ارتفاع الأسهم الأمريكية الظهيرة بفضل صعود أسهم بيبسيكو وشركات التكنولوجيا    بعد إعلان النفير العام.. العشائر العربية في سوريا: يحرم علينا شرب القهوة (فيديو)    واشنطن تأمر دبلوماسييها حول العالم بالصمت على عدالة أو نزاهة الانتخابات في دول أجنبية    سقوط جزئى لكوبرى مشاة بطوخ بعد اصطدام سيارة نقل به على الطريق الزراعى.. صور    حريق هائل بشارع الزرايب بالسيدة عائشة والحماية المدنية تدفع بسيارات إطفاء (صور)    كنت هتجنن واشتغل معاه.. مشيرة إسماعيل تروي قصة أمنيتها مع أحمد مكي    من بينها المستشفيات، اليوم فصل الكهرباء عن الجهات الحكومية والخدمية والسكنية في بنها    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كاملة بالكليات والمعاهد المتاحة لطلاب دبلوم صنابع    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    رسميا، مغني الراب الأمريكي سنوب دوج يشارك مودريتشفي ملكية نادٍ كروي    مفاجآت بالجملة.. معسكر تركيا يكتب نهاية 4 نجوم مع بيراميدز (بالأسماء)    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 18 يوليو    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الجمعة 18-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي للوزارة    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 18-7-2025 بعد الزيادة وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    توقعات الأبراج وحظك اليوم الجمعة 18 يوليو 2025.. مكاسب مالية ل«الثور» وتقدم مهني لهذا البرج    تأجيل حفل روبي وليجي سي في الساحل الشمالي.. وهذا الموعد الجديد    مدين يتعاون مع رامي صبري في ألبومه الجديد بأغنيتين مميزتين    سقوط سقف فوق رأس رزان مغربي خلال حفل بالجيزة ونقلها للمستشفى    الأهلي بين جنة إيفونا ونار أزارو وتمرد وسام أبو علي.. ما القصة؟    جمارك مطار برج العرب الدولي تضبط تهريب كمية من الأدوية    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    نائب الرئيس الأمريكي يؤيد خطة ترامب لتوريد السلاح لأوكرانيا على نفقة الأوروبيين    رئيس هيئة النيابة الإدارية يستقبل وزير الأوقاف    اتحاد الكرة يقيم عزاء لميمي عبد الرازق في القاهرة    خالي من السكان.. انهيار جزئي في عقار خلف مسجد أحمد بن طولون بالسيدة زينب    فلسطين.. استشهاد اثنين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي على الحي الياباني في خان يونس    بعد فرار المتهم.. كاميرات المراقبة كلمة السر في حادث شيماء سيف بأكتوبر    الحزن ينهش جسد والد أطفال المنيا.. ونقله لمستشفى أسيوط    وزير الرياضة: استثمارات نجيب ساويرس دليل على نجاح تحويل الأندية لكيانات اقتصادية ربحية    حدث منتصف الليل| مظهر شاهين يرد على تصريح "يمامة" المثير.. وتحذير من طقس الساعات المقبلة    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    منظمة المرأة العربية تعقد دورة حول "تمكين النساء في مجال إدارة المشاريع الزراعية"    الرئاسة السورية: المجموعات الخارجة