الشعب الأمريكي بانتخابه لترامب جعل العالم يضرب أخماسا في أسداس، لما أطلقه الرجل من آراء وتصريحات حادة تكاد تقلب الموازين المعروفة وتهز العلاقات الممتدة بين الولاياتالمتحدة وأوروبا ومعظم دول العالم، وقد اكتسبت تلك الآراء والتصريحات قوة خاصة، فالرجل - مثير الجدل، ومتحدي الواقع، ومحطم المنهج التقليدي للانتخابات، والذي انتزع الفوز بالرغم من أنف كل القوي التي عملت ضده وأعلنت انحيازها لمنافسته »هيلاري»، (كالإعلام، والإدارة، وحتي قيادات حزبه الجمهوري) - اثبت انه نموذج مختلف لرؤساء أمريكا، ولديه الجرأة والشجاعة في اتخاذ أقوي القرارات، خاصة وأنه ضمن مقدما تأييد ودعم حزبه الذي يملك الآن الاغلبية في »الكونجرس» بغرفتيه: »الشيوخ» و»النواب» لذلك كان من الطبيعي ان يضرب العالم أخماسا في أسداس، وتنطلق التساؤلات والاستفسارات، وربما التمنيات والدعوات! فكادت بريطانيا تنطوي علي نفسها توجسا من ان تفقد مكانتها لدي العزيزة الكبري »أمريكا» حتي لو كانت هذه المكانة هي مجرد »ذيل» للرئيس الأمريكي كما كان »توني بلير» ذيلا شهيرا لجورج بوش الابن!! وتجهم وجه ألمانيا وهي تعلن صراحة قلقها، وتحدثت المستشارة »ميركل» عن ضرورة اللقاء العاجل مع الرئيس المنتخب، وارتبك وجه فرنسا وهي تكاد تناشد أمريكا ألا تتخلي عن سياستها الممتدة منذ عقود وأبدي »أولاند» رغبته هو ايضا في اللقاء مع »ترامب». وفي ذات الوقت دعا »جان كلود يونكر» رئيس المفوضية الأوروبية، دول الاتحاد الاوروبي الي تحمل المزيد من المسئولية والاعباء في مجال السياسة الدفاعية حتي تصل الي هدف تأسيس »جيش أوروبي» تحسبا لتخلي »أمريكان ترامب» عن حلف الاطلنطي والمساندة المجانية لأوروبا وغيرها! وتتواصل توابع الزلزال الذي فجره فوز »دونالد ترامب» فترتسم الابتسامة علي وجه الثعلب الروسي »بوتين» لما بدأ من استعداد »ترامب» للتعاون مع روسيا، مما يوحي بإمكانية تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن، تجاوزا لمرحلة التوتر والعداء التي تسببت فيها سياسة »أوباما وشريكته هيلاري» ولعل ابتسامة مشابهة قفزت الي وجه »بشار الأسد» الذي لاحظ ان »ترامب» لا يهمه الا ضرب داعش وكل التنظيمات الإرهابية سواء بقي الاسد أو غاب، كما ان ابتسامة غامضة ظهرت علي وجه »أردوغان» بأمل الاستجابة المؤجلة او المجمدة لتسليم الداعي »فتح الله جولان» الي انقرة بدعوي مسئوليته عن الانقلاب الوهمي الذي استغله »السلطان الوهمي اردوغان» ليضرب عرض الحائط بالديمقراطية والحرية، باعتقال مئات الآلاف من القضاة والإعلاميين والموظفين العاديين.. وربما تتراجع وتتلاشي »الابتسامة الأردوغانية» اذا ما صدمه ترامب والكونجرس برفض مطلبه.. وسياسته. وتضع »إيران» يدها علي خدها قلقا من احتمال إلغاء الاتفاق النووي. ونصل معكم الي واحدة من أجمل توابع »الزلزال الترامبي» وهي رؤيته لمصر ورئيسها عبدالفتاح السيسي الذي التقي به اثناء حملته الانتخابية عندما كان السيسي في »نيويورك» لاجتماعات وجلسات الجمعية العمومية للأمم المتحدة فقد أبدي »ترامب» اعجابه بالرئيس المصري، وتقديره لموقفه الواضح من الإرهاب، ودعوته لتصحيح الخطاب الديني. وفي الجانب الآخر أعلن السيسي قبل انتهاء المعركة الانتخابية ما بدا تأييدا للمرشح ترامب وتوقعا بان يكون رئيسا جيدا. وقد تجسدت هذه المشاعر الطيبة المتبادلة في اتصال الرئيس السيسي وتقديمه التهنئة للرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب، وقد عبر الرجل عن سعادته بتلك المكالمة وقال »إن رئيس مصر هو أول من هنأه». من حق مصر إذن ان تبتسم وهي تري »ترامب» وقد أزاح »هيلاري كلينتون» من الساحة بما كانت تحمله من مشاعر عدائية ونوايا اخوانية.. وحتي تظل مصر محتفظة بإبتسامة التفاؤل والثقة عليها بطبيعة الحال ان تتحرك بسرعة علي طريق تحقيق التفاهم والتنسيق مع البيت الابيض الجديد.. تأكيدا للروابط الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية بين الدولتين، بما يعيد الي مصر دورها المحوري ومكانتها كمركز الثقل في الشرق الاوسط والعالم العربي.