» خسارة العرابي رئاسة لجنة العلاقات الخارجية، لا ينقص من قدر العرابي شيئا، لكنه يفقد البرلمان أحد الوجوه الثقيلة دبلوماسياً » وشغل »العرابي» قبل ان يكون وزيرا للخارجية، عدداً من المناصب بالخارجية المصرية، منها منصب سفير مصر في ألمانيا، كما عمل في سفارات مصر بالكويت ولندن وواشنطن وتل أبيب، وشغل منصب مساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية، قبل بلوغه سن التقاعد في مارس 2011. مؤهلات السفير الوزير النائب محمد العرابي تؤهله لرئاسة لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، وترأس اللجنة في الفصل التشريعي الأول، ولكن للأسف تكالبت عليه الأصوات لتسقطه من حالق في الانتخابات الداخلية ويخرج من السباق محزوناً، ليس بسبب الخسارة ولكن بسبب التربيط الذي لا يجيده العرابي، الوزير مفطور علي العمل الشفاف النظيف، لا يجيد اللعب تحت الطاولة، وليس لديه ما يعد به سوي مؤهلاته التي تكفل له الفوز بجدارة، إذا كان هناك لايزال من يعتبر للمؤهلات والمواصفات في الاختيارات. خسارة العرابي رئاسة اللجنة خسارة محققة للبرلمان، الوجوه المعروفة خارجياً في البرلمان معدودة، ومن يملك سجلاً في الدبلوماسية نفر معلوم، ورئاسة هذه اللجنة تحديداً في ظل الحصار الدولي تحتاج إلي خبرات في العمل الدبلوماسي، ومثل هذه الخبرة الدبلوماسية النادرة ذات الأخلاق الرفيعة جديرة بتمثيل البرلمان، وكان حري بنواب البرلمان في سياق هذه اللجنة تقديم المصلحة الوطنية علي المصلحة الشخصية، ولكن سبق السيف العزل، والبكاء علي اللبن المسكوب لا يفيد الآن. من قريب، أعرف أن العرابي قانط وحزين ويفكر جيداً في تجنب العمل البرلماني إلا في حالات الضرورة القصوي التي تحتمها عضويته في البرلمان، وسيكتفي بالوفاء بالتزاماته الخارجية مع مراكز الأبحاث والجامعات في الدول التي تطلب حضوره للاستفادة من خبراته في العمل الدبلوماسي، ويلبي حاملاً صورة مصر أينما حط الرحال. الدبلوماسية البرلمانية التي نعوّل عليها كثيراً في اختراق الحصار المضروب من حول مصر تفتقد إلي هذه النوعية الفاخرة من الشخصيات التي تعرف الطريق سالكاً إلي العالم الخارجي، ولن أسرد ما أعلمه من جهود العرابي طوال الفصل التشريعي الأول التي وضعت البرلمان في قلب البرلمانات الأوروبية بلهجة دبلوماسية واعية ومدركة وفاهمة لأصول العمل الدبلوماسي. للأسف البرلمان يفرط في عناصره المؤثرة ويجنبها بانتخابات داخلية فيها كل عيوب الانتخابات العامة من التربيط والتزبيط، وفي الفم ماء ولن أفصح عن الكيفية التي تمت بها عملية الإطاحة بالعرابي الذي خانه تقدير الموقف واعتمد علي المواصفة الشخصية والخبرة العالمية والاسم الدولي، وكلها لا محل لها من الإعراب في سياق السباق المحموم إلي رئاسة اللجان في البرلمان. خسارة العرابي رئاسة اللجنة لا ينقص من قدر العرابي شيئا، لكنه يفقد البرلمان أحد الوجوه الثقيلة دبلوماسياً، ولو كان هناك ناصح أمين لأمّن للعرابي هذا الموقع الحيوي دون دخول في صراع محسوم مسبقاً لمن يجيد التربيطات، سعادة السفير لا تحزن.