هل ستغرق الدلتا؟! هذا السؤال أثار جدلاً واسعاً بين العلماء بين مؤيد ومعارض للسؤال من الأصل.. لكن تبقي حقيقة مؤكدة وموجودة بالفعل يعتمد عليها الفريق المؤيد لظاهرة محتملة وهي غرق دلتا مصر. الحقيقة هي زيادة درجة حرارة الأرض بسبب أنشطة الدول الصناعية المتقدمة وزيادة ثاني أكسيد الكربون وبالتالي ارتفاع درجة الحرارة أو يطلق عليه "ظاهرة الاحتباس الحراري" هذه الظاهرة سينتج عنها ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي وبالتالي ارتفاع مستوي مياه البحر بنحو 10 إلي 15 سم والعلماء أكدوا علي ارتفاع درجة حرارة الأرض من 5 إلي 6 درجات خلال ال 50 عاماً المقبلة وهذا بدوره سيؤدي إلي ارتفاع منسوب المياه في البحر بمقدار 50 سم وهذا يشكل كارثة لأنه سيعمل علي غرق أجزاء من الإسكندريةوالبحيرة ورشيد وأجزاء من الساحل الغربي للمتوسط وتهجير 10% من سكان البلاد بسبب الطبيعة الجغرافية لأراضي الدلتا المسطحة. الهيئة العامة لحماية الشواطئ تحذر من معدلات التآكل للشواطئ لأنها تنذر بخطورة شديدة وأكدت إننا نفقد من 80 إلي 100 متر سنوياً برشيد ودمياط ووصل حجم التآكل في اليابسة إلي 5 كم وفي رأس البر التهم البحر "5" صفوف كاملة من المباني والمنشآت بالإضافة لتحول ساحات شاسعة من الأراضي الزراعية لأراضي ملحية بسبب نفاد مياه البحر من تحت سطح التربة. كل هذا دفع خبراء الاقتصاد لتوجيه تحذير شديد اللهجة إلي خطورة هذه الظاهرة وقدروا حجم الخسارة الاقتصادية بنحو 100 مليار دولار في حالة صحة توقعات علماء الجغرافيا.. بسبب فقد منشآت صناعية وسياحية.. مطالبين بعمل خريطة مستقبلية لإعادة توزيع السكان مع وقف بناء المنشآت الجديدة في المناطق المعرضة للغرق. ظاهرة النحر كل هذه المخاوف وضعناها أمام الخبراء لعلنا نصل إلي حلول وطرق لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة حيث أكد د. ابراهيم عبدالجليل مسئول شئون البيئة سابقاً. أن ظاهرة النحر بالشواطئ وتآكلها موجودة منذ فترة طويلة وبالتحديد منذ 50 عاماً وأظهرتها بوضوح صور الأقمار الصناعية خاصة بمنطقة شمال الدلتا كفر الشيخودمياط وأيضاً شواطئ الإسكندرية وبطول 350 كم حتي بورسعيد شرقاً. وفي دراسة لوزارة الري قامت فيها بتحليل صور الأقمار الصناعية خلال المدة ما بين 1972 1984 وتبين أن المنظقة الشمالية للدلتا خاصة عند فرع رشيد حدث فيها تآكل للشواطئ ما يقرب من 6.1 كم أي بمعدل 135م في السنة تقريباً والمنطقة الأخري ذات التأثير الشديد هي المتآخمة لمصب فرع دمياط وتراجع الشاطئ بها ما يقرب من 500م أي بمعدل 40 متراً تقريباً في العام الواحد. وبتحليل للفترة بين "1984 2005" تبين أن النحر مازال موجود حسب كلام د. عبدالجليل ولكن بنسبة أقل فعند فرع رشيد 5.1كم بمعدل 70م وعند مصب فرع دمياط تراجع بنسبة 85م بمعدل 40 متراً في السنة تقريباً. ترسيب الطمي خلف السد العالي بالإضافة للتغيرات المناخية هما السبب الرئيسي في ارتفاع منسوب البر المتوسط