هل مصادفة اننا اكثر دولة في العالم تمتلك مسميات عديدة ومرادفة للفساد والرشوة .. فالرشوة عندنا يسميها البعض اكرامية ويراها البعض الآخر هدية ويدللها البعض بأنها نفحة وهي ايضا في المعجم الشعبي المصري عطية .. كل هذا اللف والدوران مجرد محاولة من الفاسدين والمرتشين لتجميل صورتهم رغم انهم يعلمون يقينا ان ما يقومون به هو جريمة مكتملة الاركان وفساد صريح لا يحتمل اللبس .. الفساد ظل في كل هيئة ومصلحة من اول السايس الذي يقف امام المصلحة مرورا بعامل الاسانسير والساعي الذي يحمل الورق والموظف الذي يراجع الورق والمدير الذي يوقع الورق واخيرا الرئيس الذي يعتمد الورق وكل برغوت علي قد دمه ،فالسايس في الشارع قد يرضي بجنيه ومثله عامل الاسانسير ولكن الساعي سيقول لك بالفم المليان عايز ورقة حمرا بعشرة أما الموظف سيكتفي بفتح الدرج بابتسامة عريضة وانت وذوقك لكن هذه الابتسامة ستتحول بسرعة الضوء الي تكشيرة مخيفة اذا لم يلمح ورقة بخمسين علي الاقل تزين الدرج ..أما البيه المدير فلن يقبل بأقل من هدية قيمة من عينة الولاعات والاقلام الذهبية او الكرافتات والعطور المستوردة ..وتتضخم قيمة الرشوة او الاكرامية او الهدية اوالنفحة مثل كرة الثلج كلما صعدت درجات الجهاز الاداري وتصل احيانا الي شيكات علي بياض وفيلات وشقق فاخرة تتنوع في قيمتها ومساحتها حسب حجم المصلحة المقدمة للراشي وفي دولة فسادستان التي كنا نعيش فيها تجاوز الفساد رؤساء المصالح والهيئات وامتد الي الوزراء وتجاوزهم ليشمل اكبر رأس في الدولة باختصار الفساد تغلغل في كافة مؤسسات الدولة من السفح الي القمة والقضاء عليه لن يتم بين يوم وليلة لانك ستحتاج الي طوفان جديد مثل طوفان نوح لابادة 90٪ من العاملين في الجهاز الاداري بالدولة والذين تربوا علي الفساد والرشوة واعادة تعيين موظفين وعاملين جدد نربيهم علي الاخلاق والفضيلة .. القضاء علي الفساد لابد ان يحدث تدريجيا بتنظيف الادوار العليا نزولا الي الادوار الدنيا حتي يتم تنظيف وتطهير البناء كله ..والقضاء علي الفساد يكون ببتر العناصر الفاسدة وليس نسف البناء كله بما فيه ومن فيه .. المسألة ليست معادلات كيميائية مستعصية علي الحل وليست لوغاريتمات صعبة الفهم .. المسألة فقط تحتاج الي نوايا صادقة ..وقليل من الصبر