مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    وزير التنمية المحلية يتابع مع وفد البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    غير مستقر.. سعر الدولار الآن بالبنوك بعد ارتفاعه المفاجئ    محافظ القليوبية يتفقد أعمال النظافة بمدينتي الخصوص وأحياء شرق وغرب شبرا الخيمة    خبير اقتصادي: الدولة نفذت 994 مشروعا تنمويا في سيناء بنحو التريليون جنيه    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    تحصين 434 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع في الشرقية    بعد مغادرة قادتها لتركيا.. حقيقة غلق مكتب حماس في قطر    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    إمام عاشور وديانج بقائمة الأهلي أمام مازيمبي بفرمان كولر    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    مصر تنافس على ذهبيتين وبرونزيتين في أول أيام بطولة أفريقيا للجودو    «الجيزة» تزيل تعديات وإشغالات الطريق العام بشوارع ربيع الجيزي والمحطة والميدان (صور)    السيطرة على حريق نشب أمام ديوان عام محافظة بني سويف    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    بالصور .. بدء طباعة وتظريف امتحانات الترم الثاني 2024    نقابة الموسيقيين تنعي مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    هشام الحلبي: إرادة المصريين لم تنكسر بعد حرب 67    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    آخرهم وائل فرج ومروة الأزلي.. نجوم انفصلوا قبل أيام من الزفاف    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كافكا في قبضة إسرائيل
بعد الاستيلاء علي مخطوطاته‮ ‬غير المنشورة‮:‬
نشر في أخبار الحوادث يوم 20 - 08 - 2016

في رسائلها إلي فرانز كافكا،‮ ‬كانت حبيبته ميلينا دائمة السؤال عن‮ ‬يهوديته‮ -‬لا صهيونته‮- ‬هي الصحفية التشيكية التي لم‮ ‬يمنعها فضولها في التطرق إلي أي أمر‮ ‬يخص كافكا‮. ‬وكان‮ ‬يعتبر أسئلتها هذه مجرد مزحة‮. ‬وكتب لها مرّة‮ "‬هل تريدين معرفة إذا كنتُ‮ ‬أنتمي إلي اليهود القلقين؟ أرجوكِ،‮ ‬لا تكوني ساذجة‮". ‬لكن ميلينا كعادتها أخذت رده علي محمل الجد‮. ‬فما كان أمام كافكا سوي أن‮ ‬يصف كلامه بالفكاهة السخيفة،‮ ‬قائلاً‮ ‬لها‮ "‬أردت فقط أن أضحكك‮!"‬،‮ ‬وسرد في رسالة مؤرخة بيوم‮ ‬13‮ ‬يونيو‮ ‬1920،‮ ‬أي بعد ثلاث سنوات تقريباً‮ ‬من الإعلان عن إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين،‮ ‬رأيه الحاسم في القضية‮: "‬أريد أن ألومك‮ ‬يا ميلينا،‮ ‬لأنكِ‮ ‬حسنة الظن باليهود،‮ ‬بما فيهم أنا،‮ ‬أحياناً‮ ‬أود لو أحشر اليهود كلهم،‮ ‬وأنا أيضاً‮ ‬معهم،‮ ‬في أحد الأدراج،‮ ‬وانتظر،‮ ‬ثم أسحب الدرج قليلاً‮ ‬كي أري إذا كانوا اختنقوا،‮ ‬وإذا لم‮ ‬يكن هذا قد حدث،‮ ‬أغلق الدرج،‮ ‬وأعيد العملية هكذا حتي النهاية‮".‬
