أوصت هيئة مفوضي الدولة الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بإصدار حكم قضائي بعدم قبول دعوى عزل ومنع رؤساء وأمناء وأعضاء أمانات الحزب الوطني المنحل وأمانة سياساته وممثليه في المجالس المحلية والبرلمانات لمدة عشر سنوات. كما أوصت هيئة المفوضين بعدم قبول الطلب بحل المجالس القومية المتخصصة التي أنشأها الحزب الوطني المنحل لزوال المصلحة. أشارت هيئة المفوضين في تقريرها الذى أعده المستشار وائل فرحات عبدالعظيم إلى أن أحكام الإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليو الماضي باعتباره الوثيقة الدستورية التي تحكم شئون البلاد خلال الفترة الانتقالية التي تمر بها حاليًا شأنها شأن كل الدساتير المصرية المتعاقبة. وقد حرص على كفالة الحقوق السياسية للمواطنين جميعًا، وقوامها حقا الترشيح والانتخاب بالإضافة إلى إبداء الرأي في الاستفتاء وتمكينهم من ممارستها، ضمانًا لإسهامهم في الحياة العامة، باعتبارها إحدى الوسائل الديمقراطية للتعبير عن آرائهم واختيار قياداتهم وممثليهم في إدارة دفة الحكم. كما أشارت المفوضين إلى أن ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية، خاصة حقى الترشيح والانتخاب، من أهم مظاهر وتطبيقات ممارسة السيادة الشعبية، سواء كانوا ناخبين يتمتعون بالحق في اختيار مرشحيهم، على ضوء اقتناعهم بقدرتهم على التعبير عن القضايا التي تعنيهم، أم كانوا مرشحين يناضلون وفق قواعد منصفة من أجل الفوز بالمقاعد التي يتنافسون عليها. وقالت هيئة المفوضين أن المشرع الدستوري اعتنق منذ بداية تاريخ مصر الدستوري مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ودل من خلاله على عدم تجريم أي فعل إلا بقانون، وعدم جواز توقيع عقوبة بغير حكم قضائي، ولا يقتصر هذا الأمر على العقوبة الجنائية فقط، وإنما يشمل العقوبات الأخرى التي تأخذ حكمها، كالحرمان من حقوق أو حريات بعينها. وأكد تقرير المفوضين أنه ليس بشرط أن يكون الجزاء المقرر من طبيعة عقابية أو تقويمية، وإنما يكفى أن يكون وقائيًا وهى جميعها لا بد أن يكون منصوصا عليها تشريعيًا كعقوبات لأفعال محددة، ولا يجوز توقيعها إلا بحكم قضائي. وأوضح التقرير أن قيام جهة الإدارة بتوقيع هذه العقوبات دون أن يحدد القانون الجرائم التي توقع من أجلها هذه العقوبات، ودون صدور حكم قضائي بها إلا اعتبر ذلك افتئاتًا على عمل السلطتين التشريعية والقضائية ، ويتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات. وأكدت الهيئة أن منع رؤساء وأمناء وأعضاء أمانات الحزب الوطني المنحل ولجنة سياساته وممثليه في المجالس المحلية والبرلمانات من الترشح في الانتخابات لمدة عشر سنوات، ينطوي على حرمانها من مباشرة حقها في الترشح والانتخاب وهو ما يعد إهدار لأصل هذه الحقوق واعتداء عليها وهى الحقوق المحمية دستوريًا والتي لا يجوز الحرمان منها بغير مقتض أو مبرر يتفق وأحكام الإعلان الدستوري. وقال التقرير، حرمان هذه الفئات من ممارسة حقوقهم السياسية، لمجرد تقلد مناصب محددة، ودون أن يتطلب لهذا الحرمان أن يثبت في حق من تولى أي من هذه المناصب إتيان فعل يستأهل هذا الجزاء، يكون قد بنى على افتراض لا يستقيم وطبائع الأشياء وتاباه العدالة ويخالف مفهوم الدولة القانونية. وأكد التقرير أن توقيع هذا الجزاء يتعين أن يكون بحكم قضائي وكل ذلك تطبيقًا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. وانتهت المفوضين إلى أن طلب المدعى شافع توفيق المحامي بعزل قيادات الحزب الوطني مخالف لأحكام الدستور والقانون، والحقوق الطبيعية، والحريات الشخصية التي كفلتها سائر المواثيق والوثائق الدولية والوطنية على السواء، ومبادئ المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص التي تقوم عليها الدولة الحديثة، ومنتهكًا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.