جاءت أزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة والغش الإلكتروني، لتكون كاشفة عن أفكار وعقليات نواب البرلمان وطريقة تعاملهم مع الأزمة، حيث تعددت حلولهم لمواجهة المشكلة، والتي تباينت بين المطالبة بإلغاء نظام الثانوية العامة، أو إسناد مهمة تنظيم الامتحانات للقوات المسلحة، أو إقالة الوزير ومساءلته. كما تباينت وجهات نظر النواب في الأزمة بين متهم للإخوان ومحمل إياهم مسئولية ما حدث، وآخر يهاجم الدولة متمثلة في مسئولي إدارات التعليم المختلفة، وسط إجماع كافة الإطراف علي وصف الأمر ب"الكارثي" الذي يستوجب التوقف أمامه والتعامل معه فورا. أحد أكثر الاقتراحات لفتا للنظر صدر من وكيل لجنة حقوق الإنسان النائبة مارجريت عازر، والتي قالت في بيان رسمي صادر عنها: اقترح إسناد جميع إجراءات امتحانات الثانوية العامة بداية من "طبع الامتحانات وسريتها والمراقبة عليها والإشراف علي اللجان" إلي القوات المسلحة، وتابعت: "نحن نعلم مدي المجهود والحمل الملقي علي عاتقهم، ولكن هم الجهة الوحيدة التي تقدر وتتحمل المسئولية وأطالب بوقف امتحانات الثانوية العامة حالياً وتحديد ميعاد لإجرائها بعد عيد الفطر. أما النائب أسامة شرشر، فاعتبر أن المتسبب في وقائع التسريب هم "كتائب إخوانية داخل وزارة التربية والتعليم" علي حد وصفه، وتقدم باقتراح إلي علي عبد العال رئيس مجلس النواب للمطالبة بإلغاء نظام الثانوية العامة من الأساس. وقال "شرشر" إن الاقتراح الذي تقدم به يتضمن أن تكون المرحلة الابتدائية 9 سنوات ويليها المرحلة الثانوية 3 سنوات يليهم سنة اختيار الكلية التي يريد أن يلتحق بها الطالب ليدرس مناهج تعينه علي اكتساب مهارات وقدرات ويتم تدريبه، موضحًا أن بهذا النظام يتم القضاء علي رهبة الثانوية العامة والدروس الخصوصية. وأكد شرشر، أن إلغاء الثانوية العامة هذا العام بمثابة كارثة وانتصار لمخطط الإخوان لانهيار التعليم، مشيرا إلي أن النوع الأخير من سلسلة الحرائق التي ضربت البلاد، وربط بين ما يحدث في مصر من تسريب امتحانات ومثيلتها من حالات بالجزائر والمغرب ليؤكد صدق رؤيته بأن ما يحدث مخطط دولي لاستهداف التعليم في الوطن العربي. فيما ذهب النائب عمرو أبو اليزيد، إلي مهاجمة مسئولي الوزارة في الدائرة التابع لها، حيث تقدم بطلب إحاطة إلي وزير التربية والتعليم، وأرفق معه مجموعة من المستندات التي تشير إلي وقائع فساد مستشرٍ بمديرية التربية والتعليم بالجيزة، مطالباً بضرورة الكشف عن الأطراف المتورطة فيه. الموقف المبدئي لأعضاء لجنة التعليم والبحث العلمي بالبرلمان، هو استجواب الوزير ومناقشته بشكل مباشر، حيث عقدت اللجنة برئاسة الدكتور جمال شيحة اجتماعها بحضور الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم والتعليم الفني. بينما يري عبد الرحمن برعي، وكيل لجنة التعليم، أن كارثة تسريب امتحانات الثانوية العامة لا تقع في يد وزير التربية والتعليم الدكتور الهلالي الشربيني، مؤكدا أن الجميع يشهد له بالكفاءة العالية وخبرته في التخطيط التربوي. وأضاف أن هناك كواليس وراء تلك الكارثة غير مفهومة حتي الآن، خاصة أنها دائرة مغلقة تتضمن 70 مسئولا علي مستوي محافظات الجمهورية، موضحا أن اللجنة كانت قد بحثت بديلا مع قيادات وزارة التعليم، لافتا إلي أن هناك توجها لإلغاء تصور امتحان الثانوية العامة واللجوء لامتحان القدرات ليكون غير مرتبط بمنهج محدد. وأشار برعي إلي أن