خلال الأيام القليلة الماضية، لا حديث في أمريكا إلا عن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ودعم مرشح علي حساب المرشح الآخر، وبالتحديد دعم ترامب ضد هيلاري كلينتون في سباقهما المحموم للوصول للبيت الأبيض، والحملة الروسية المشبوهة كما وصفتها صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية.. جاءت وفق تحقيقات أمريكية عالية المستوي، حول عملية روسية سرية لهز ثقة الناخب الأمريكي ليس فقط في الانتخابات الأمريكية المقبلة والمؤسسات الأمريكية الراسخة ديموقراطيا منذ نحو 200عام، بل وفي الكونجرس الأمريكي أيضا. روسيا تصف اتهامات واشنطن ب»السخيفة» ووفق الواشنطن بوست فإن التحقيقات الجارية منذ فترة، تهدف للوصول للغرض الأساسي للحملة الروسية وأبعادها وأدواتها، التي تشمل وسائل للتنصت علي أنظمة أمريكا الإلكترونية، وهو ما يسمح للروس عن طريق القرصنة أن ينشروا أخبارا ومعلومات كاذبة عن سير العملية الانتخابية في فترتها الحاسمة، والتي من الممكن أيضا.. وفق الصحيفة.. أن تؤدي لإحداث اضطرابات من نوع ما خلال التصويت الكبير في نوفمبر القادم لاختيار الجالس الجديد علي كرسي البيت الأبيض بعد أوباما. والتحقيقات التي حذرت عدة مؤسسات أمريكية من هذه الخطة الروسية، جاءت متزامنة مع تحذيرات أخري من المرشحة هيلاري كلينتون، قالت فيها إن لديها مخاوفها الخاصة من تدخلات روسيا في سير الحملة الانتخابية الأمريكية من خلال هجمات إلكترونية علي المقرات الانتخابية للحزب الديمقراطي، وهذا الأمر الذي وصفته وسائل إعلام روسية، ومنها وكالة سيوتنيك.. بأنه دليل علي أن الحملة الانتخابية الأمريكية، تتغذي كالعادة علي اتهامات لروسيا بالتدخل في الشئون الداخلية لأمريكا، وأن كلينتون بمثل هذا التصريح تبعد الشكوك التي طالتها منذ شهور قليلة عن ظهور 30 ألف رسالة إلكترونية، ثم حذفها من البريد الإلكتروني لها وكلها تدين قيادة حزبها بالتآمر لصالحها ضد منافسها من نفس الحزب: ساندرز، وهي الرسائل التي كان موقع ويكيليكس الشهير قد سربها وقتها. أيضا.. أنكر الكرملين الاتهامات الأمريكية، وبالتحديد التي خرجت من داخل الحزب الديمقراطي، بأن روسيا تقف وراء هذه الخطة الجهنمية، أو أنها تسعي لترجيح كفة هيلاري كلينتون ضد المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، ووصفتها ب»السخيفة» ورفقها أيضا ترامب في تعليق ساخر حول استخدام الحزب الديمقراطي المنافس لكل الأسلحة.. حتي ولو كانت تافهة.. ضده. أما كلينتون فقد أبدت تخوفها الشديد من الخطة الروسية ضدها! وقالت إنها تشكل تهديدا خطيرا لابد من معالجته بسرعة وحزم، وأكدت وهي علي متن طائرتها خلال جولتها الانتخابية بأنها لن تسمح للروس بالتدخل في قرارات الشعب الأمريكي. والجدل الدائر الآن الذي سيستمر لنهاية الانتخابات الأمريكية، مع مطلع العام المقبل، سيكون وقودا للمعركة حامية الوطيس - كما تقول صحيفة نيويوريك تايمز الأمريكية. بين الداهية هيلاري كلينتون وغريب الأطوار ترامب، فقد وصفت هيلاري مثل هذه التدخلات بأنها دعم لترامب الذي يملك جاذبية غريبة للطغاة _ في إشارة لروسيا_ وأن كل تلك التحركات لن تهز من رأسها شعرة واحدة. أما ترامب.. فقد تحدي تلك التصريحات بزيارة لروسيا، التقي فيها العديد من المسئولين الروس، وأبدي إعجابه الشديد بشخصية الرئيس الروسي القوي: فلاديمير بوتين، ووصفت الصحف الروسية زيارته غير المعتادة من مرشح أمريكي للرئاسة، بأنها تشكل صفحة جديدة للعلاقات شبه الباردة، في عهد الرئيس الحالي أوباما، والخلاف الشديد المعلن حول قضايا دولية ساخنة وهامة أبرزها: الإرهاب والتطرف والحرب في كل من سوريا والعراق وليبيا، والموقف من حل القضية الفلسطينية المعلقة، بل ومن القضايا الاقتصادية حول العالم. وهنا عادت هيلاري كلينتون لتشن حملة علي مثل تلك الزيارات لدولة (خصم) لأمريكا، وأكدت أن منافسها ترامب يشجع روسيا علي التجسس علي حملتها الانتخابية، وأن ذلك يمثل سابقة فلم يكن لأمريكا يوما قوة أجنبية خصمة تدخلت في عملياته الانتخابية علي مدار تاريخها كله، ولم يكن في أمريكا مرشح من حزب كبير في إشارة لترامب يشجع الروس علي القرصنة ضد منافسه الانتخابي.