أثبتت دارسات الجيومورفولوجي أو علم تشكل الأرض أن ظاهرة النحر البحري أو تآكل الشواطئ أصبحت مشكلة عالمية تطال العديد من المناطق حول العالم، حيث أطلق العلماء تحذيراتهم من هذه الظاهرة التي تشكل عواقب وخيمة لاسيما علي المناطق الساحلية بدول البحر المتوسط، ومن ضمنها مصر نتيجة تغير شكل السواحل وطبيعتها، بسبب تنامي حركة المد والجزر والرياح والأمواج. وتقع الشواطئ الشمالية المصرية علي البحر الأبيض المتوسط، وأيضًا مناطق الدلتا، في دائرة الخطر نتيجة ارتفاع مستوي البحر، وزيادة معدلات النحر البحري، ما يهدد أجزاء كبيرة من مساحاتها بالغرق، الأمر الذي يعتبره البعض خطراً علي الأمن القومي لما تحويه تلك المناطق من طاقة سكانية وصناعية وزراعية هائلة، كما أنها مزارات سياحية هامة ما يترتب عليه خسائر فادحة للاقتصاد القومي. »آخر ساعة»، كان لها هذا الحوار مع المهندس أحمد فتحي، رئيس مجلس الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، للوقوف علي الاستعدادات لمواجهة تلك الظاهرة وتداعياتها علي السواحل المصرية. حدثنا عن دور الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ؟ - دور الهيئة يتمثل في الحفاظ علي شواطئ مصر وتنمية قدراتها السياحية وزيادة استثماراتها، فالسواحل تحتل مساحة شرق وشمال مصر بالكامل، وتمتد علي مساحة تزيد عن 3 آلاف كيلومتر منها 1800 كيلومتر بالبحر الأبيض المتوسط، بينما تمتد سواحل البحر الأحمر شرقاً علي مساحة 1300 كيلو متر، فكان لابد من المحافظة علي الحدود الخارجية لتلك المناطق لأنها تعد من صميم الأمن القومي. ما آليات عمل الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ؟ - الهيئة تقوم بعمل بحوث ودراسات لسواحل البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر عبر شبكات رصد وإدارة مركزية متخصصة لمتابعة الشواطئ وحركتها، كما أنها تقوم بمطالعة التوقعات المستقبلية لأي تغيرات مناخية عبر شبكة معلومات متصلة بجميع المراكز البحثية في العالم، وتوجد أربع إدارات تابعة للهيئة علي مستوي البحر المتوسط وهي إدارة غرب الدلتا وشرق الدلتا ووسط الدلتا والساحل الشمالي الغربي مهمتها جمع البيانات وإفادة الهيئة بالتقارير والمعلومات من الموقع البحري ذاته. كم تبلغ الميزانية الحالية للهيئة؟ تم اعتماد خمسة مليارات جنيه من وزارة الري كاستثمارات لهيئة حماية الشواطئ سيتم إنفاقها علي مدي خمس سنوات، منها 2.5 مليون جنبه هي ميزانية الهيئة هذا العام، سيتم توزيعها علي مشروعات حماية الشواطئ بجميع المحافظات الساحلية، كيف تختلف طرق الحماية البحرية من شاطئ لآخر؟ - هناك أكثر من طريقة يتم بها حماية الشواطئ من النحر البحري وهي تختلف علي حسب الغرض من استخدامها، فهناك أعمال حماية بحرية تتضمن إنشاء حواجز غاطسة داخل المياه مهمتها كسر حدة الأمواج وتقليل قوتها وتنمية حدود الشاطئ حتي تعود إلي معدلاتها الطبيعية، وهذا النوع يتم استخدامه في القري السياحية، وهناك حواجز عمودية تستخدم في الأماكن التي يوجد بها معدلات نحر عالية لتكوين ما يشبه المانع الرملي، وهناك حواجز أخري توضع علي خط الشاطئ نفسه لحمايته من التراجع لكي يظل في وضع ثابت. لماذا تقل معدلات النحر البحري بالبحر الأحمر عن البحر المتوسط؟ - معدلات التآكل بشواطئ البحر الأحمر تعتبر قليلة نسبيًا لأنها محمية بصورة طبيعية جراء تواجد الشعاب المرجانية التي تشكل حائط صد طبيعيا ضد عوامل النحر وهذا الأمر غير موجود في شواطئ البحر المتوسط. هل ساهم السد العالي في زيادة النحر البحري بالشواطئ المصرية؟ - بعد إنشاء السد العالي تم حجز كميات الطمي الواردة من أعالي النيل الذي كان يغذي الشواطئ ويساهم بنسبة كبيرة في وقف عملية التآكل والنحر نتيجة التغيرات المناخية الطبيعية ، يضاف إلي ذلك أن الإنشاءات العشوائية بالقرب من السواحل تؤثر سلبا علي أعمال الحماية البحرية، وهو ما ظهر جليا بين فرعي دمياط ورشيد علي مسافة تبلغ حوالي 250 كيلو مترا. هناك دراسات توقعت فقدان أكثر من 20% من أراضي الدلتا نتيجة النحر البحري وارتفاع مستوي سطح البحر، ما تعليقك؟ - كل عمليات النحر والتآكل المتوقعة تم دراستها وتحديد أماكنها ويتم معالجتها ضمن برنامج زمني يمتد حتي 2050، وتركيز الهيئة كله يقع في منطقة الدلتا وهناك أكثر من مشروع حماية تم بها بالفعل . هل هناك شروط محددة للبناء بالقرب من الساحل البحري؟ - القانون رقم 12 مادة 86 من قانون الري للتعديات والمخالفات حدد بألا يقل بعد البناء عن الشاطئ عن 200 متر بالنسبة لسواحل البحر المتوسط. لكن كثيرا من المشروعات السياحية والصناعية تتجاهل هذه الشروط عند إقامة منشآتها بالقرب من الشواطئ؟ - المادة 44 و45 من الدستور تنص علي التزام الدولة بحماية الشواطئ المصرية، وهناك لجنة تم تشكيلها من قبل وزير الري لمراجعة قوانين الموارد المائية والري للوزارة بأكملها، ومن ضمنها اللائحة التنفيذية الخاصة بعقوبات التعديات علي جميع الشواطئ والمجاري المائية، وبصفتي رئيس تلك اللجنة قمت بمناقشة تلك القوانين حيث انتهينا لوضع عقوبات متدرجة للمخالفين تصل للحبس لمدة عامين وغرامة 100 ألف جنيه، وهذه اللجنة ستنتهي من عملها قريباً وسترفع لمجلس الوزراء للمراجعة وبعد ذلك سترفع إلي البرلمان تمهيداً لإقرارها. هل تخضع إقامة المصدات والحواجز البحرية بالشواطئ لشروط السلامة البيئية؟ - نحن نقوم باستخدام مواد صديقة للبيئة في بناء المصدات والحواجز الخرسانية التي يتم صناعتها من خامات طبيعية موجودة في الشاطئ في الأصل لعدم تلويث المياه. ما أحدث التقنيات المستخدمة حاليًا لحماية السواحل البحرية من التآكل؟ - هناك مشروع في طور التجربة يتم بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لنقل تقنية حديثة للغاية لحماية الشواطئ في منطقة البرلس في كفر الشيخ، وهي عبارة عن وضع أنابيب قطرها 2.5 متر بها فتحات لضخ الأتربة من نفس الموقع ما يشكل حاجزا طبيعيا للحماية الشاطئ من طغيان الأمواج.