة زوجته فظل يطعنها دون ان يدري - حتي وصلت عدد الطعنات إلي 61 طعنة! جريمة المطرية لم تكن إلا جزءًا من جرائم العنف البشعة والغريبة - التي تضرب الأسرة المصرية.. فلا يكاد يمر يوم إلا ونقرأ عن زوج يقتل زوجته.. أو زوجة قتلت زوجها! والآن بالتحديد.. ما الذي جري في شارع علي الطحاوي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل؟! انتهت ياسمين متولي »32 سنة« من دراستها وحصلت علي دبلوم الصنايع، لم يشغل بالها سوي مساعدة والدتها في تربية أخوتها ومعاونتها في أمور الحياة.. قررت أن تعمل »كوافيرة« خاصة أنها تعلمت هذه المهنة أثناء فترة دراستها.. وبالفعل اتفقت مع صاحب محل كوافير حريمي وذهبت في اليوم التالي حسب الاتفاق.. وهناك التقيت بمجدي »مصفف الشعر بالمحل« الذي عندما شاهدها أعجب بها منذ النظرة الأولي.. خطفت قلبه ورآها فتاة أحلامه التي يبحث عنها بين كل الفتيات. وبالفعل وافقت ياسمين علي الزواج هذا الرجل الذي تقدم لها حتي تسعد قلب امها - الذي غادره الفرح منذ وفاة شريك العمر وتم حفل الزفاف وسط مباركة الأهل والأحباب وأصدقاء العروسين. حرم عليها التحدث في الهاتف أو حتي مجرد النظر إلي أحد أقاربها من الرجال.. المتزوجون منهم وغير المتزوجين.. اكتشفت أنه مصاب بمرض الوسواس القهري فهو غيور عليها بصورة زائدة عن الحد.. ومن هنا بدأت المشاكل.. فإذا شاهدها تتكلم مع أحد بالصدفة سواء في العمل أو خارجه.. تعرف ياسمين أن هذا اليوم لن يمر بسهولة وتستعد »لعلقة ساخنة« سوف تلقاها منه!.. وهكذا مضت الأيام بهما.. حتي شعرت ياسمين إلم في بطنها.. ذهبت للطبيب وهناك عرفت أنها حامل في الشهر الثالث.. أبلغت زوجها الذي ملأت السعادة قلبه.. وبدأ يتغير بعض الشيء.. وأخيرا وضعت حملها وأنجبت »دنيا«! اعتقدت ياسمين أن زوجها سوف يتغير أو هكذا تخيلت- لكن الوضع لم يتغير كثيرا.. بل تفاقم سوءا ووصل إلي حد الادمان.. فذات يوم فوجئت به يدخل عليها متأخرا.. يتمايل يمينا ويسارا.. غير مدرك لما يفعله أو يقوله.. اندهشت الزوجة المسكينة.. أمسكت به قبل أن يسقط علي الأرض.. لكنه انتفض من مكانه وضربها بدون سبب حتي انه احتشد الجيران أمام شقتهم علي صرخات الزوجة التي هرعت هاربة إلي منزل والدتها بعد أن علمت أنه فعل ذلك تحت تأثير البرشام.. لكن بحكمة الأم أعادتها في اليوم التالي إلي بيتها ونصحت ابنتها بالعيش من أجل الطفل الصغيرة، لكن الزوج يأتي يوميا فاقد الوعي بل الاكثر من ذلك بدأ يتعاطي البرشام في البيت أمام عينيها مما كان يثير اشمئزازها وغضبها ويتسبب في المشاكل التي كانت تنتهي بالمشاجرات وضربه لها في النهاية. بألم وحسرة تكظم الزوجة المسكينة غيظها وتنام ودموعها علي خديها محتضنة طفلتها التي كانت تهون عليها آلامها وعذابها مع هذا الزوج المدمن للبرشام - ومرت بعض الأيام بين الزوجين - حتي ذات ليلة! ليلة الجريمة! اعتاد مجدي الذهاب إلي عمله وبصحبته زوجته وهكذا عند العودة.. لغيرته الشديدة عليها، هذا بالاضافة إلي أنهما يعملان في نفس محل الكوافير.. في اليوم الأخير أنهي مجدي عمله وجلس ينتظر زوجته حتي انتهت من عملها - الذي تأخرت