خلف باب كل قاعة من قاعات محاكم الأسرة في مصر »حدوتة»، ووراء كل امرأة في طوابير النساء داخل هذه المحاكم »مأساة»،وعلي ملامح كل منهن مرارة وحسرة علي زواج لم يكن فيه سكن ولا مودة ولا رحمة،وارتباط برجال ليس لهم من »الرجولة» سوي الاسم فقط، فلم يكونوا رجالا في معاشرتهن بالمعروف ولا تسريحهن بالمعروف،ولا أداء لواجباتهم نحو الأبناء إلا بطلوع الروح، حضرت كل سيدة لكسر ذلك القيد والخروج من أسوار ذلك السجن إلي ربطهن بقيد حديدي بمن لا يطقن عشرته أو بمن لا يرجي خير فيه لأبنائه،وجاءت كل واحدة لإقامة احدي دعاوي الأحوال الشخصية وصدق أو لا تصدق حيث يأتي »الخلع » في مقدمة هذه القضايا، وهو » طاقة الهروب » التي فتحها لهن قبل ستة عشر عاما قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 في مادته رقم 20 ليصبح الوسيلة التي تفر بها الزوجة، التي لا ترغب بإكمال مسيرة الزواج مع رجل لم تتوافق معه،ولا تستطيع أن تعيش معه. ووفقا لأحدث دراسة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فقد حقق الخُلع أعلي النسب لطلاق المحاكم خلال ال20 عاما الأخيرة »1996- 2015»، حيث بلغ 65.4% من إجمالي شهادات الطلاق الصادر بها أحكام في العقد الأخير مقابل 1.9% في العقد قبل الأخير، بينما كانت أعلي نسبة طلاق في العقد قبل الأخير بسبب حبس الزوج بنسبة 40.9% من إجمالي أحكام الطلاق،وبلغت حالات الخلع 60 ألف حالة في العام ، وسجلت محافظة القاهرة أعلي نسبة طلاق بين المحافظات بنسبة تصل إلي 4.7 في الألف ، وجاءت محافظة اسيوط كأقل محافظة سجلت نسبة طلاق بنسبة 0.7 في الألف. وكما يوضح المستشار محمد عزت الشاذلي رئيس محاكم استئناف الأسرة فيعني الخلع أن تطلق الزوجة نفسها بشرط أن تعيد ما أعطاها الزوج من مهر أن يكون الزوج دون عيوب أو دون أن تصدر منه إساءة إليها، وتؤدي للزوج ما دفعه من مقدم صداق وتتنازل عن حقوقها المالية الشرعية ولقاء ذلك تطلب إنهاء العلاقة الزوجية خلعا،وتتنازل فيه الزوجة عن حقوقها المالية فقط دون حقوق أولادها من الزوج حتي ولو كانوا في حضانتها،والإقرار بالمخالعة بتنازل الزوجة عن جميع حقوقها المالية والشرعية وهي مؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة المتعة إضافة إلي ردها مقدم الصداق الذي أخذته من الزوج ، مشيرا إلي ان الحكم الصادر في دعوي الخلع يعتبر نهائيا. وعن اغرب قضايا الطلاق التي حكم فيها خلال مشواره القضائي داخل محاكم الأسرة يشير إلي قصة زوجة ابنة رجل اعمال شهير اقامت دعوي طلاق ضد زوجها الذي هو الآخر ابن لأحد رجال الأعمال،وعندما حاول الصلح بينهما لأكثر من 3 شهور،اكتشف ان السبب في دعوي الطلاق هو خلافات»عمل» بين والدي الزوجين وأنهما وراء طلب الطلاق ، ولم يكن أمامه سوي إقرار الطلاق،وكانت من اغرب قضايا الخلع التي نظرها طلب لأستاذة جامعية طلبت الطلاق من زوجها المدرس بإحدي الجامعات العريقة،واكتشف ان الزوجين متخاصمان لأكثر من 6 سنوات رغم أنهما يعيشان في شقة واحدة ولديهما ثلاث بنات، وبعد فشل الصلح بينها لأكثر من 4 اشهر اضطر إلي قبول دعوي الطلاق من الزوجة التي لم تقدم للمحكمة طلبا للحصول علي الشقة ، وارتضيا بالطلاق علي ان يقيما داخل شقة واحدة. ويوضح المستشار محمد عزت الشاذلي ان كل قضية لها ظروفها لكن غالبية القضايا تأتي بسبب سوء العشرة بين الزوجين والحالة الاقتصادية والاجتماعية وقلة الإنتاج والبطالة،ويلفت إلي ان هناك قضايا خلع كان السبب فيها الهاتف المحمول ومواقع التواصل الاجتماعي ، مشيرا إلي ان طلاق الخلع طلاق بائن ولا تقبل دعوي الخلع في الزواج العرفي إلا بعقد زواج صحيح ، لكون الخلع تطليقا بعوض ولكن بصيغة معينة لذا فإنه يسري عليه حكم المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 وبذلك يكون للزوجة اثبات زوجيتها من الزوج ليفصل لها في دعواها بالخلع.