مصرع سيدة بطلق ناري على يد شقيقها في قنا    "المحطة الأخيرة" في افتتاح مهرجان المونودراما ضمن فعاليات جرش 39    «يخدم مخطط تقسيم المنطقة ويفتح أبواب جهنم».. لماذا تحمي إسرائيل الدروز؟ (تفاصيل)    مدافع ريال مدريد ينتقل إلى ديبورتيفو ألافيس    ترتيب الكرة الذهبية 2025.. تراجع محمد صلاح    «أعلى مستوى خلال 18 شهرًا».. ارتفاع قياسي في معدل التضخم بالمملكة المتحدة (تفاصيل)    جيوسياسية تقنية «النانو».. الصراع العالمى على مستقبل الصناعات!    رئيس حقوق الإنسان بالنواب يلتقي مسئولًا بالأمم المتحدة لبحث سبل التعاون    غلق باب الطعون في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء.. وإعلان النتيجة 20 يوليو    مدبولي: نحرص على استقرار الفلاح وقدرته الاقتصادية.. ولا نجبره على زراعة محصول بعينه    الزمالك ينعى ميمي عبد الرازق    حامد حمدان يثير الجدل برسالة غامضة (صورة)    مدبولي: الدولة تتبنى فلسفة جديدة في تصميم الطرق| خاص    الاستئناف على حكم حبس "شهاب أرض الجمعيه" سنتين    كيفن هاسيت.. كل ما تريد معرفته عن المرشح الأقرب لرئاسة الفيدرالي بعد باول.. وهذه تفاصيل هجوم ترامب.. كريستوفر والر الحصان الأسود.. والرئيس الأمريكي يشيد بأداء وزير الخزانة    كيف تحمي نفسك من مخاطر درجات الحرارة المرتفعة؟    طعام يسبب جلطات القلب والدماغ.. ابتعد عنه قبل فوات الأوان    شيخ الأزهر يستقبل سفراء مصر الجدد ب 22 دولة قبل بداية مهام عملهم    عاجل - وفاة الكابتن ميمي عبد الرازق مدرب المصري البورسعيدي السابق في الولاية السادسة له عن عمر يناهز 65 عاما    المرشد الإيراني: قادرون على ضرب خصومنا بقوة أكبر مما حدث في حرب إسرائيل    النائب أحمد سمير زكريا: مصر تقود صوت العقل في وجه العدوان الإسرائيلي وتحمي الإرادة العربية    تنفيذ 50 ألف حكم قضائي وضبط 300 قضية مخدرات خلال يوم واحد    زراعة شمال سيناء تتابع المرور على محال المبيدات والأسمدة في العريش    التصريح بدفن خامس ضحايا واقعة وفاة الأشقاء بقرية دلجا في المنيا    "أنا محبوس هستلم إعلانات المحكمة ازاي".. ماذا قال إبراهيم سعيد في اتهامه لطليقته بالتزوير؟    البابا تواضروس: لدينا 800 كنيسة ودير و40 أسقفاً خارج مصر.. واشترينا 400 مبنى من الكاثوليك (صور)    ميدو عادل وأبطال مسرحية حب من طرف حامد يواصلون بروفات المسرحية و الإفتتاح شهر أغسطس على السامر    أحمد سعد يطرح أغنية "أخويا" ثاني أغنيات ألبوم"بيستهبل" (فيديو)    الشركة المتحدة: عدم تجديد التعاقد مع لميس الحديدي لفترة مقبلة    كيف اتعامل مع جار السوء؟.. مصطفى عبد السلام يجيب    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة القاهرة والحد الأدنى للقبول    السد العالي جاهز لاستقبال الفيضان.. خبير يكشف سيناريوهات جديدة بشأن سد النهضة    جامعة بنها تنظم أول مدرسة صيفية أونلاين بالتعاون مع ووهان