عشرات القضايا مكدسة داخل أروقة المحاكم بعضها تخطي عدد اوراقها الألف والبعض الاخر تجاوز عدد المتهمين فيه المئات.. يتساءل المواطنون دائما أين العدالة الناجزة ؟ أين سرعة الفصل في القضايا ؟. فقهاء القانون وشيوخ القضاء أجابوا علي التساؤلات المطروحة بقوة عقب ثورة يناير خاصة.. وألقي الجميع اللوم علي نصوص القانون وإجراءات التقاضي المعوقة لسرعة الانجاز في الفصل في القضايا كما ان هناك اسبابا اخري اعتبرها البعض ثانوية والاخر اكد انها جزء اساسي من المشكلة وهي مماطلة دفاع المتهمين لإطالة أمد التقاضي. اكد المستشار إسماعيل حمدي عضو مجلس القضاء الاعلي ورئيس محكمة الجنايات وأمن الدولة العليا سابقا.. ان القضاء المصري في السنوات الاخيرة قوبل بسيل من قضايا الارهاب والجرائم المرتبطة به.. فضلا عن الكم الرهيب من قضايا الفساد التي تناولت رموز الدولة وقياداتها. واضاف ان تأخير صدور الاحكام النهائية في بعض هذه القضايا ترجع الي تطبيق نصوص القانون نفسه اذ انه من المقرر بعد أن يصدر حكم محكمة الجنايات يكون لاي من الخصوم الحق في الطعن بالنقض وغالبا ما يكون الحكم قبول الطعن وإعادة الدعوي الي محكمة الاستئناف من جديد، وهنا تعود القضية الي نقطة البداية بعد أن تكون قد أنقضت عدة سنوات أمام محكمة الجنايات ومحكمة النقض. واضاف المستشار اسماعيل حمدي الي اسباب اخري في بطء الفصل في قضايا الارهاب تتمثل في كثرة عدد المتهمين الذي يجاوز عددهم 500 متهم في بعض القضايا وما يلجأ اليه بعض أعضاء هيئة الدفاع لمد اجل المحاكمة باتخاذ الاجراءات التي كفلها القانون لهم من التأجيل للاطلاع والاستعداد أو مناقشة شهود الاثبات او النفي واحيانا رد هيئة المحكمة ذاتها، وجميعها من الاسباب التي تلتزم المحكمة بإجابة الدفاع اليها وتؤخر الفصل في القضايا. تعديل قانون النقض واكد عضو مجلس القضاء الاعلي السابق انه اختصار الوقت تداول هذه القضايا أمام المحاكم ولتحقيق العدالة الناجزة يجب تعديل المادة 39 من قانون محكمة النقض المستبدله بالقانون 74 لسنة 2007 لتصبح أنه اذا حكمت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه فعليها أن تحدد جلسة تالية لنظره والحكم فيه بنفسها دون إعادة القضية لمحكمة الجنايات مرة أخري. حالة الطوارئ واضاف بالنسبة لما يقع من اعمال ارهابية فيجب اعادة النظر في احياء القانون الخاص باعلان حالة الطوارئ وتشكيل محاكم امن الدولة العيا طوارئ والتي تم الغائها وكانت تسهم بشكل كبير في تحقيق العدالة الناجزة في قضايا الارهاب مؤكدا ان اعلان حالة الطواريء ليس بدعة ولا عيب يجب التخلص منه وأنما هو ضرورة تفرضها الظروف التي تمر بها البلاد حاليا واخرها أغتيال ومحاولة اعتيال بعض رجال القضاء ورجال الجيش والشرطة والشخصيات العامة خلال فترات متلاحقة. واكد المستشار إسماعيل حمدي أن السبب الحقيقي في سرعة الفصل في قضايا الارهاب خلال فترة التسعينيات يرجع الي صدورها في ظل قانون الطوارئ ومن محاكم أمن الدولة العليا طوارئ التي لا تخضع أحكامها الا التصديق عليها من قبل رئيس الجمهورية حيث كان يبادر بإقرارها دون اي وجه للطعن عليه. حيل غير قانونية واكد المستشار محمد عزت الشاذلي رئيس محكمة استئناف الأسرة أن بطء التقاضي في مصر ليس مسئولا عنه