ربما كان‮ ‬يتنبأ كافكا حينها،‮ ‬بما سيفعله هؤلاء الحالمون بأرض الميعاد،‮ ‬ربما كان‮ ‬يدرك أنانيتهم،‮ ‬وخططهم في الاستيلاء علي أي شيء،‮ ‬حتي عليه هو نفسه،‮ ‬ربما لأجل ذلك بالتحديد طلب من صديقه المقرب ماكس برود‮ - ‬المؤيد للصهيونية‮ - ‬إحراق كل ما كتبه بعد وفاته‮. ‬لكن برود تجاهل ذلك‮. ‬واحتفظ بمخطوطات كافكا‮. ‬وهرب بها من براغ‮ ‬إلي فلسطين عام‮ ‬1939‮ ‬،‮ ‬كان من الممكن أن ندين بالامتنان إلي برود،‮ ‬إن لم‮ ‬يفعل خطوته الأخيرة،‮ ‬لكنه دعم إسرائيل وساندها ولم‮ ‬ينشر كل مخطوطات كافكا التي كانت بحوزته‮. ‬وبعد وفاته‮ ‬عام‮ ‬1968‮ ‬ورثت سكرتيرته وحبيبته الإسرائيلية استير هوف المخطوطات‮. ‬وظلت أعمال كافكا‮ ‬غير المنشورة بعيدة عن أعيننا طيلة نصف قرن،‮ ‬وغير معروف مكانها لأي شخص خارج أسرة استير‮. ‬وفي عام‮ ‬2007‮ ‬ماتت حبيبة برود،‮ ‬تاركة لبناتها المخطوطات،‮ ‬وحين أعلنّ‮ ‬عن رغبتهن في بيعها،‮ ‬اشتعل النزاع بين ألمانيا وإسرائيل علي إرث كافكا‮.‬
قبل أسبوعٍ،‮ ‬كان لا‮ ‬يزال هناك أمل،‮ ‬بألا تبقي المخطوطات في أرشيف تل أبيب،‮ ‬لكن المحكمة العليا في إسرائيل قضت بنقل إرث كافكا من أسرة استير هوف إلي المكتبة الوطنية في إسرائيل‮. ‬ليبدأ الجدل حول‮ "‬من‮ ‬يمتلك كافكا؟‮". ‬وهو اسم المحاضرة التي ألقتها الأمريكية‮ ‬يوديت باتلر أستاذة الأدب المقارن في جامعة كولومبيا،‮ ‬إذ أعلنت فيها عن استيائها من الصورة التي ترسمها وتصدرها إسرائيل لليهود في العالم،‮ ‬بأنها تحافظ علي ثقافتهم‮. ‬مستشهدة بما قاله ديفيد بلومبرج،‮ ‬رئيس مجلس إدارة المكتبة الوطنية،‮ "‬المكتبة لا تنوي التخلي عن الأصول الثقافية للشعب اليهودي،‮ ‬لأنها ليست مؤسسة تجارية‮"‬،‮ ‬متسائلة‮: "‬كيف‮ ‬يمكن اعتبار كتابات كافكا من أصول الشعب اليهودي؟ كافكا نفسه لم‮ ‬يتحدث في أعماله كيهودي‮. ‬لذلك علي إسرائيل أن تفرق بين اليهود الذين لا‮ ‬يؤيدونها ولا‮ ‬ينتمون إلي الصهيونية،‮ ‬وبين اليهود الذين‮ ‬يقطنون أرض فلسطين‮".‬
هذه هي القضية،‮ ‬التي عبرت عنها ببساطة‮ ‬يوديت باتلر،‮ ‬أن إسرائيل ليس لها الحق في الاستيلاء علي إرث كافكا‮. ‬وهنا في العالم العربي كان الجدال في قضية أخري؛‮ "‬هل كافكا صهيوني؟‮"‬،‮ ‬وهو السؤال الذي طالما تناولته الأقلام الثقافية،‮ ‬والذي لو وجهه أحدهم لكافكا،‮ ‬لاعتبره ساذجاً‮ ‬حقاً،‮ ‬أما إذا أعدنا صياغة السؤال إلي‮ "‬هل كافكا إسرائيلي؟‮"‬،‮ ‬لكان الأمر محسوماً‮ ‬لنا،‮ ‬ولاعتقدنا أن لو كان كافكا حياً‮ ‬لوقتنا هذا،‮ ‬ربما أراد أن‮ ‬يحشر الإسرائيليين في درج،‮ ‬ويخنقهم جميعاً‮. ‬لكن الحقيقة الأكيدة أن لا أحد استطاع أن‮ ‬يحسم صهيونية كاكفا ألم‮ ‬يقل في عبارة واحدة‮ "‬أنا معجب بالصهيونية،‮ ‬ومشمئز منها‮"‬،‮ ‬أي أنه كان متشككاً‮ ‬في الحركة آنذاك،‮ ‬وهو الرأي الذي‮ ‬يميل إليه عاطف بطرس صاحب كتاب‮ (‬كاتب‮ ‬يهودي من منظور عربي‮) ‬الصادر باللغة الألمانية عن كافكا،‮ ‬والذي‮ ‬يعكف حالياً‮ ‬علي ترجمته إلي العربية‮.‬