الصينية    حقوق إنسان النواب: "100 يوم صحة" نموذج ناجح للعدالة الصحية والشراكة المجتمعية الشاملة    تشييع جثمان ميمي عبد الرازق مساء اليوم من مسجد الكبير المتعال ببورسعيد    «الأوقاف» تُنظم ندوات ب 1544 مسجدًا بالتعاون مع الأزهر الشريف    «أوقاف السويس» تنظّم ندوة في ثالث أيام الأسبوع الثقافي    رئيس جامعة أسيوط: المدن الجامعية تمثل عنصرًا أساسيًا في منظومة التعليم الجامعي    شاهده مليون شخص.. تعرف على تفاصيل أحدث أفلام كريم عبدالعزيز في السينمات    توفيق الحكيم يكتب: المرأة والبيت    غرفتا مطروح والأقصر تناقشان تعزيز التبادل التجاري ودعم المشروعات المحلية    مسؤولة أممية تدعو إلى تقديم قادة إسرائيل إلى العدالة    جامعة القاهرة تناقش دمج الذكاء الاصطناعي في العلاج الطبيعي بمؤتمر دولي    بين الحب والاتباع والبدعة.. ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025؟    كنوز| ذكرى «أمنحتب» القرن العشرين صاحب موسوعة الحضارة المصرية    غزل المحلة ينظم يومًا رياضيًا لاكتشاف المواهب بالتعاون مع منطقة الغربية بالأزهر الشريف    مفاجأة عاطفية.. توقعات برج الثور في النصف الثاني من يوليو 2025    هل يعود مسعد ل بسمة؟.. الجمهور يترقب نهاية «فات الميعاد»    مبادرة الألف يوم الذهبية.. نائب وزير الصحة في ندوة علمية بالمنيا لدعم الولادات الطبيعية    أوكرانيا: إصابة 15 شخصا على الأقل في أحدث هجوم روسي بمسيرات وصواريخ    مصرع سائق وإصابة ابنته فى حادث تصادم سياريتين على طريق "الغردقة - غارب"    رئيس الوزراء يوجه بالتعاون مع الدول الإفريقية فى تنفيذ مشروعات لتحقيق المصالح المشتركة    تحرير 531 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 787 رخصة خلال 24 ساعة    بعد 12 عامًا.. خلفان مبارك يغادر الجزيرة الإماراتي    بتوجيهات السيسي.. وزير الخارجية يكثف الاتصالات لخفض التصعيد في المنطقة    الجيش الإسرائيلي يبدأ شق محور جديد داخل خان يونس    الفضة بديلا للذهب.. خيار استثماري وفرص آمنة للادخار    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كافكا في قبضة إسرائيل
بعد الاستيلاء علي مخطوطاته‮ ‬غير المنشورة‮:‬
نشر في أخبار الحوادث يوم 20 - 08 - 2016

في رسائلها إلي فرانز كافكا،‮ ‬كانت حبيبته ميلينا دائمة السؤال عن‮ ‬يهوديته‮ -‬لا صهيونته‮- ‬هي الصحفية التشيكية التي لم‮ ‬يمنعها فضولها في التطرق إلي أي أمر‮ ‬يخص كافكا‮. ‬وكان‮ ‬يعتبر أسئلتها هذه مجرد مزحة‮. ‬وكتب لها مرّة‮ "‬هل تريدين معرفة إذا كنتُ‮ ‬أنتمي إلي اليهود القلقين؟ أرجوكِ،‮ ‬لا تكوني ساذجة‮". ‬لكن ميلينا كعادتها أخذت رده علي محمل الجد‮. ‬فما كان أمام كافكا سوي أن‮ ‬يصف كلامه بالفكاهة السخيفة،‮ ‬قائلاً‮ ‬لها‮ "‬أردت فقط أن أضحكك‮!"