عن القانون انتهكت التزامات الوساطة الأمريكية العربية    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    عم الأطفال الخمسة المتوفين بالمنيا: الطفل يكون طبيعيا 100%.. ويموت خلال ساعة من ظهور الأعراض    متحدث الصحة: لا أمرض معدية أو فيروسات وبائية في واقعة "أطفال المنيا"    انخفاض مفاجئ في أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    بمشاركة 9 جامعات.. غدا انطلاق فاعليات ملتقى إبداع السادس لكليات التربية النوعية ببنها    «لا أحد معصوم من الخطأ».. نجم الإسماعيلي يعتذر بسبب قميص بيراميدز    «الزمالك بيرمي الفوطة عكس الأهلي».. تعليق مثير من الهاني سليمان بشأن مواجهة القطبين    رسميا.. عدد أيام إجازة ثورة 23 يوليو 2025 بعد ترحيلها من مجلس الوزراء (تفاصيل)    «حزب الوفد مذكور في القرآن».. مظهر شاهين يهاجم يمامة: كتاب الله ليس وسيلة للدعاية    شاهد بالصور.. أعمال إصلاحات هبوط أرضى بمحور الأوتوستراد    حزب الله: الظلم الكبير الذي تعرض له جورج عبد الله وإبقاؤه محتجزا رغم انتهاء محكوميته وصمة عار لفرنسا    رئيس جامعة المنيا في جولة مفاجئة بمستشفى القلب والصدر    100% نسبة تنفيذ.. قوافل دمياط العلاجية تقدم خدماتها ل 41 ألف مواطن في 2025    أحمد مالك وسلمى أبو ضيف يتعاقدان علي عمل جديد    إسرائيل ترفع الإنفاق الدفاعى 12.5 مليار دولار لتغطية الحرب على غزة    أخبار × 24 ساعة.. الخميس المقبل إجازة مدفوعة الأجر بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    مشيرة إسماعيل: حياتى كانت انضباطًا عسكريًا.. وعاملونا كسفراء بالخارج    "أم كلثوم.. الست والوطن".. لقطات لانبهار الفرنسيين خلال حفل أم كلثوم بمسرح أولمبيا    الهلال يتفق على تمديد عقد بونو حتى 2028 بعد تألقه اللافت    طبيب مصري بأمريكا لتليفزيون اليوم السابع: ترامب يحتاج جراحة لعلاج القصور الوريدي    محافظ الإسماعيلية يبحث الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ.. 135 مركزًا انتخابيًا لاستقبال مليون ناخب    ما حكم التحايل الإلكترونى؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    ما حكم استخدام إنترنت العمل في أمور شخصية؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
صوت‮ »‬ولاد البلد‮«‬

‮ ‬تلقائية مبهرة تنهل من المفردات الشعبية البسيطة العميقة
وتكشف عن خبرة ثمينة بأسرار العلاقة بين اللهجة واللغة‮ ‬
الخميس‮:‬
في سرادق العزاء‮.. ‬ومع دموع‮ ‬‮»‬‬نوارة نجم‮» ‬ الابنة الوفية استعادت الذاكرة مشاهد لا يطويها النسيان رغم مرور الزمن‮.‬
أيام ما بعد الخامس من يونيو عام ‮7691‬،‮ ‬عندما كنت أتلقي دعوات من كليات جامعتي القاهرة وعين شمس للحديث عن تجارب الشعوب التي واجهت عدوانا واحتلالا أجنبيا،‮ ‬وكيف استطاعت أن تتجاوز المحنة وتنتصر علي المعتدين والغزاة؟ ولماذا نجحت في تحرير أرضها واسترداد كرامتها من خلال التعبئة الوطنية الشاملة وإقامة اقتصاد حرب التحرير‮.. ‬ووضع كل مواردها وامكاناتها في خدمة الهدف القومي‮.‬