فيه ومعه شعرت ياسمين انها مرهقة ومتعبة من مجهود يوم طويل خاصة وانها تعاني من مرض السكر.. اصطحبها زوجها لشقتهما لكنها ذهبت لوالدتها وأتت ابنتها.. في هذه الليلة لاحظت الزوجة أن زوجها غير طبيعي.. دائم الضحك والتهريج معها.. يسمعها أحلي كلمات الحب والغزل.. تعجبت لكن في نفس الوقت توجست خيفة من ان تنقلب هذه الليلة إلي غم ودموع - كما تعودت! نظر الزوج لزوجته وطلب منها الانتظار حتي تذهب طفلته في نوم عميق.. ادركت ياسمين ما يريده مجدي منها.. تغير وجهها.. أبدت اعتراضها.. لكنه أصر علي حقه الشرعي.. حاولت أن تقنعه بتعبها وإرهاقها الشديد الأمر الذي أثار غضب الزوج وظل يشتمها بألفاظ بذيئة.. لم تتحمل وسارعت بالرد عليه.. ونشبت بينهما مشاجرة عندما فشل الزوج في الحصول علي حقه الشرعي بارادتها أو بدون إرادتها وفي النهاية تسلل إلي المطبخ وأحضر »خراطة الملوخية« بعدما فشل في ايجاد سكين وضرب زوجته علي رأسها فقدت وعيها علي أثرها - بعدها ظل يطعنها عدة طعنات وضربات متتالية فارقت بعدها الحياة في الحال.. ثم جلس الزوج القاتل بجوار جثة زوجته الغارقة وسط بركة من الدماء.. أمسك بيدها وتحدث معها قائلا: »سامحيني.. قتلتك بسبب حبي الجنوني لك.. رفضت أن تعطيني حقي فأردت أن انتقم منك«!. انهي الزوج كلامه إلي جثة زوجته.. اتجه ناحية الدولاب.. غير ملابسه المطلخة بالدماء.. اصطحب طفلته دينا.. ثم أمسك بأداء الجريمة.. وخرج إلي الشارع متجها لمنزل والده بالوايلي.. وهناك أعطي أمه طفلته وحكي لوالديه عن الجريمة ثم سلم نفسه للمقدم محمد يوسف رئيس مباحث الحدائق.. الذي حرر محضرا بالواقعة وأقوال الجاني.. وتم إبلاغ اللواء اسماعيل الشاعر مساعد أول الوزير لأمن القاهرة وقرر احالة الزوج إلي دائرة سكنه للتأكد من صدق كلامه وعلي الفور قام اللواء فاروق لاشين مدير الادارة العامة لمباحث القاهرة بمعاينة مكان الجريمة والتحقيق في الواقعة.. أجري التحريات المقدم وائل طاحون رئيس مباحث المطرية الذي دلت تحرياته ان هناك خلافات بين الزوجين أدت إلي هذه الجريمة في النهاية. وأمام اللواء سامي سيدهم نائب مدير الادارة العامة لمباحث القاهرة اعترف الزوج القاتل أنه قتلها لشكه في سلوكها وامتناعها عن إعطائه حقه الشرعي احيل المتهم إلي النيابة التي باشرت التحقيق وأمرت بحبسه 51 يوما علي ذمة التحقيق. كوابيس! التقينا بوالدة المجني عليها داخل منزلها في شارع ترعة الغزالي إلي بالمطرية.. كانت منهارة الأعصاب.. الدموع لاتفارق عينيها حزنا علي ابنتها.. قالت بأسي: ياريتني لم أزوجها له أو طلقتها حينما كانت تأتي لي غاضبة.. لكن قضاء الله نفذ والآن اتفرغ لتربية حفيدتي دينا التي كلما أنظر لها أفتكر أمها..احضرت الأم المسكينة الطفلة.. تحدثنا معها فقالت: »بابا قتل ماما بالمخرطة.. والدم خرج من رأسها.. بابا وحش.. أنا مش عايزه أروح له«.. ثم انخرطت في البكاء وأسرعت إلي حجرتها.. كلمات علي أثرها بكت الأم المسكينة وطلبت منا ان ننصرف.. واحتراما لاحزانهما غادرنا البيت وعدنا من حيث أتينا!
ما الذي جري للمجتمع؟!.. لماذا كل هذا العنف - الذي انتقل من الشارع إلي البيت؟!