‬،‮ ‬وسرد في رسالة مؤرخة بيوم‮ ‬13‮ ‬يونيو‮ ‬1920،‮ ‬أي بعد ثلاث سنوات تقريباً‮ ‬من الإعلان عن إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين،‮ ‬رأيه الحاسم في القضية‮: "‬أريد أن ألومك‮ ‬يا ميلينا،‮ ‬لأنكِ‮ ‬حسنة الظن باليهود،‮ ‬بما فيهم أنا،‮ ‬أحياناً‮ ‬أود لو أحشر اليهود كلهم،‮ ‬وأنا أيضاً‮ ‬معهم،‮ ‬في أحد الأدراج،‮ ‬وانتظر،‮ ‬ثم أسحب الدرج قليلاً‮ ‬كي أري إذا كانوا اختنقوا،‮ ‬وإذا لم‮ ‬يكن هذا قد حدث،‮ ‬أغلق الدرج،‮ ‬وأعيد العملية هكذا حتي النهاية‮".‬
ربما كان‮ ‬يتنبأ كافكا حينها،‮ ‬بما سيفعله هؤلاء الحالمون بأرض الميعاد،‮ ‬ربما كان‮ ‬يدرك أنانيتهم،‮ ‬وخططهم في الاستيلاء علي أي شيء،‮ ‬حتي عليه هو نفسه،‮ ‬ربما لأجل ذلك بالتحديد طلب من صديقه المقرب ماكس برود‮ - ‬المؤيد للصهيونية‮ - ‬إحراق كل ما كتبه بعد وفاته‮. ‬لكن برود تجاهل ذلك‮. ‬واحتفظ بمخطوطات كافكا‮. ‬وهرب بها من براغ‮ ‬إلي فلسطين عام‮ ‬1939‮ ‬،‮ ‬كان من الممكن أن ندين بالامتنان إلي برود،‮ ‬إن لم‮ ‬يفعل خطوته الأخيرة،‮ ‬لكنه دعم إسرائيل وساندها ولم‮ ‬ينشر كل مخطوطات كافكا التي كانت بحوزته‮. ‬وبعد وفاته‮ ‬عام‮ ‬1968‮ ‬ورثت سكرتيرته وحبيبته الإسرائيلية استير هوف المخطوطات‮. ‬وظلت أعمال كافكا‮ ‬غير المنشورة بعيدة عن أعيننا طيلة نصف قرن،‮ ‬وغير معروف مكانها لأي شخص خارج أسرة استير‮. ‬وفي عام‮ ‬2007‮ ‬ماتت حبيبة برود،‮ ‬تاركة لبناتها المخطوطات،‮ ‬وحين أعلنّ‮ ‬عن رغبتهن في بيعها،‮ ‬اشتعل النزاع بين ألمانيا وإسرائيل علي إرث كافكا‮.‬
قبل أسبوعٍ،‮ ‬كان لا‮ ‬يزال هناك أمل،‮ ‬بألا تبقي المخطوطات في أرشيف تل أبيب،‮ ‬لكن المحكمة العليا في إسرائيل قضت بنقل إرث كافكا من أسرة استير هوف إلي المكتبة الوطنية في إسرائيل‮. ‬ليبدأ الجدل حول‮ "‬من‮ ‬يمتلك كافكا؟‮". ‬وهو اسم المحاضرة التي ألقتها الأمريكية‮ ‬يوديت باتلر أستاذة الأدب المقارن في جامعة كولومبيا،‮ ‬إذ أعلنت فيها عن استيائها من الصورة التي ترسمها وتصدرها إسرائيل لليهود في العالم،‮ ‬بأنها تحافظ علي ثقافتهم‮. ‬مستشهدة بما قاله ديفيد بلومبرج،‮ ‬رئيس مجلس إدارة المكتبة الوطنية،‮ "‬المكتبة لا تنوي التخلي عن الأصول الثقافية للشعب اليهودي،‮ ‬لأنها ليست مؤسسة تجارية‮"‬،‮ ‬متسائلة‮: "‬كيف‮ ‬يمكن اعتبار كتابات كافكا من أصول الشعب اليهودي؟ كافكا نفسه لم‮ ‬يتحدث في أعماله كيهودي‮. ‬لذلك علي إسرائيل أن تفرق بين اليهود الذين لا‮ ‬يؤيدونها ولا‮ ‬ينتمون إلي الصهيونية،‮ ‬وبين اليهود الذين‮ ‬يقطنون أرض فلسطين‮".‬
هذه هي القضية،‮ ‬التي عبرت عنها ببساطة‮ ‬يوديت باتلر،‮ ‬أن إسرائيل ليس لها الحق في الاستيلاء علي إرث كافكا‮. ‬وهنا في العالم العربي كان الجدال في قضية أخري؛‮ "‬هل كافكا صهيوني؟‮"‬،‮ ‬وهو السؤال الذي طالما تناولته الأقلام الثقافية،‮ ‬والذي لو وجهه أحدهم لكافكا،‮ ‬لاعتبره ساذجاً‮ ‬حقاً،‮ ‬أما إذا أعدنا صياغة السؤال إلي‮ "‬هل كافكا إسرائيلي؟