كنا أشبه بفرقة فنية سياسية تتوجه مثلا إلي كلية الآداب بجامعة القاهرة ليتولي كاتب هذه السطور إعلان رفض أية حلول سلمية وهمية في ظل‮ ‬غرور وغطرسة العدو،‮ ‬وشرح ضرورة شن حرب التحرير لأراضي سيناء،‮ ‬ثم تقوم الفنانة الكبيرة محسنة توفيق بإلقاء قصائد شعرية وطنية‮.. ‬تعقبها أغنيات الشيخ إمام‮.. ‬يصاحبه الشاعر أحمد فؤاد نجم‮.‬
هنا تصدح كلمات الشاعر عن‮ «عبدالودود المرابط علي الحدود‮»‬ ‬وعن‮ «العيشة المرة آخر مرارة‮.. ‬والفُعلا البنايين‮»‬ ‬و»احنا الناس بالطول والعرض من عافيتنا تقوم الأرض‮.. ‬وعرقنا يخضر البساتين‮»‬.. ‬وعن‮ «بهية‮»‬.. ‬و»سلاطين الفول والزيت‮»‬..‬
ها هو شاعر الأزقة والحواري والمقاهي والساحات والميادين‮.. ‬يصنع فتحا جديدا في دنيا العامية المصرية‮. ‬شعرت انني بإزاء هرم مصري من لحم ودم يستعصي علي الكسر‮.. ‬لأنه أقوي من الفولاذ‮.‬
تلك التلقائية المبهرة التي تنهل من الكلمات الدارجة لتصبح في صف البلاغة والاعجاز،‮ ‬علي حد تعبير الكاتب الفلسطيني الدكتور عبدالمجيد‮ ‬سويلم‮. ‬كم كان نجم ساحرا إلي درجة العبث،‮ ‬وكم كان عابثا إلي درجة الموت‮.. ‬التزاما،‮ ‬وهو يغني لمصر كأنها قمر الزمان وشمس الأوطان،‮ ‬ويحقق قفزات في العامية المصرية بكلمات تتميز بشجاعة نادرة وحس نقدي ساخر‮.‬
‮.. ‬كلمات بسيطة ولكنها شديدة العمق توقظ الضمائر وتشحذ المشاعر وتكشف عن خبرة ثمينة بأسرار العلاقة السرية بين اللهجة واللغة‮.‬
هذه الكلمات تضرب علي الوتر الحساس اليومي لكل مصري يعاني من وطأة الفقر والقهر والهم والغم‮.‬
كلمات تستوحي روح مصر وتولد من رحم الموروث الشعبي،‮ ‬كما لو كانت تستوطن عقل كاتبها قافلة من الأدباء ومبدعي الفولكلور المصري عبر التاريخ وضمائر الأجيال المتعاقبة‮.‬
‮.. ‬كلمات تعبر المسافات من المحيط إلي الخليج وتتردد أصداؤها في العالم العربي كله ويتلهف لسماع كل المتعبين‮.‬
حروف كل كلمة تنبثق منها رائحة التراب المصري وتلهم ثلاثة أجيال من المصريين والعرب‮.. ‬كلمات تصرخ من قلب الفلاح المصري الفصيح‮.‬
انه شاعر الحرية والفقراء،‮ ‬وأحد ثوار الكلمة الذين لم يكن لديهم أدني استعداد لمهادنة السلطة بل يقف في الصف الأول دفاعا عن العدالة الاجتماعية بأقوي أدوات التعبير،‮ ‬ويوجه نقده اللاذع لجميع الحكومات،‮ ‬ويشكل مع الشيخ إمام‮ «الثنائي المزعج‮»‬ ‬لكل سلطة،‮ ‬ولا يدخر النخب السياسية من التقريع،‮ ‬وإنما ظل يلاحقها بمفرداته الشعبية البسيطة التي تكشف عورات كثيرة‮. ‬لم تضعفه سنوات طويلة من العناء والاضطهاد في‮ ‬غياهب السجون،‮ ‬بل زادته قوة واصرارا وعنادا وصلابة‮. ‬وكان له حضور كبير بحجم أشعاره،‮ ‬ولم يضع قناعا علي وجهه وإنما احتفظ ببساطته ونقائه واندفاعه حتي الرمق الأخير‮.‬