يقول عاطف بطرس‮: "‬علينا أن نفهم أن الصهيونية كانت حركة صغيرة،‮ ‬سخر الكثير منها،‮ ‬وتحمس لها البعض مع تزايد العداء ضد‮ ‬يهود أوروبا‮. ‬وكان كافكا‮ ‬يعيش في براغ‮ ‬وسط دوائر المثقفين اليهود،‮ ‬الذين كان من بينهم المتحمسون للصهيونية‮. ‬إذ كان المثقف اليهودي حينها أمام توجهين،‮ ‬إما أن‮ ‬يكون قومياً‮ ‬صهيونياً‮ ‬يمينياً‮ ‬ينادي بإقامة وطن لليهود،‮ ‬أو أن‮ ‬يتبني الحل اليساري الذي‮ ‬يميل إلي الشيوعية،‮ ‬ويندمج في المجتمعات حتي تتحقق العدالة الاجتماعية‮. ‬وكان كافكا علي مسافة من الصهيونية‮. ‬وهناك الكثير من نصوصه التي تكشف عن علاقته المضطربة باليهودية،‮ ‬منها‮: ‬ما الذي‮ ‬يربطني أنا باليهود أو اليهودية‮".‬
في كتاب‮ (‬فهود في المعبد‮) ‬للناقد الألماني ميشائيل مار‮. ‬ترجمة أحمد فاروق‮. ‬كانت هناك مقالة عن كافكا بعنوان‮ (‬جرار القرابين من أجل الفهود‮)‬،‮ ‬والتي جاءت فيها عبارته الشهيرة‮ "‬لا تقودني‮ ‬يد المسيحية المنكسة الثقيلة جداً‮ ‬عبر هذه الحياة كما‮ ‬يفعل كيركغارد،‮ ‬ولم أمسك بآخر ذيل تطاير من شال الصلاة اليهودي كما‮ ‬يفعل الصهاينة‮". ‬وجاء أيضاً‮ ‬في المقالة‮: "‬لم‮ ‬يكن كافكا معزولاً‮ ‬فحسب لكونه‮ ‬يهودياً‮ ‬ألمانياً‮ ‬في براغ‮ ‬ذات الطابع المسيحي،‮ ‬التي كان عمالها‮ ‬يتحدثون التشيكية،‮ ‬بل كان معزولاً‮ ‬لكونه‮ ‬يهودياً‮ ‬لا أدرياً‮ ‬محاطاً‮ ‬بالتراث الديني اليهودي‮". ‬في ذلك السياق‮ ‬يوضح المترجم أحمد فاروق‮: "‬المعروف أن ماكس برود هو من ورط كافكا في الصهيونية،‮ ‬وربط أعماله بالمسألة اليهودية،‮ ‬وبإسرائيل‮. ‬وعلي أي حال،‮ ‬لن‮ ‬يمنعنا وجود المخطوطات في إسرائيل من الاستمتاع بأدب كافكا‮". ‬
وبخصوص ماكس برود،‮ ‬للشاعر محمد عيد إبراهيم رأي‮ ‬فيه‮: "‬كان برود شاعراً‮ ‬رديئاً،‮ ‬استغلّ‮ ‬صداقته مع كافكا وموته المفاجئ بمرض السلّ‮ ‬في سنّ‮ ‬صغيرة،‮ ‬وحاول صنع أسطورة من خياله هو عن كافكا،‮ ‬وزوّر وصيته بحرق ما تركه من إبداع،‮ ‬وأطلق شروحاته وتأويلاته لروايات وقصص كافكا‮. ‬ثم احتضنت الصهيونية برود،‮ ‬وصار منافحاً‮ ‬عنها،‮ ‬مغتصباً‮ ‬أدب كافكا،‮ ‬محولاً‮ ‬إياه إلي رديف لنظرية متعصّبة عدوانية‮".. ‬أما عن صهيونية كافكا‮ ‬يري أنها أكذوبة سخيفة إذ‮ "‬لم‮ ‬يُعرف عنه أنه قد ساند الصهيونية في شيء خلال الفترة القصيرة التي عاشها وكتب فيها مآثره،‮ ‬حتي النقّاد الذين نظروا في مقالته‮ (‬الحزن في فلسطين‮)‬،‮ ‬واستنبطوا منها صهيونيته،‮ ‬يمكن النظر فيها من ناحية أخري،‮ ‬واستنباط لامبالاته بالصهيونية‮. ‬فلم توجد لديه شخوص‮ ‬يهودية،‮ ‬ولا مشاهد تدلّ‮ ‬علي اهتمامه باليهودية من أيّ‮ ‬نوع‮". ‬