‮"‬،‮ ‬لكان الأمر محسوماً‮ ‬لنا،‮ ‬ولاعتقدنا أن لو كان كافكا حياً‮ ‬لوقتنا هذا،‮ ‬ربما أراد أن‮ ‬يحشر الإسرائيليين في درج،‮ ‬ويخنقهم جميعاً‮. ‬لكن الحقيقة الأكيدة أن لا أحد استطاع أن‮ ‬يحسم صهيونية كاكفا ألم‮ ‬يقل في عبارة واحدة‮ "‬أنا معجب بالصهيونية،‮ ‬ومشمئز منها‮"‬،‮ ‬أي أنه كان متشككاً‮ ‬في الحركة آنذاك،‮ ‬وهو الرأي الذي‮ ‬يميل إليه عاطف بطرس صاحب كتاب‮ (‬كاتب‮ ‬يهودي من منظور عربي‮) ‬الصادر باللغة الألمانية عن كافكا،‮ ‬والذي‮ ‬يعكف حالياً‮ ‬علي ترجمته إلي العربية‮.‬
يقول عاطف بطرس‮: "‬علينا أن نفهم أن الصهيونية كانت حركة صغيرة،‮ ‬سخر الكثير منها،‮ ‬وتحمس لها البعض مع تزايد العداء ضد‮ ‬يهود أوروبا‮. ‬وكان كافكا‮ ‬يعيش في براغ‮ ‬وسط دوائر المثقفين اليهود،‮ ‬الذين كان من بينهم المتحمسون للصهيونية‮. ‬إذ كان المثقف اليهودي حينها أمام توجهين،‮ ‬إما أن‮ ‬يكون قومياً‮ ‬صهيونياً‮ ‬يمينياً‮ ‬ينادي بإقامة وطن لليهود،‮ ‬أو أن‮ ‬يتبني الحل اليساري الذي‮ ‬يميل إلي الشيوعية،‮ ‬ويندمج في المجتمعات حتي تتحقق العدالة الاجتماعية‮. ‬وكان كافكا علي مسافة من الصهيونية‮. ‬وهناك الكثير من نصوصه التي تكشف عن علاقته المضطربة باليهودية،‮ ‬منها‮: ‬ما الذي‮ ‬يربطني أنا باليهود أو اليهودية‮".‬
في كتاب‮ (‬فهود في المعبد‮) ‬للناقد الألماني ميشائيل مار‮. ‬ترجمة أحمد فاروق‮. ‬كانت هناك مقالة عن كافكا بعنوان‮ (‬جرار القرابين من أجل الفهود‮)‬،‮ ‬والتي جاءت فيها عبارته الشهيرة‮ "‬لا تقودني‮ ‬يد المسيحية المنكسة الثقيلة جداً‮ ‬عبر هذه الحياة كما‮ ‬يفعل كيركغارد،‮ ‬ولم أمسك بآخر ذيل تطاير من شال الصلاة اليهودي كما‮ ‬يفعل الصهاينة‮". ‬وجاء أيضاً‮ ‬في المقالة‮: "‬لم‮ ‬يكن كافكا معزولاً‮ ‬فحسب لكونه‮ ‬يهودياً‮ ‬ألمانياً‮ ‬في براغ‮ ‬ذات الطابع المسيحي،‮ ‬التي كان عمالها‮ ‬يتحدثون التشيكية،‮ ‬بل كان معزولاً‮ ‬لكونه‮ ‬يهودياً‮ ‬لا أدرياً‮ ‬محاطاً‮ ‬بالتراث الديني اليهودي‮". ‬في ذلك السياق‮ ‬يوضح المترجم أحمد فاروق‮: "‬المعروف أن ماكس برود هو من ورط كافكا في الصهيونية،‮ ‬وربط أعماله بالمسألة اليهودية،‮ ‬وبإسرائيل‮. ‬وعلي أي حال،‮ ‬لن‮ ‬يمنعنا وجود المخطوطات في إسرائيل من الاستمتاع بأدب كافكا‮". ‬
وبخصوص ماكس برود،‮ ‬للشاعر محمد عيد إبراهيم رأي‮ ‬فيه‮: "‬كان برود شاعراً‮ ‬رديئاً،‮ ‬استغلّ‮ ‬صداقته مع كافكا وموته المفاجئ بمرض السلّ‮ ‬في سنّ‮ ‬صغيرة،‮ ‬وحاول صنع أسطورة من خياله هو عن كافكا،‮ ‬وزوّر وصيته بحرق ما تركه من إبداع،‮ ‬وأطلق شروحاته وتأويلاته لروايات وقصص كافكا‮. ‬ثم احتضنت الصهيونية برود،‮ ‬وصار منافحاً‮ ‬عنها،‮ ‬مغتصباً‮ ‬أدب كافكا،‮ ‬محولاً‮ ‬إياه إلي رديف لنظرية متعصّبة عدوانية‮".. ‬أما عن صهيونية كافكا‮ ‬يري أنها أكذوبة سخيفة إذ‮ "‬لم‮ ‬يُعرف عنه أنه قد ساند الصهيونية في شيء خلال الفترة القصيرة التي عاشها وكتب فيها مآثره،‮ ‬حتي النقّاد الذين نظروا في مقالته‮ (‬الحزن في فلسطين‮)‬،‮ ‬واستنبطوا منها صهيونيته،‮ ‬يمكن النظر فيها من ناحية أخري،‮ ‬واستنباط لامبالاته بالصهيونية‮. ‬فلم توجد لديه شخوص‮ ‬يهودية،‮ ‬ولا مشاهد تدلّ‮ ‬علي اهتمامه باليهودية من أيّ‮ ‬نوع‮". ‬
