أتمني أن يكون المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي يختتم أعماله اليوم في شرم الشيخ نقطة تحول في علاقة الدولة بالشباب.. متابعتي للمناقشات التي دارت علي مدي اليومين الماضيين تؤكد أن الشباب في القلب ومشاركتهم في صياغة مستقبل مصر لم تعد مجرد عبارات إنشائية تقال في الخطب والمناسبات بل هي عقيدة راسخة في وجدان الرئيس السيسي الذي تفرغ لمتابعة المؤتمر والمشاركة في مناقشاته وبدا واضحا حرصه علي أن يستمع للشباب.. كيف يفكرون.. ما هي مشاكلهم وآمالهم وأحلامهم.. وما هي رؤيتهم للقضايا المصيرية التي تحكم سياسات مصر وفي مقدمتها الأوضاع الاقتصادية والظروف الاجتماعية؟ أكثر من ثلاثة آلاف شاب من مختلف شرائح وقطاعات الشباب شاركوا في المؤتمر الذي انعقد تحت شعار »ابدع.. انطلق» وبعناوين متفائلة تشحذ الهمم »انت اللي حاتنميها.. انت اللي حاتزرعها.. انت اللي حاتبنيها» وبرعاية الرئيس ومشاركة أكثر من 300 شخصية عامة وخبراء متخصصين كتمحدثين ومشاركين ومدراء للجلسات. توجه موفق ألا يقتصر جدول أعمال المؤتمر علي مناقشة مشاكل الشباب بمفهومها الشائع والذي لا يخرج عن كونها مشاكل البطالة والتعليم والإسكان بل اتسع ليشمل كل القضايا عبر 23 مواجهة في الجلسات العامة واللجان المتخصصة بين الشباب من طلاب الجامعات والرياضيين والمثقفين والأحزاب وشباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة والمسئولين وفي مقدمتهم الرئيس والوزراء والخبراء. الهدف كان محدداً.. شرح التحديات التي تواجه مصر والجهود المبذولة لتجاوزها واستطلاع رأي الشباب في قضايا الوطن والتأكيد علي دوره في صنع المستقبل وأنه لا مجال لتهميشه أو القفز فوق طموحاته وآماله وهو ما أدركت من خلال المناقشات أن الشباب استوعبه وإن كنت أركز هنا علي قضيتين أري ضرورة أن تتواصل الجهود من أجل أن تصبحا حقيقة واقعة. الأولي: قضية المشاركة السياسية وتشجيع الشباب من مختلف القطاعات علي خوض انتخابات المحليات المرتقبة لأن المجالس المحلية هي المفرخة الحقيقية للقيادات السياسية. والثانية: هي قضية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.. كيف تصبح في متناول كل شاب بأبسط الإجراءات وتحت مظلة دعم حقيقي من الدولة يضمن نجاحها واستمرارها. استوقفتني رسائل الرئيس للمصريين التي بعث بها من خلال مداخلاته في المناقشات وأهمها أن القوات المسلحة مسئولة عن الأمن القومي بمعناه الشامل وليس حماية الحدود فقط ولهذا حينما يكون هناك ما يهدد الاستقرار والسلام الاجتماعي وهو ما يمثل بالضرورة تهديدا للأمن القومي فإن واجبها يحتم عليها أن تتدخل.. ومن هنا تأتي مبادرات القوات المسلحة لتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة لضرب الاحتكارات ومواجهة الأزمات في بعض السلع كما حدث في أزمة ألبان الأطفال.. وكشف الرئيس أن القوات المسلحة تجهز حاليا 8 ملايين عبوة مواد غذائية تتضمن السلع الأساسية ستباع بنصف تكلفتها. اهتم الرئيس أيضا بالتأكيد علي أن تسليح الجيش يتم من موازنة القوات المسلحة بعيدا عن الموازنة العامة وأن جميع مشروعاتها تخضع لرقابة جهاز المحاسبات وتسدد الضرائب المستحقة عليه.. وتعهد الرئيس أن يسلم الشعب عام 2018 مع نهاية فترته الرئاسية الأولي 1350 مشروعا. وفي رسالة أخري لطمأنة المصريين من تبعات الإصلاح الاقتصادي كشف الرئيس أن هناك إجراءات حمائية سيعلن عنها في حينها تضمن ألا يضار الفقراء ومحدودو الدخل بسبب الإصلاحات الاقتصادية المرتقبة. أسعدني أن يعلن الرئيس أن مؤتمر الشباب سيعقد سنويا في نوفمبر وبذلك ستكون الحكومة مطالبة كل عام بأن تقدم للمؤتمر كشف حساب بما تم تنفيذه من توصيات المؤتمر السابق.. وهو ما يستدعي أن تكون هناك لجنة أو لجان للمتابعة - يعلن عنها اليوم - تتواصل مع الحكومة شهريا لمتابعة تنفيذ التوصيات. وأخيرا .. لا نريدها مؤتمرات للخطب والمناقشات فقط.. نريدها حوارات فعالة تضع أيدينا علي مواطن الخلل وتقترح الحلول لعلاجها وتتابع تنفيذها.. وبذلك يثبت الشباب أنه علي قدر المسئولية وأنه يستحق أن يتقدم الصفوف ليقود الوطن إلي مستقبل واعد إن شاء الله.