في الأسبوع الماضي نجح الناشر محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب، في أن يعقد الدورة السابعة لمؤتمر مديري معارض الكتب العربية، بعد توقف دام سنوات، كما نجح في الحصول علي موافقة مكتبة الإسكندرية لتكون مكانا لاستضافة دوراته القادمة. وضعت هذه الدورة شعارا لها وهو " التحديات والمستقبل"، وبدا من الكلمات والأوراق التي ألقيت كم الصعوبات والمشاكل التي تواجه صناعة النشر الآن في مختلف الدول العربية، وأن هذه المشاكل التي تراكمت دون تقديم حلول، أصبحت تهدد هذه الصناعة، ولعل أهمها ما يتعلق بالقرصنة، والتعدي علي حقوق الملكية الفكرية، وكذلك القيود التي تحول دون حرية انتقال الكتاب العربي من دولة وأخري بسهولة ويسر، ويضاف لذلك تضارب المواعيد بين المعارض الرئيسية في الدول العربية، بما ينهك الناشرين. وربما ما أثاره الناشر ناصر عاصي عضو مجلس إدارة اتحاد الناشرين العرب، في ورقته التي أشارت لسلسلة الأزمات التي تواجه الكتاب العربي، ما يؤدكد ضرورة إيجاد حلول لهذه الأزمات، لأنها لا تضر بالناشر فقط، بل بمجمل سياق الحركة الثقافية والفكرية، فقد كان واضحا وصريحا في رصد العقبات الحالية، وتساءل من الناشرين لا يكدس الكتب التي ينتجها في المستودعات، مع أنه يعمل بجهد لتكون بمضمون يقينا الجهل ويحارب الآفة التي نعيشها جميعا في العالم العربي، ثم يحد الأزمات قائلا: في أزمة إنتاج كتاب، أزمة مصاريف عالية، أزمة دخول بلاد المعارض، أزمة إقفال معارض في وجوهنا، أزمة تجميد أسواق برمتها، كانت ذات يوم مصدرا مهما لنا، ولم تعد ملحوظة علي خريطة حركتنا، ثم من يستطيع أن يدعي أن لا أزمة قراءة وقراء، ما ساقه ناصر عاصي هي مجمل الأزمات التي يعاني منها سوق النشر، بالإضافة للقرصنة وإهدار حقوق الملكية الفكرية. ومن الأوراق- أيضا- التي لفتت نظري ما قدمه الناشر أحمد فهمي الحمدان رئيس جمعية الناشرين السعوديين، ونائب رئيس اتحاد الناشرين العرب، عندما قارن بين وضع المعارض في الدول المتقدمة ووضعه في العالم العربي، مؤكدا إن مفهوم صناعة الكتاب في العالم المتقدم مختلف تماما علي ما هو عليه في عالمنا العربي، حيث إن معارض الكتب في الدول العربية قاطبة عبارة عن سوق كبير أشبه بسوق عكاظ يعرض فيه كل ناشر ما لديه سواء كتاب أو شريط أو ملصقات وبعضهم يعرض لعب أطفال، مما أساء إلي سمعة الناشر العربي، وأصبح الناشرين الأجانب لا يرغبون المشاركة في المعارض العربية مباشرة، إلا عن طريق وكيل، لأنهم غير مقتنعين، بهذا الفكر التخطيطي والنظرة الضيقة لمفهوم صناعة معارض الكتب. من هذه الآراء والآراء الأخري التي طرحت تثبت أننا نعلم جيدا الصعوبات التي تحيط بمستقبل صناعة النشر في بلادنا، وقد كان المؤتمر ناجحا في طرح الأزمات، وحاول البعض تقديم الحلول، لكن من وجهة نظري كان ينقصه دعوة الطرف الآخر من المعادلة، وهو المؤلف نفسه، ليحكي لنا عن تجاربه مع الناشرين، هناك بالفعل من الناشرين من يعتبر هذه المهنة صاحبة رسالة، لكن هناك آخرين يعتبرونها مصدرا لجلب المال، ولا يعني حديثي عن أنها صاحبة رسالة أن نغفل الجانب الربحي، هذا لا يمكن، فنحن نتحدث في النهاية عن صناعة، وهذا يعني أن يكون الجميع في حالة ربح " الناشر، المؤلف، المتلقي" وأنا هنا أتحدث عن الربح بمفهومه الشامل المادي والمعنوي. لقد بدا لي من خلال متابعة هذا المؤتمر، أننا بحاجة إلي إرادة قوية فقط لنتغلب علي الأزمات، والأمر يتطلب في هذا السياق أن نضع أجندة واضحة لقائمة الأولويات في حل الأزمات التي تعترض صناعة النشر، وأن هذا المؤتمر ربما يكون خطوة هامة، و أرجو ألا يكون مجرد أوراق ألقيت.