يري الدكتور مهندس سمير علي خبير السيارات أن الجراجات الذكية يمكن ان تساهم في حل مشكلة ازدحام الطرق بالمدن، مؤكدا أنه لم يعد خافيا علي أحد أنه في ظل التزايد الهائل في أعداد السيارات التي تتحرك في شوارع المدن مع استحالة زيادة أبعاد هذه الشوارع لتستوعب هذه الزيادة وخاصة في المدن الكبيرة والمزدحمة وبالتالي أصبح ايجاد مكان لانتظار السيارة بالطرق أو الجراجات العامة من أهم أسباب المعاناة اليومية لقائدي السيارات سواء الخاصة أو التجارية مما تسبب في وجود تأثير سلبي مباشر وغير مباشر علي اقتصاد العديد من البلدان بالإضافة إلي ضياع الوقت وزيادة معدلات استهلاك الوقود وتلوث البيئة أثناء البحث الطويل عن مكان للانتظار مما قد يضطر الكثير من قائدي السيارات لدفع مبالغ كبيرة يفرضها بعض الافراد لتوفير مكان انتظار للسيارة والذي قد يتسبب احيانا كثيرة في تفاقم المشكلة.ولذلك كان من الضروري جدا البحث عن حلول اقتصادية وغير تقليدية لتقليل الأثار السلبية لهذه المشكلة بالاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة ومن هنا جاءت أول فكرة قابلة للتطبيق العملي لحل هذه المشكلة من خلال "الجراجات الذكية" (Smart Parking) وذلك اعتبارا من عام 2004 وما تلي ذلك من تطورات علي هذا النظام حتي يومنا هذا. يضيف د. سمير: وفكرة عمل هذا النظام طبقا لأحدث نسخة متطورة منه تتلخص في حصر أماكن الانتظار في شوارع المدينة والجراجات العامة بها وتحديد خريطة دقيقة لعددها وأبعادها في كل شارع وتركيب حساس الكتروني في كل مكان انتظار (باكية) بحيث يرسل اشارات إلي وحدة تحكم مركزية بحالة المكان سواء مشغول أو خالي، ويقوم كل مشترك في هذه الخدمة بتحديد المكان المتجه اليه عن طريق خدمة ال (GPS) وارساله إلي وحدة التحكم المركزية عن طريق الهاتف المحمول. وتقوم وحدة التحكم المركزي بتوجيه العميل إلي أقرب مكان انتظار خالي في المنطقة المحددة وبعد وضع السيارة في المكان المحدد يقوم قائد السيارة بتحديد الزمن المتوقع لانتظار سيارته في هذا المكان وذلك من خلال "الكارت الذكي" المدفوع مقدما وبالتالي تقوم وحدة التحكم بخصم قيمة مدة الانتظار من رصيد المشترك لديها وفي حالة زيادة مدة الانتظار الفعلية عن المدة المحددة من العميل يقوم الحساس بارسال اشارة بالمدة الاضافية إلي وحدة التحكم لخصم قيمة الانتظار الاضافية من رصيد المشترك. أما أهم مزايا هذا النظام فهي عديدة منها: إعادة تنظيم شوارع المدينة وتوفير انسياب افضل في حركة مرور السيارات، توفير الوقت من خلال تقليل مدة البحث عن مكان انتظار وبالتالي خفض استهلاك الوقود والتلوث البيئي وتوفير مصدر دخل كبير للدولة مع خفض تكاليف الانتظار للعميل ويختتم د. سمير كلامه قائلا: أظهر هذا النظام دقة وكفاءة عالية في إدارة الجراجات العامة ولكن كانت النتائج غير مرضية في أماكن الانتظار بالشوارع نظرا لحاجتها لتوافر تخطيط ممتاز وفعال للطرق في المدن طبقا للمواصفات العالمية وادخال هذه البيانات بدقة في برنامج التحكم المركزي والتزام كامل من المواطنين باحترام قوانين المرور واشغالات الطرق وتوفير البنية التحتية اللازمة لتشغيل هذا النظام ورفع مستوي دقة البيانات التي تصدرها الحساسات الالكترونية في اماكن الانتظار حيث انها لا تتعدي 97% في اكثر المدن الحديثة نظاما.علما بان النسبة الباقية تمثل عدد كبير في المدن المزدحمة. لكن لم يتم التوصل إلي حل مناسب لمشكلة تحديد اولوية وزمن اشغال مكان الانتظار من خلال وحدة التحكم المركزية اذا كان هناك طلب لأكثر من عميل في وقت واحد. بمعني ماذا يفعل العميل اذا سبقه اخر في اشغال المكان الذي أرشده اليه التحكم المركزي؟ نقل جماعي يقول الخبير الدولي للطرق والكباري الدكتورأسامة عقيل إنه سبق أن وضع خطة لتحسين المرور بالقاهرة والمدن المصرية تعتمد علي تخفيض أعداد السيارات الخاصة والتي تقل شخصا أو شخصين واستبدالها بسيارات النقل الجماعي الراقية التي تحمل عددا كبيرا من المواطنين كوسائل نقل رئيسية وخاصة للتوجه صباحا للعمل، وأكد أن الرحلات اليومية في القاهرة تصل ل "25 "مليون رحلة، فاقتصار الرحلات علي النقل الجماعي بوسيلة جيدة ومحترمة تساوي في كفاءتها السيارة الخاصة أمر ضروري لجذب اكبر عدد من المواطنين لترك سياراتهم وفي المقابل رفع أسعار ساحات الانتظار في وسط البلد. كما أن كفاءة النقل الجماعي في القاهرة الكبري تعتبر ضعيفة جدا والسيارة الخاصة والتاكسي يشكلون85% من نسبة المركبات في شوارع القاهرة الكبري رغم أنهم ينقلون25% فقط من الرحلات، ويتسببون في مشكلة الانتظار وفي زيادة التلوث وزيادة استهلاك الوقود والنقل الجماعي المنظم " مترو الانفاق واوتوبيسات هيئة النقل العام واوتوبيسات القطاع الخاص والهيئات" تحمل حوالي40% من اعداد الرحلات، في حين أن النقل العشوائي( الميكروباص) يحمل حوالي35%.بالإضافة إلي أن الاعتماد علي السيارة الصغيرة يؤدي إلي تكدس السيارات في شبكة الطرق، والي حدوث الاختناقات المرورية، ويؤدي إلي تفاقم العجز في الانتظار في حين انها ذات قدرة محدودة في نقل الرحلات. كما أن زيادة نسبة السيارات الصغيرة الخاصة يزيد من استهلاك الوقود ويزيد من التلوث. يضيف د. عقيل: يجب تشجيع استخدام النقل الجماعي ذات مستوي الخدمة العالي القادر علي جذب أصحاب السيارات الخاصة والعمل علي زيادة نصيبه من الرحلات وبصفة خاصة في رحلات العمل، وبذلك تقل اعداد السيارات الخاصة في شبكة الطرق في أوقات الذروة، وتقل الاختناقات، ويقل الطلب علي الانتظار بما يخفف من مشكلة الانتظار بقدر كبير. وكلما تم تخفيف الاختناقات المرورية تزيد كفاءة وانتاجية الاوتوبيسات، وتستطيع أن تقوم بعدد دورات أكثر، وبالتالي تنقل أعدادا أكثر، وتصبح أقل تكدسا للركاب، هذا غير أنها تقل خسائرها، كما أن وسائل الانتقال الجماعية الراقية يجب أن تكون مرتفعة السعر ويتاح الاشتراك الشهري فيها للموظفين واكد أن الفئة المستهدفة هم اصحاب السيارات ذات السعة خزان وقود لاتقل عن 1000 سي سي وأعلي من ذلك ولاشك أن إخلاء الشوارع من العدد الكبير من السيارات سيتيح سرعة الحركة لكل المركبات وسيختصر وقت الوصول للعمل أو مكان الوصول المستهدف في اقل وقت مقارنة بما يحدث الآن. وأكد الدكتور أسامة عقيل أن اصحاب الميكروباص يحققون دخلا لايقل عن سبعة مليارات جنيه شهريا ولايمكن أن يستمر وضع الفوضي الحالي، وأوضح أن الحافلات الجديدة يجب أن تكون لها مواصفات خاصة جيدة تحترم مستوي الأشخاص الذين يستقلونها واقترح إنشاء شركة كبيرة للنقل الجماعي وبأسعار مرتفعة وتجديد حافلاتها بشكل منتظم ومنح هيئة النقل العام كل أتوبيس يتم الاستغناء عنه من هذه الشركة، إضافة إلي دعم الهيئة بنسبة من عائد هذه الشركة لتحافظ علي مستوي اسعار تذاكر الهيئة لمحدودي الدخل وأكد ان حالات الفوضي في الحركة والانتظار والانشاءات المعمارية الجديدة واماكن الانتظار المغلقة يجب ان تحل مع الخطة الموضوعة لان كل منهم ستسير بخطط عمل تتناسب مع المكان وسعة الشارع والا سيتعرضون للغرامات. يستطرد د. عقيل: الحافلات ستكون سعتها 100 راكب ومعني ذلك أن الأتوبيس الواحد يمكن ان يوفر استخدام اكثر من 60 سيارة والاختناقات المرورية ستختفي بسبب قلة العدد في المرور واختفاء مشكلة الانتظار لان هناك عجز في ساحات الانتظار يحتاج 400 الف منطقة انتظار في يوجد مساحات ولايوجد تمويل يمكن ان يسمح بإنشاء جراجات أو أماكن إنتظار فجراج سعته 500 سيارت تكلفته حوالي 100 مليون جنيه، فمثلا إذا قلنا اننا نحتاج 1000 جراج فبالتالي يجب أن نقوم بتوفير 100 مليار جنيه وبالطبع ميزانية الدولة لا تستطيع تحمل هذه الميزانية الضخمة.. والمشكلة الأخري هي العجز في توفير أماكن لإقامة هذه الجراجات فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن من أين التمويل والأماكن؟.