لماذا تسعي إذن إسرائيل إلي السيطرة والهيمنة علي تراث أي‮ ‬يهودي؟ خصوصاً‮ ‬لو كان في حجم كافكا‮. ‬تري المترجمة عن الألمانية هبة شريف أن إسرائيل تحاول بناء‮ ‬قاعدة شرعية استناداً‮ ‬علي الدين،‮ ‬من خلال بحثها عن مشاهير اليهود من المفكرين والمثقفين،‮ ‬وضمهم إلي دولتها المزعومة‮. ‬وأضافت‮: "‬لم‮ ‬يكن كافكا متحيزاً‮ ‬لوجود وطن لليهود،‮ ‬ولم‮ ‬ينادي بما نادي به تيودور هيرتزل،‮ ‬رغم معاصرته لسنوات اضطهاد اليهود،‮ ‬حتي أن الصهيونية حينها كانت حركة مثالية،‮ ‬وكان اليساريون الغربيون‮ ‬يتسابقون علي العمل في الكيبوتس،‮ ‬لكونه‮ ‬يعطيهم حقوقهم ويساوي فيما بينهم،‮ ‬أما الصهيونية الموجودة حالياً‮ ‬فهي تطور سلبي للحركة‮".‬
يبدو أن كافكا كان‮ ‬يتوقع ما ستصل إليه الصهيونية الآن‮. ‬ما جعل موقفه متناقضاً‮ ‬منذ البداية‮. ‬والذي أثر بالتبعية علي موقف المفكرين من صهيونيته،‮ ‬خصوصاً‮ ‬العرب،‮ ‬وقد تناول ذلك‮ ‬يانس هانسن،‮ ‬أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تورنتو بكندا،‮ ‬في مقاله‮ (‬كافكا والعرب‮)‬،‮ ‬والذي ترجمه المفكر اللبناني وهيب معلوف،‮ ‬إذ جاء فيه‮: "‬مقارنة أعمال كافكا،‮ ‬بما فيها مذكراته ومراسلاته،‮ ‬مع ما كانت تصدره الصحافة الألمانية الصهيونية أثناء الحرب العالمية الأولي،‮ ‬تكشف أن موقفه من الصهيونية كان‮ ‬يكتنفه الغموض وحتي السخرية‮. ‬ويبدو أنه كان‮ ‬يعي أن اللحظة التي تحط الصهيونية فيها رحالها في فلسطين،‮ ‬لن تبقي حركة تحررية قومية‮ ‬يهودية في أوروبا،‮ ‬وستصبح حركة استيطانية كولونيالية‮". ‬
علي أي حال،‮ ‬لقد استولت إسرائيل علي الأرض،‮ ‬واستولت علي مخطوطات كافكا،‮ ‬لكنها لم تستطع أن تقنع باقي‮ ‬يهود العالم بالمشاركة في الاستعمار،‮ ‬ولم تستطع التفرقة بين كافكا وبين محبيه من العرب،‮ ‬ولن تستطيع حتي أن تضعنا في مأزق التطبيع،‮ ‬حسب شريف بكر مدير دار العربي التي أعادت ترجمة الكثير من أعمال كافكا‮. ‬فمخطوطات كافكا‮ ‬غير المنشورة،‮ ‬التي ضمتها المكتبة الوطنية في إسرائيل إلي حوزتها،‮ ‬أصبحت وفق حقوق الملكية الفكرية مشاعاً‮ ‬عاماً،‮ ‬يمكن التعامل معها بعد ترجمتها دون التعامل المباشر مع المكتبة،‮ ‬ففي حالة صدور أي مخطوط باللغة العبرية،‮ ‬وتم ترجمته إلي العربية،‮ ‬لا‮ ‬يعني ذلك تطبيعاً،‮ ‬لأن كافكا مر علي وفاته أكثر من‮ ‬90‮ ‬عاماً،‮ ‬وأعمال الأدباء تصبح مشاعاً‮ ‬بعد مرور‮ ‬50‮ ‬عاماً‮ ‬علي وفاتهم‮ "‬المشكلة إن حاولت إسرائيل العبث في مخطوطات كافكا،‮ ‬بالحذف أو بالإضافة،‮ ‬حينها سيملأ الشك قلوبنا‮".‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.