الداعية الإسلامية الدكتورة عبلة الكحلاوي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن صلاة المرأة في منزلها أفضل إذا ما كان ذهابها إلي المسجد للثرثرة وجلب الصخب، وقالت في حوار ل "دين ودنيا" إن شهر رمضان هو "أوكازيون الطاعات" التي يمكن أن نستثمرها في التوبة والاستغفار، وأشارت إلي أنه علي الأم المسلمة ألا تنشغل بأمور الحياة عن أولادها وتتركهم عرضة للأفكار الشاذة، وفيما يلي نص الحوار: اللهم بلغنا رمضان دعاء تلهج به ألسنتنا شهورا عديدة كيف يستقبل المسلم رمضان ويكون من الفائزين؟ - نقول إن رمضان هو شهر البركات، شهر أوكازيون الطاعات، كان السلف الصالح يدعون ربهم أن يبلغهم رمضان ستة أشهر قبله، ويدعونه أن يتقبل منهم ستة أشهر بعده، لذا فعلينا جميعا أن نستقبل رمضان بقلب مشتاق، وعلينا أن نبدأ بالتوبة والاستغفار لاستقبال الشهر الكريم، فرمضان شهر المغفرة إذ إن كل عمل فيه مضاعف من صلاة وتراويح وقيام الليل الذي يشعرك بقربك من ربك والذي يجب أن نتوقف عنده كثيرا، كما يجب في هذه الأيام المباركة أن يعيد كل منا النظر في سلوكياته وأخلاقه وأن نسير بتعاليم الإسلام السمحة، فلنتدبر قوله صلي الله عليه وسلم "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، فكياننا الروحي مهدر أما كياننا المادي فنلهث وراءه، وكل فرد منا يلهث وراء الدنيا وإذا كنت في النهاية سوف تحصل علي المال من أي جهة لكن من الناحية الأخري هناك المدد الرباني والبركة التي هي من الله سبحانه وتعالي، فالعلاقة بين الزوجين ليست جسدية فقط وإنما مدد من ربنا اسمه المودة والرحمة، وكذلك الصلاة ليست ركوعا وسجودا ولكن هناك الخشوع، فرمضان فرصة حقيقية لمراجعة النفس والأخلاقيات في بيوتنا. ماذا تتمنين في هذه الأيام المباركة؟ - أتمني من الله أن يتوب علينا وأن نحب بعضنا بعضا، وأن تتوحد أمتنا الإسلامية من جديد، وأن يزيح عنها كابوس الإرهاب، وأتمني لمصر الأمن والأمان، وأن يعمل كل منا لرفعة شأنها، فنحن نري الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يألو جهدا من أجل رفعتها، ويعمل بأكثر من طاقته لتحقيق ذلك، لذا من المسئولية أن يؤدي كل منا دوره، وأن يتأسي بأخلاق الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم، الذي علمنا أن الكلمة الطيبة صدقة وفي حديث آخر "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وكما أتمني أن نعمر قلوبنا بالمحبة والبعد عن الكراهية والضغينة وأن نتعبد بحق لنتدبر قول الله تعالي "ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، فتدبروا يا أحباب رمضان شهر العبادة. هل علي المرأة مسئولية نحو أسرتها في رمضان؟ - إذا كانت المرأة تتحمل مسئولية ضخمة في رعاية بيتها وأسرتها فإن عليها أيضا مسئولية دينية حملها إياها الله سبحانه وتعالي ورسوله صلي الله عليه وسلم، فهي المسئولة عن تربية الأبناء وتوجيههم إلي التمسك بدينهم والعمل بتعاليمه فهي المدرسة الأولي في حياة الطفل، وإذا كانت المرأة عاملة وقد آلت علي نفسها أن تكون عونا لزوجها في مواجهة أعباء الحياة يجب أن تدرك أن من أهم مسئولياتها رعاية أبنائها عليها أن تكون علي علم تام بمن يصاحبون وماذا يشاهدون فلانتركهم وحدهم للأفكار الضالة والمظاهر الشاذة في الملبس والأكسسوار. بل عليها أن تكون رقيبة عليهم لأنها ستحاسب علي مسئوليتها أمام الله "كلكم راعٍ وكل راعٍ مسئول عن رعيته"، كذلك عليها أن تحسن عملها وأن تخلص له خاصة في شهر رمضان فلا تؤجل مصالح الناس وتتعلل بترك العمل لإعداد الطاعم أو الشراب أو أن تهدر وقت العمل فيما لايفيد فعليها أن تدرك أن من ثمرات الصوم رقة القلب والرحمة بالخلق والحب الذي لايأتي إلا بالخير. مع دخول شهر رمضان تمتلئ المساجد بالسيدات وأطفالهن خاصة في صلاة التراويح فهل صلاة المرأة في بيتها أفضل؟ - رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لا تمنعوا إماء الله مساجد الله فلم يمنعها الدين من هذه الأفضلية، ولكن علي المرأة أن تذهب إلي المسجد لتؤدي صلاتها وهي مدركة لدور المسجد وتنصت للقرآن بعيدا عن الثرثرة والرغي واصطحاب أطفال يبكون ويمرحون بين المصلين فيصرفون الناس عن التركيز والخشوع فهذا غير مقبول، فالأفضل أن تصلي في بيتها وأنا شخصيا أحب الصلاة في بيتي وأعد خلوة للصلاة والاعتكاف عملا بقوله صلي الله عليه وسلم موضعان يبكيان علي العبد عند وفاته موضع سجوده وموضع صعود عمله وأتمني أن يكون هذا في منزلي. هل صلاة التراويح ضرورة للمرأة؟ - هي سنة مستحبة ونافلة جميلة لقوله صلي الله عليه وسلم "من قام رمضان إيمانا واحتسابا دخل الجنة وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر". هل أخذنا من الدين المظهر وتركنا الجوهر؟ - بالفعل الإسلام يهتم بجوهر المسلم، فقد تركنا التسامح والعفو والتزمنا بآراء فقهية متطرفة جدا، أين سماحة الإسلام؟ فالإسلام كلمة مشتقة من السلام، الجنة التي وعد الله المتقين هي دار السلام تحية المؤمنين يوم القيامة، وهذه الآراء الفقهية المتشددة أفرزت لنا داعش ومن هم علي شاكلتها الذين لايمتون للإسلام بأي صلة. بين الحين والآخر نجد تصارعا للفتاوي علي الفضائيات واختلافا لعلماء أجلاء علي مرأي ومسمع من المشاهدين فما رأيك؟ - نقول مع خالص احترامي لأساتذتنا الأجلاء لانجد أحدا من الكبار يدخل في هذه المهاترات فالدين هيبة ومقام ورجل الدين يأخذ هيبته ومقامه من خلال هذا العمل حتي يحافظ علي مكانته حتي أنني عندما سافرت إلي روسيا فوجئت أنهم يقبلون أيدي رجال الدين لذا فمن غير المقبول من هذا العالم التسلط في الفتوي فهناك مذاهب فقهية عديدة والاختلاف رحمة ولكن هناك من بعض الدعاة من يؤكد علي رأي واحد رغم تعدد الآراء والمذاهب والتعدد والاختلاف في الفقه رحمة نختار منها مايتناسب مع ظروفنا ولذا مطلوب من فقهائنا الأجلاء أن ينأوا بأنفسهم عن هذه المهاترات. وعلي مجمع الفقه أن يأخذ هذه المستحدثات ويضع لها حلولا ويناقشها بعيدا عن مساحات التوك شو وعلينا الاتزام بالفتوي الصادرة من مجمع الفقه ودار الإفتاء والأزهر وهم علي قدر عال من الفطنة والكياسة ومعرفة قضايا العصر. تحرصين علي العمل الخيري فماذا عن جمعية الباقيات الصالحات؟ - حرص أبي علي أن يعلمنا حب الفقراء والعمل علي إسعادهم وحب المساكين فلم يكن ينام لو كان هناك فقير أو مريض يطلب حاجة قد ورثنا هذا عن والدي رحمه الله وجمعية الباقيات الصالحات لها عدة أنشطة في رعاية الفقراء والأيتام والقري الفقيرة كتوصيل المياه في قري بني سويف، كما يوجد بها دار لمرضي الألزهايمر وهو أول مستشفي في الشرق الأوسط وكذا دار لمرضي السرطان ومساعدات للأرامل والمطلقات وأطفال الشوارع. مارأيك فيمن ترتدي الحجاب في رمضان فقط؟ - ربنا يهدي الجميع وإن شاء الله تكون بداية طيبة للاستمرار فهل من الممكن بعد أن تذوقتِ حلاوة الستر تضيعيه.. وهل بعد أن رآكِ ربك في أحلي صورة تتخلي عنها. وأري أن فطرة الإنسان مؤمنة فليس هناك شخص سيئ بالكامل. وإيماننا بالله كأنه ورقة امتحان لكل عمل درجة فالحجاب عليه درجة والصلاة والزكاة والله لا يحرم عبده }وما كان عطاء ربك محظورا{. في الختام، ما الدعاء الذي تحرصين علي ترديده؟ - اللهم أجعلنا ممن صفا ووفا وبالله اكتفي.