لاشك أن الفوز الساحق الذي حققه المرشح الجمهوري دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية هيلارى كلسنتون ليصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة خلفاً للديمقراطي باراك أوباما جاء بمثابة زلزالا قويا أصاب العديد من دوائر صنع القرار السياسى والاقتصادى فى العالم لأن فوزه جاء على عكس ما توقعته استطلاعات الرأى وعلى النقيض لما روج له الديمقراطيون بعد أن ألحق هزيمة غير متوقعة بكلينتون في الانتخابات التي جرت الثلاثاء الماضى لينهي ثمانية أعوام من حكم الديمقراطيين ويدفع بالولاياتالمتحدة إلى طريق جديد. كما جاء تعهد الرئيس الأمريكي الجديد بأن يكون رئيساً لكل الأمريكيين وأن يعمل على مضاعفة النمو الاقتصادي وتحقيق حلم الأمريكيين وبأنه سيعمل على الوصول لأرضية مشتركة مع كل دول العالم ليمثل تغيرا كبيرا فى لغة خطابه السياسى أثناء حملته الانتخابية . وليس غريبا أن يكون الرئيس عبد الفتاح السيسي هو أول زعيم دولي يجري اتصالا هاتفيا بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لتهنئة ليعبر بذلك عن ترحيب كثير من المصريين بفوز ترامب منتظرين منه العمل على اعطاء دفعة قوية لتحسين العلاقات مع الولاياتالمتحدة فى مختلف المجالات والتى شابها الكثير من الفتور والتوتر خلال حكم أوباما خاصة وأن الرئيس السيسي الذي كان قد عقد اجتماعا وديا مع ترامب خلال زيارة لنيويورك في سبتمبر الماضى قد عبر عن أمله في أن يؤدي انتخاب ترامب إلى ضخ روح جديدة في مسار العلاقات بين البلدين وقال في مقابلة مع محطة "سي ان ان" ان ترامب سيكون قائدا قويا "من دون شك". وأعتقد أن ترحيب الكثير من المصريين بفوز ترامب يأتى تشفيا فى هيلارى التى يعتبرونها عدوة للشرق الأوسط وكانت أكثر المؤيدين للفوضى التى حدثت فى دول المنطقة تحت مسمى ثورات الربيع العربي عام 2011 أثناء عملها كوزيرة للخارجية مع أوباما فى السنوات الأربع الأولى من حكمه. ومعلوم أن ترامب الذى طالما انتقد سياسة الديمقراطيين فى منطقة الشرق الاوسط ووجه انتقادات لازعة لادارة أوباما لسياساتها فى المنطقة والتى اعتبرها خاطئة أبدى خلال حملته الانتخابية اعتراضه على التوتر الموجود بين الادارة الامريكية وقيادات دول المنطقة لذلك فمن المنتظر أن يعمل جاهدا لتحقيق الاستقرار داخل المنطقة العربية كما أنه يؤيد الرئيس السيسي لمحاربته للإرهاب والتطرف الإسلامي العنيف ومن المتوقع منه تعزيز العلاقات المصرية الامريكية في هذه الفترة ويكون حليفا لمصر ويساعدها فى التركيز علي الجانب الاقتصادي ومحاربة الإرهاب. ومن المؤكد أن فوز ترامب الذى صاحبه تمكن الجمهوريون من الاحتفاظ بغالبيتهم في الكونجرس الذي يشكل المفصل الاستراتيجي للتطبيق التام لبرنامج الرئيس المنتخب من خلال سيطرتهم على البيت الابيض وعلى مجلسي الشيوخ والنواب ليكون لهم الكلمة الفصل في تعيين كبار المسؤولين الحكوميين وقضاة المحكمة العليا وهو أمر بالغ الأهمية فى تحدد وجهة البلاد في القضايا الكبرى .