القاضي الذي ينظر الدعوي بل تقع المسئولية علي عاتق الدفاع والخصم الذين يتعمدان إطالة أمد الدعوي الي أجل غير مسمي، فالدفاع دائما ما يلجأ الي حيل غير قانونية لتأجيل القضية كما يحلو له ففي بداية الدعوي يطلب من القاضي تأجيل القضية للاطلاع او لتصوير المستندات احيانا اخري، ويصل الأمر الي انتداب خبير ويطعن بالتزوير مما يجعل القاضي يؤجل القضية لأكثر من 6 أشهر لهذا الطلب مما يطيل امد التقاضي. قانون المرافعات وأشار المستشار عزت الشاذلي إلي ان قانون المرافعات حث علي ا نجاز القضايا لكنه يحتاج الي تعديل في الكثير من مواده مؤكدا ان الغرامة التي أقرها القانون عند عدم اثبات واقعة التزوير منخفضة جدا واذا تم تغليظ تلك الغرامة سيتم الحد من ندب خبير تزوير لكن تلك الحيلة يلجأ لها الدفاع والخصوم لإطالة القضية لتوفيق اوضاعه وظروفه. واضاف المستشار الشاذلي انه يستنكر ما يتم من اجراءات للاستئناف علي الاحكام لأن المشرع حدد رسوم الاستئناف علي الأحكام بمبلغ 16 جنيها فقط وهو مبلغ زهيد جدا ويشجع علي اتخاذ اجراءات الاستئناف اكثر من مرة لعدم تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم اول درجة. واضاف أن غياب المحامي في الدعوي يؤجل القضية وهو أحد اسباب بطء التقاضي في مصر ويجب علي الدفاع ان يضع في حسبانه ان هناك متهما او مجنيا عليه ينتظر الفصل في الدعوي. قانون السلطة القضائية و أكد المستشار حمدي عبد التواب، عضو مجلس إدارة نادي القضاة، أن مجلس إدارة النادي أصدر قرارًا بتشكيل لجنتين لتعديل وصياغة قانون السلطة القضائية، وذلك من أجل تحقيق العدالة الناجزة، وكذلك لجنة للتطوير القضائي تكون مهمتها تطوير منظومة تحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل في القضايا ومواكبة التطور التكنولوجي وتذليل كافة المعوقات في سبيل ذلك. وأضاف عبد التواب، أنه من أجل تحقيق العدالة الناجزة تم تخصيص دوائر لنظر قضايا الإرهاب غير محددة بمواعيد أو بأدوار لسرعة الفصل في القضايا ولكن تلك الدوائر محكومة وملزمة بتطبيق القوانين. التفاوض علي الاعتراف من ناحيته طالب د.السيد عتيق استاذ ورئيس قسم القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة حلوان بسرعة تطبيق نظام التفاوض علي الاعتراف حيث انه يعطي للنيابة العامة سلطة واسعة في الدعوي الجنائية وهو نظام مطبق في فرنسا وامريكا وهو يعني ان الاعتراف يساعد المتهم في تخفيف العقوبة المقررة عليه وهو ما سيؤدي لتخفيف الضغط علي المحاكم. مؤكدا انه لكي تصبح العدالة ناجزة وسريعة فلابد من حل المشاكل التي يواجهها قانون الاجراءات الجنائية والتي تكمن في مدي فاعلية وادارة العدالة الجنائية. واضاف انه لابد من سرعة اصدار تشريع للمحكمة يجيز لها بعدم جواز سماع شهود الاثبات جميعا الا في حالة اهمية تلك الشهادة والقضية فنحن نجد ان قضايا الاتجار في المخدرات والتعاطي توحدت جميع طلبات هيئة الدفاع عن المتهمين فيها باستدعاء كافة ضباط وافراد الشرطة الذين شاركوا في عملية الضبط وهو ما يعد مماطلة. واوضح د.