صرح خطيب أحد المساجد أن جماعة »كذا » هي الفرقة الناجية المنصورة من دون المسلمين مما أصابني ومعظم رواد المسجد بقلق وتشتت أفيدونا؟ - بالإستقراء في أخبار وآثار ذات علاقة بالفرقة الناجية فإن الألفاظ فيها مختلفة الفرقة، الملة، الجماعة، الإسلام وجماعته، ما عليه النبي محمد -صلي الله عليه وسلم - وأصحابه، السواد الأعظم.. واختلفت كذلك أعداد الفرق: ثلاث وسبعين أو اثنتين وسبعين، إحدي وسبعين ، بضع وسبعين. ووردت هذه الاحاديث في كتب حديثية ما بين صحيح وضعيف ومنكر وموضوع ولم يرد ذكرها في الصحيحين : البخاري ومسلم. ويتبين من أحاديث الافتراق اختلافها في الألفاظ والمسميات والاعداد والسند والمتن ، مما دفع بعض أكابر العلم إلي التشكيك فيها وعدم الاعتداد بها فمن ذلك ما قاله ابن حزم - رحمه الله - : لا يصح أصلا من طريق الاسناد وما كان هكذا فليس حجة عند من يقول بخبر الواحد. أ.ه وقال عنها الشوكاني - رحمه الله تعالي - : »زيادة كلها في النار» لا تصح مرفوعة ولا موقوفة »فتح القدير 3/111» ، وقال عنها ابن تيمية - رحمه الله تعالي - : من كفر الاثنتين والسبعين فرقة كلهم فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان - رضي الله عنهم - ، مع أن حديث »الاثنتين والسبعين فرقة» ليس في الصحيحين، وقد ضعفه ابن حزم وغيره، لكن حسنه غيره أو صححه كالحاكم وقال ابن تيمية -أيضا - »الجزم بأن هذه الفرق الموصوفة هي إحدي وسبعين فرقة لابد فيه من دليل فإن الله حرم القول بلا علم» أ.ه »مناهج السنة، ومجموع الفتاوي لابن تيمية» ، وقال محمد بن عبدالوهاب : »لم يجعل الرسول - صلي الله عليه وسلم - الألقاب التي اشتهرت بها الطوائف المنتسبة للاسلام سمات تعرف بها الفرق الاثنتان والسبعون ولا عنوان يتمايز به بعضها عن بعض...» »مختصر السيرة» ، ومما جاء في فتاوي اللجنة الدائمة بالسعودية : كل هذه الجماعات تدخل في الفرقة الناجية إلا من أتي منهم بمكفر يخرج عن أصل الإيمان، لكنهم تتفاوت درجاتهم قوة وضعفا بقدر اتباعهم للحق، ولا تبعض المسلمين فترد عليهم ما أصابوا فيه من الحق، بل اتبع الحق، حيث كان ولو ظهر علي من يخالفك في بعض المسائل »فتوي رقم 7132». إن غاية ما تدل عليه أخبار الافتراق - إن صحت سندا وقبلت متنا - هي ارتداد وإلحاد البعض قبل يوم القيامة ومفارقتهم للشهادتين قولا وعملا، ولا تؤخذ لتقسيم الأمة المسلمة إلي طوائف هالكة ومعذبة ، وواحدة - لا يدري من هي - مؤمنة وناجية، والعدد - كما يقرر العلماء - لا مفهوم أي لا تحديد حسابيا له، وهذه الاخبار تتعارض في الجملة مع صريح وصحيح نصوص شرعية تدل علي خيرية الأمة المسلمة والافضلية لها وسعة رحمات الله تبارك وتعالي - بها ووجوب التآلف والتكاتف والوحدة والتعاضد، والكف عن تكفير أهل القبلة، ووجوب إحسان الظن بهم، وعدم التنابز بألقاب مسيئة وشائنة، وعدم تزكية النفس علي حساب الاخرين »فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقي» وعدم الجرأة علي الغيب بإدعاء نجاة ونصرة »ولا تقف ما ليس لك به علم» ، »و ما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم». والله الهادي إلي سواء السبيل