وفقاً لكلام د. عبدالجليل مضيفاً أن ارتفاع منسوب مياه البحر أدي لتغيرات أخري في التربة الزراعية بالمناطق الساحلية وزيادة نسبة الملوحة بها لأن مياه البحر تؤثر عليها وتؤدي لتدهور في الانتاج الزراعي وهناك دراسات أخري تشير لإمكانية أن نفقد ثلث الأراضي الزراعية بالدلتا.. وإن كانت غير مؤكدة ولكن علي الأقل نلفت إلي أن هناك مخاطر يجب الانتباه لها. طالب د. ابراهيم الدولة بمراعاة المناطق المعرضة للنحر في خطط التنمية أثناء إقامة المشروعات الجديدة والابتعاد عن الشواطئ المعرضة لخطر النحر وعدم التعدي علي حرمتها كما هي الحال بالبحر الأحمر. تدهور الانتاجية د. محمد عبدالهادي أستاذ الأراضي بالمركز القومي للبحوث. يري أن تدهور انتاجية الأراضي الزراعية المتآخمة للشواطئ المصرية سببه تغير خصائصها وتحويلها لأراضي قلوية بسبب ارتفاع نسبة المغنسيوم والصوديوم في الأرض وتذبذب مستوي الماء الأرض مما أدي لأرتفاع نسبة العناصر السابقة في الطبقة السطحية وتدهور انتاجيتها بشكل كبير بسبب عدم تحمل النبات لهذه العناصر الغير صالحة للأمتصاص وهذه الظاهرة تظهر بوضوح بمحافظتي دمياطوكفر الشيخ. هناك دراسات تمت في مصر والكلام علي لسان د. عبدالهادي تشير إلي أن ارتفاع مستوي سطح البحر 20 سم سيؤدي لغرق 1% من مساحة مصر أي 15% من الأراضي الخصبة والمأهولة بالسكان ويزيد من معدلات التصحر. وإذا ارتفع إلي متر واحد سيؤدي لغرق 20% من أراضي الدلتا وهذا بحسب دراسات للخبراء. هجمات الأمواج المهندس سعد حسين زكي رئيس قطاع التنفيذ وصيانة الشواطئ بالهيئة العامة لحماية الشواطئ يؤكد أن ظاهرة تآكل الشواطئ المصرية هي ظاهرة قديمة خصوصاً في منطقة شمال الدلتا بسبب تأثير الهجمات الشرسة والمتكررة للأمواج البحرية. ولأن زيادة معدلات التآكل أصبح ينذر بخطر شديد يهدد الاستثمارات الموجودة بما يضر بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية لذا كان من الضروري التحرك لحماية الشواطئ للحفاظ علي الاستثمارات الضخمة المتمثلة في التجمعات العمرانية والأراضي الزراعية ومناطق التنمية الجديدة وبعد أن وصل معدل النحر والتآكل لبعض الشواطئ وخصوصاً عند مصبي فرع النيل برشيد ودمياط من 80 100 متر سنوياً حيث وصل التآكل باليابس برشيد إلي 5 كم وفي رأس البر تآكل "5" صفوف كاملة من المباني وأيضاً في بلطيم تآكل عدد من الأبنية المختلفة. هذا التراجع المخيف في الشواطئ يدق ناقوس الخطر حسب المهندس سعد مما استدعي تدخل الدولة متمثلاً في الهيئة المصرية لحماية الشواطئ للقيام بعدد من المشروعات لحماية المناطق الحرجة والموجودة بالنحر والتآكل فتم عمل حماية كاملة لمصيف بلطيم بحوالي 80 مليون جنيه وأيضاً تم عمل حائط بحري بطول 5.3 بمنطقة مصب النيل برشيد وعمل حائط حجري بطول 5.1 كم و"9" رؤوس بحرية لحماية القري والأراضي الزراعية تكلفت 140 مليون جنيه. ** المهندس سعد يؤكد أن الهيئة تعمل لتخفيف زيادة نسبة التآكل وتراجع خط الشواطئ لحماية المنشآت