السيد عتيق الي اهمية المطالبة بجعل نقض الاحكام علي مرحلة واحدة وليس مرحلتين وهو ما يساهم بشكل كبير في سرعة الفصل في القضايا بدلا من ان تصدر محكمة النقض حكمها باعادة نظر القضية من جديد امام دائرة جنايات. النزاعات المدنية من ناحية أخري اكد مصدر قضائي بمحكمة استئناف القاهرة أن اسباب بطء التقاضي في النزاعات المدنية يرجع اولا الي قلة عدد القضاة ومساعديهم المختصين بنظر تلك النزاعات..ثانيا قلة عدد خبراء وزارة العدل مما يؤدي الي تراكم القضايا لديهم لعدة سنوات الي ان ينتهوا من اعداد تقاريرهم مثل دعاوي الفرز والتجنيب التي تستغرق علي الاقل سنتين لدي الخبير وذلك لندبه في اكثر من قضية تصل الي عشرات القضايا. واضاف ان السبب الثالث يتمثل في بعض الاجراءات القانونية التي يستغلها المحامون لاطالة امد التقاضي مثل اعادة الاعلانات للدعاوي والتي يستغلها المحامون للتأجيل لاكثرة من مرة بل يصل الامر بانه بعد صدور الحكم يقدم المدعي عليه للمحكمة ما يفيد بعدم تواجده بالعنوان الذي اعلن عليه حتي لو كان يخصه ولكنه مغلق منذ فترة طويلة. و أكد مصدر قضائي بوزارة العدل، أن الوزارة تنتهج عدة خطط للوصول للعدالة الناجزة، حيث تم انشاء عدة محاكم جديدة منها 12 محكمة ابتدائية وكذلك تم تعديل اختصاص بعض المحاكم، وذلك لتوفير مقرات لعقد الجلسات واستيعاب عدد القضايا الكبير، من اجل التسير علي المتقاضين وزيادة معدلات الانجاز والفصل في القضايا. وأضاف المصدر أن أزمة بطء التقاضي لا يتحمل مسئوليتها القضاة، انما ترجع إلي القوانين والإجراءات التي صدرت منذ عهود ولم ينلها التعديل.وأشار إلي أن مناقشة الشهود تأخذ الكثير من الوقت، لان المحامين يستغلون ذلك في المماطلة والتأجيل، وكذلك فإن صياغة الأحكام ذتها تأخذ الكثير من الوقت دون جدوي انما يجب التعديل ليصبح الحكم كما في دول كثيرة في العالم بأسباب البراءة أو الإدانة فقط وهي في الواقع محل الطعن. تعديل القوانين واضاف المصدر أنه يجب أن يتم تعديل القوانين لسرعة الفصل في القضايا. وأكد أن المحاكم المصرية بكافة درجاتها، بدءًا من أولي درجات التقاضي وانتهاء بمحكمة النقض، تكفل للمتهمين حقوقهم في الطعن علي الأحكام واتخاذ كافة إجراءات التقاضي التي تنظمها القوانين المختصة المعمول بها،. واضاف أن المحاكم المصرية خلال نظرها لكافة القضايا سواء أكانت محل اهتمام الرأي العام أو غيرها، لا تعرف المحاكمات الاستثنائية، وتجري محاكمة المتهمين جميعا أمام قاضيهم الطبيعي. وأشار إلي أن طبيعة عمل محكمة النقض تتمثل في أنها محكمة قانون تحاكم الحكم القضائي، وتستوثق من استيفائه لشرائطه القانونية، وتقيم تقييمه للأدلة في الدعوي، لافتا إلي أن نقض الحكم لا يعني بأي حال من الأحوال، عدم ثبوت الاتهام أو إفلات مجرم من العقاب، وأن نقض الحكم يعني إعادة محاكمة المتهم أمام محكمة الموضوع مرة أخري. أمثلة لبطء التقاضي قضية نواب القروض والفساد في القطاع المالي والمصرفي في مصر إحدي القضايا التي شغلت الرأي العام طيلة نحو 12 عاما، وقد تم الكشف عن القضية عام 1995 واغلقت عام 2007 بالتصالح مع بعض المتهمين وسداد المبالغ التي تم الاستيلاء عليها من البنوك بعد تعديل القوانين.وهناك دعوي اخري لورثة احد رجال الاعمال ابان عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تتطالب باسترداد ممتلكاتهم التي تم تأميمها وحتي الان القضية مودعة لدي الخبير منذ 4 سنوات ولم تحدد جلسة لنظرها بمكتب الخبراء .