في ‮92 ‬أغسطس الماضي كتب أحمد فؤاد نجم تحت عنوان‮ «تسلم الأيادي‮»‬ ‬يقول‮: «تسلم يا جيش بلادي وتسلمي يامصر‮.. ‬يا محروسة ويسلموا أولادك المبدعين من أول سيد درويش الخالد ومرورا بالقصبجي المجدد العظيم وبديع خيري والشيخ إمام وبيرم التونسي وبليغ‮ ‬حمدي ومحمود الشريف‮.. ‬وانتهاء بمصطفي كامل الفنان الشامل اللي كتب ولحن وغني أجمل وأرق‮ ‬غنوة للثورة المصرية في ‮52 ‬يناير ‮1102 ‬و‮03 ‬يونيو ‮3102‬،‮ ‬حبل الابداع ماينقطعش يا مصريين،‮ ‬وربنا بحق جاه النبي يحرسكم ويكتركم ويهديكم ويسدد خطاكم علي طريق الابداع والتعمير،‮ ‬إنما اللي عايزين يفجروا وينسفوا ويهدموا‮.. ‬دول مش تبعنا ولا يقربولنا من قريب أو من بعيد‮..»‬.‬
هذا رجل ينتمي إلي المدرسة الوطنية الحقيقية‮.. ‬وكلماته تشبه في مضمونها،‮ ‬ديباجة مشروع دستور مصر الجديد‮.‬
وقبل خمسة أيام من رحيله،‮ ‬بعد مسيرة عطاء باقية كتب أحمد فؤاد نجم آخر كلماته،‮ ‬كما لو كان يقرأ المستقبل،‮ ‬بعد‮ ‬غيابه،‮ ‬بعنوان‮ «مصر بتتغير ياولاد‮»‬.‬
قال‮: «ولاد البلد بتثبت كل يوم ان عودها مش حينكسر،‮ ‬وان ماحدش حيقدر يلف دماغها،‮ ‬وان بكرة اللي ما جاش رغم الدم اللي اندفع فيه لازم حييجي مهما كان الثمن‮. ‬اننا في حاجة إلي كل ألوان الابداع المصري في مواجهة الهجمة الظلامية علي عقول المصريين وأفهامهم بقصد خطف وسرقة ثورتيهم ‮52 ‬يناير و‮03 ‬يونيو‮..»‬.‬
وداعا‮.. ‬يا نجم‮. ‬ونحن معك‮ «بكرة لازم حييجي‮»‬.‬
خبرات وكفاءات
السبت‮:‬
أتابع الشخصيات التي تلعب دورا‮ ‬ايجابيا مهما في الظروف الصعبة،‮ ‬من بين هؤلاء اللواء أحمد جمال الدين،‮ ‬وزير الداخلية السابق‮. ‬لفت نظري عندما كان يشغل منصب مدير أمن أسيوط انه لم يسقط أي ضحايا بين المتظاهرين في ثورة ‮52 ‬يناير،‮ ‬كما لم يهرب مسجونون من سجن أسيوط‮.‬
ولفت نظري أيضا دوره في الحفاظ علي سلامة أجهزة الشرطة من محاولات التدخل في عملها علي أيدي عناصر متطرفة في عهد وزير الداخلية السابق منصور عيسوي،‮ ‬وكان يشغل في ذلك الوقت منصب مدير الأمن العام‮.‬
ويسترعي الانتباه رفضه تدخلات خيرت الشاطر،‮ ‬نائب المرشد العام للجماعة الإرهابية،‮ ‬عندما تولي منصب وزير الداخلية ورفضه تصفية جهاز الشرطة لحساب ميليشيات الجماعة،‮ ‬ومحاولات مكتب الارشاد السيطرة علي أجهزة الأمن،‮ ‬ورفضه طرد عدد من قيادات الشرطة،‮ ‬بناء علي طلب نفس الجماعة‮. ‬أما الموقف الذي أدي إلي الاطاحة به من منصبه،‮ ‬فهو رفضه أن يقتل المتظاهرين السلميين أمام قصر الاتحادية،‮ ‬وهو ما دفع الجماعة إلي ارسال أعضائها للقيام بهذه المهمة‮.‬
ثمة مواقف وطنية مشرفة للواء محمد ابراهيم،‮ ‬وزير الداخلية الأسبق،‮ ‬تؤكد ان كل محاولات اختراق المؤسسة الأمنية،‮ ‬من جانب جماعة الإرهابيين،‮ ‬قد اصطدمت بجدار صلب،‮ ‬وكان مصيرها الفشل‮. ‬ويبدو ان لدي اللواء محمد ابراهيم أسرار كثيرة لم يكشف النقاب عنها حتي الآن‮.‬
كل ما أتمناه أن تستعين الدولة بكل الخبرات الثمينة للشخصيات الوطنية التي تتمتع بهذا القدر من الكفاءة العالية والمتميزة لاستئصال واقتلاع البؤر الإرهابية التي تحاول تعطيل مسيرة الشعب المصري‮.‬
ونحن نلاحظ في الكثير من دول العالم ان الحكومات تلجأ دائما إلي الاستفادة من أصحاب الكفاءات المتميزة والخبرات الطويلة في مهام حساسة وقومية،‮ ‬بصرف النظر عما إذا كانوا يشغلون وقت الاحتياج إلي جهودهم مناصب رسمية،‮ ‬أم أنهم لسبب أو لآخر تركوا الخدمة الرسمية‮.‬