والممتلكات العامة والطرق الساحلية وللحفاظ علي المناطق السياحية المهددة مثل قلعة قايتباي بالإسكندرية ولحماية الأراضي الزراعية والتي هي من أجود أنواع التربة وأيضاً المنشآت العسكرية علي الساحل. ويضيف أن الهيئة تعمل أيضاً علي حماية مناطق الكثبان الرملية الغنية بالرمال السوداء والتي تعد ثروة كبيرة. خطورة حقيقية د. ممدوح عابدين رئيس شعبة التطبيقات الجيولوجية بهيئة الاستشعار عن بعد يقول انه أصبح في حكم المؤكد وجود خطورة حقيقية علي دلتا النيل خصوصاً الأراضي المنخفضة والمدن الساحلية والأدلة العلمية علي ذلك هي صور الأقمار الصناعية والتي تشير إلي ارتفاع منسوب البحر المتوسط من 30 100 سم بنهاية القرن وأن ارتفاع معدل الحرارة هو ما يدفع الكتل الجليدية العملاقة نحو الأنصهار وهو ما يسمي بظاهرة "الاحتباس الحراري". بحسب كلام د. عابدين فإن ارتفاع منسوب المياه يهدد مصر من منطقتين أساسيتين بالدلتا هما بحيرة مريوط والأجزاء الغربية لمحافظة البحيرة وأيضاً منطقة شمال الدلتا ويساعد علي ذلك أن أراضي الدلتا ذات طبيعة جغرافية مسطحة وهذا يسهل من تأثرها بارتفاع منسوب مياه البحر إن لم يكن بالغمر فعن طريق نفاذ مياه البحر من تحت سطح الأرض بسبب أن ارتفاع منسوب مياه البحر يقابله هبوط في مستوي أراضي الدلتا وهو ما يفسر تآكل وتحول الأراضي الساحلية لأراضي ملحية انخفضت جودتها وفرضت محاصيل تتناسب في زراعتهاپوتركيب محصولي جديد. د. عابدين يشير إلي أنه خلال ال 10 سنوات الماضية ارتفع منسوب البحر 20سم وبحلول عام 2025 يرتفع 30سم وهو ما يؤدي لأغراق 200 كم4 من الأراضي والمدن الساحلية المهددة وما عليها من منشآت ونزوح مايقرب من مليون شخص ومع نهاية القرن الحالي يزيد العدد إلي 7 ملايين مواطن علي الأقل. مستقبل غامض د. يوسف محمد المستشار الاقتصادي ومدير منفذ المنطقة الحرة بالهيئة العامة للاستثمار: يقول ان الدراسات الحديثة لعلماء الجيولوجيا والدراسات البيئية تؤكد علي ارتفاع منسوب البحار والمحيطات وفي مصر يحذرون من غرق الدلتا والإسكندرية وغيرها من المدن الساحلية وهو مستقبل غامض يجعل المستثمرين متخوفين علي مشروعاتهم بهذه المناطق. تأثر مصر سيكون كارثياً علي المستوي الاقتصادي. وفق كلام د. يوسف بسبب غرق المدن الساحلية وماعليها من مدن كاملة ومنشآت سياحية وصناعية بجانب تدمير الأراضي الزراعية وضعف الانتاج الزراعي الكلي وتشريد السكان وهجرتهم إلي الداخل. د. يوسف محمد يتوقع وصول خسارة مصر الاقتصادية بما يقرب من 100 مليار دولار من منشآت صناعية وسياحية وبيئية بالإضافة لفقدان مساحة للأراضي التي كانت ضمن خطط التنمية. إعادة النظر في كافة المشاريع علي السواحل المصرية وفق كلام د. يوسف وعمل دراسات مستقبلية لخمسين سنة قادمة تشكل ضرورة حتمية مع وضع خريطة مستقبلية لإعادة توزيع السكان في مجتمعات عمرانية جديدة مع وقف جميع المنشآت سواء المجتمعات العمرانية أو الصناعية والسياحية بالمناطق المعرضة للغرق.