لماذا تسعي إذن إسرائيل إلي السيطرة والهيمنة علي تراث أي‮ ‬يهودي؟ خصوصاً‮ ‬لو كان في حجم كافكا‮. ‬تري المترجمة عن الألمانية هبة شريف أن إسرائيل تحاول بناء‮ ‬قاعدة شرعية استناداً‮ ‬علي الدين،‮ ‬من خلال بحثها عن مشاهير اليهود من المفكرين والمثقفين،‮ ‬وضمهم إلي دولتها المزعومة‮. ‬وأضافت‮: "‬لم‮ ‬يكن كافكا متحيزاً‮ ‬لوجود وطن لليهود،‮ ‬ولم‮ ‬ينادي بما نادي به تيودور هيرتزل،‮ ‬رغم معاصرته لسنوات اضطهاد اليهود،‮ ‬حتي أن الصهيونية حينها كانت حركة مثالية،‮ ‬وكان اليساريون الغربيون‮ ‬يتسابقون علي العمل في الكيبوتس،‮ ‬لكونه‮ ‬يعطيهم حقوقهم ويساوي فيما بينهم،‮ ‬أما الصهيونية الموجودة حالياً‮ ‬فهي تطور سلبي للحركة‮".‬
يبدو أن كافكا كان‮ ‬يتوقع ما ستصل إليه الصهيونية الآن‮. ‬ما جعل موقفه متناقضاً‮ ‬منذ البداية‮. ‬والذي أثر بالتبعية علي موقف المفكرين من صهيونيته،‮ ‬خصوصاً‮ ‬العرب،‮ ‬وقد تناول ذلك‮ ‬يانس هانسن،‮ ‬أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تورنتو بكندا،‮ ‬في مقاله‮ (‬كافكا والعرب‮)‬،‮ ‬والذي ترجمه المفكر اللبناني وهيب معلوف،‮ ‬إذ جاء فيه‮: "‬مقارنة أعمال كافكا،‮ ‬بما فيها مذكراته ومراسلاته،‮ ‬مع ما كانت تصدره الصحافة الألمانية الصهيونية أثناء الحرب العالمية الأولي،‮ ‬تكشف أن موقفه من الصهيونية كان‮ ‬يكتنفه الغموض وحتي السخرية‮. ‬ويبدو أنه كان‮ ‬يعي أن اللحظة التي تحط الصهيونية فيها رحالها في فلسطين،‮ ‬لن تبقي حركة تحررية قومية‮ ‬يهودية في أوروبا،‮ ‬وستصبح حركة استيطانية كولونيالية‮". ‬
علي أي حال،‮ ‬لقد استولت إسرائيل علي الأرض،‮ ‬واستولت علي مخطوطات كافكا،‮ ‬لكنها لم تستطع أن تقنع باقي‮ ‬يهود العالم بالمشاركة في الاستعمار،‮ ‬ولم تستطع التفرقة بين كافكا وبين محبيه من العرب،‮ ‬ولن تستطيع حتي أن تضعنا في مأزق التطبيع،‮ ‬حسب شريف بكر مدير دار العربي التي أعادت ترجمة الكثير من أعمال كافكا‮. ‬فمخطوطات كافكا‮ ‬غير المنشورة،‮ ‬التي ضمتها المكتبة الوطنية في إسرائيل إلي حوزتها،‮ ‬أصبحت وفق حقوق الملكية الفكرية مشاعاً‮ ‬عاماً،‮ ‬يمكن التعامل معها بعد ترجمتها دون التعامل المباشر مع المكتبة،‮ ‬ففي حالة صدور أي مخطوط باللغة العبرية،‮ ‬وتم ترجمته إلي العربية،‮ ‬لا‮ ‬يعني ذلك تطبيعاً،‮ ‬لأن كافكا مر علي وفاته أكثر من‮ ‬90‮ ‬عاماً،‮ ‬وأعمال الأدباء تصبح مشاعاً‮ ‬بعد مرور‮ ‬50‮ ‬عاماً‮ ‬علي وفاتهم‮ "‬المشكلة إن حاولت إسرائيل العبث في مخطوطات كافكا،‮ ‬بالحذف أو بالإضافة،‮ ‬حينها سيملأ الشك قلوبنا‮".‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.