امتحانات القدرات لا تعتمد علي الحفظ والاستذكار، وهناك نموذج مصغر منها مطبق في السعودية يمتحن الطالب به من مرة ل 3 مرات، وتكون أسئلتها إليكترونية "أون لاين"، موضحا أن تلك الامتحانات ستخفف درجة الاعتماد علي الامتحانات النهائية. وعن مطالبات البعض بأن يكون امتحان الثانوية العامة مرحليا بكل محافظة، قال برعي إن هذا الأمر يربط الطلاب بكلياتهم في المحافظات، وهذا أمر صعب نظرا لوجود كليات محدودة العدد علي مستوي المحافظات. الاعتماد علي نظام ال open book ومن ناحيته، قال الدكتور هاني أباظة، وكيل مجلس النواب، إن الدولة متأخرة في التعليم، وإن النظام التعليم في مصر مليء بالفجوات، موضحا أن اللجنة تستعد لتغيير المنظومة كليا. وشدد أباظة أن وزارة التربية والتعليم متأخونة كما أن الوزير الدكتور الهلالي الشربيني مقصر ومسئول سياسيا، قائلا: "إذا الأمر تطلب الإقالة سنقيله إن لم يكن رجل المرحلة القادم". وأشار إلي أن هناك تخوفا من أن الوصول لبديل يخضع فيه الطلاب لأهواء المدرس، لافتا إلي أن عناصر التقييم لن تكون في يد مدرس واحد بل ستكون من خلال لجنة ثلاثية تقيم الطالب وهذا الأمر مطبق في المدارس الدولية لكنه يتطلب معه وضع قانون صارم ورادع لمنع الدروس الخصوصية، بالإضافة إلي إمكانية تنفيذ امتحان open book الذي لا يعتمد علي حفظ التلميذ بل فهمه، والمقياس هو فهم الطالب اللجوء للامتحانات الإليكترونية وفي السياق ذاته، قالت الدكتورة ماجدة بكري، أمين سر لجنة التعليم، إن امتحان اللغة الإنجليزية أشيع تسريبه العام الماضي، معتبرة أن هناك نوعا من نشر الإشاعات وإثارة البلبلة يحدثها البعض يؤثر علي امتحانات الثانوية العامة. وأشارت إلي أن اللجنة تعمل علي وضع منظومة كاملة لتحديث التعليم تعتمد علي تغيير الدراسة منذ بداية تعليم الطفل وحتي وصوله للجامعة، موضحا أنه بعد الانتهاء من كتابة تقرير اللجنة للموازنة العامة سيتم الاطلاع علي خطط المنظومة بالكامل من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي. وأضافت أن مردود تلك المنظومة سيكون بعد 12 عاما من الآن، موضحا أن تطبيق امتحانات الثانوية العامة بطريقة مرحلية في المحافظات سيفتح المجال للطعن، إلا إذا كان هناك مكتب تنسيق في كل محافظة وبالمعايير التي تناسب كل محافظة، مؤكدا أن ذلك يعد توزيعا إقليميا بحتا ويحتاج لوقت كبير. وشددت أن تطبيق نظام الامتحانات الإليكترونية، أمر كان محل دراسة لدي وزارة التربية والتعليم، وكان هناك نية لتحويله وتم إنفاق مبالغ كبيرة عليه ولكن حتي الآن لم يتم ذلك، موضحا أن اللجنة ستخاطب الوزارة للتعرف علي معوقات تطبيقه. وأضافت أن امتحان القدرات فكرة واردة، وأنها تخضع لدراسة كبيرة بالتعاون مع إنجلترا من خلال جامعات تطبق هذه الطريقة، وكل كلية في كل جامعة ستضع امتحانا مؤهلا لها، لكنها تحتاج لتنظيم بحيث لا يكون هناك تلاعب. وشددت أن مشكلة الثانوية العامة ليست في امتحان فقط ولكنها تتطلب حلا لخلخلة نظام سيئ يختزل مرحلة دراسة عمرها 12 عاما في امتحان ثلاث ساعات. وخلال الاجتماع المشترك للجنة التعليم ولجنة الدفاع والأمن القومي الذي عقد لمناقشة قضية تسريب امتحانات الثانوية اعترض النائب محمد الحسيني علي الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم وقال إن الوزير لم يهتم بحمامات المدارس ولم يتهم بالطلبة الغلابة بل قام بتصوير استراحات المعلمين في امتحانات الثانوية العامة.