والظروف التي تمر بها مصر الآن تحتم اتخاذ هذه الخطوة في كل المجالات والتخصصات‮.‬
زعيم أسطوري
الأحد‮:‬
استحق ان يوصف بأنه‮ «أبو الأمة‮»‬ ‬و»الأب المؤسس للديمقراطية‮»‬.‬
ورغم ان الكثيرين يتحدثون عن الزعيم الأسطوري الراحل نلسون مانديلا باعتباره رائدا من قادة التحرر في العالم،‮ ‬وصاحب أفضل لقب في التاريخ وهو‮ «محرر وطني مخلص‮»‬‬،‮ ‬وباعتباره الزعيم الذي نجح في تحطيم أسوار أكبر قلعة للفصل العنصري في العالم،‮ ‬وفي تحويل بلاده إلي دولة ديمقراطية متعددة الأعراق‮.. ‬إلا ان أكثر ما يشدني في شخصية مانديلا هو حياته خلال عشرة آلاف يوم أمضاها في المعتقل أو السجن‮.‬
ونظرا لأن كاتب هذه السطور معتقل سياسي سابق،‮... ‬فإن كيفية الحفاظ علي الحالة المعنوية والذهنية وتحويل المعتقل إلي مكان تنمو فيه القدرات العقلية والكفاءة علي كل المستويات ضرورة لاحباط مخطط الجلادين‮.‬
يقول مانديلا‮: «ان حياة المعتقل روتينية تتماثل فيها الأيام حتي تختلط الأشهر والسنوات‮. ‬وأي شيء يخرج عن الاطار المرسوم أو القالب السابق التجهيز‮.. ‬يقلق السلطات‮.. ‬كنا نعتمد علي الأجراس وصفارات السجانين وصيحاتهم لمعرفة الوقت‮. ‬وكان أول ما فعلته هو ان أسجل تقويما علي الحائط‮.. ‬فإن الإنسان إذا فقد قبضته علي الوقت‮.. ‬يفقد قبضته علي سلامة عقله‮»‬.‬
وفي موضع آخر من مذكراته يقول مانديلا‮: «تحل أوقات يكاد يتوقف قلبي خلالها عن الخفقان وتبطئ دقاته بواسطة شحنات ثقيلة من اللهفة والشوق‮. ‬كم أود ان استحم مرة أخري في مياه نهر أومباشي،‮ ‬كما فعلت في مطلع عام ‮5391»‬.‬
ويقول‮ «أحمد كاثرادا‮»‬ ‬رفيق مانديلا في سجن جزيرة روبن‮: «كان نلسون مانديلا مثابرا وقادرا علي إنجاز كل ما يتعهد بإنجازه‮.. ‬باتقان‮.. ‬فمثلا،‮ ‬حين كان يمارس نشاطه السري استعدادا للشروع في الكفاح الوطني المسلح طلب منا أن يحصل علي كل الكتب الممكنة عن الكفاح المسلح من حرب البوير إلي النضال الفلسطيني المسلح وحرب الفلبين‮. ‬وعندما كان يهتم بالحديقة في سجن جزيرة روبن‮.. ‬فإنه يحاول الحصول علي كل الكتب،‮ ‬أو ما يتيسر منها،‮ ‬حول الحدائق‮. ‬ولم يتعهد مانديلا بعمل شيء ويلتزم به دون أن يعرف كل المعلومات الضرورية عنه‮»‬.‬
ويقول نلسون مانديلا‮: «لم يطرأ علي ذهني قط‮.. ‬انني لن أخرج من السجن في يوم من الأيام‮. ‬كنت أعلم انه سيجئ اليوم الذي أسير فيه‮.. ‬رجلا حرا تحت أشعة الشمس‮.. ‬وتطأ أقدامي علي العشب‮. ‬وأنا،‮ ‬أصلا،‮ ‬إنسان متفائل‮. ‬وجزء من هذا التفاؤل ان يحتفظ الإنسان بجزء من رأسه في اتجاه الشمس وأن يحرك قدميه إلي الأمام‮»‬.‬
وربما كانت هذه العبارة الأخيرة التي ذكرها مانديلا هي السبب في تأكيد المستشارة الألمانية‮ «انجيلا ميركل‮»‬ ‬علي أن‮ «كل سنوات السجن لم تستطع كسر مانديلا أو تغييره‮»‬.‬
يقول مانديلا في مذكراته‮:‬
‮«السجن الانفرادي هو أبشع أنواع السجن‮. ‬خلاله‮.. ‬لا تشعر بأن هناك نهاية أو بداية،‮ ‬ولا يبقي معك سوي عقلك الذي قد يشرع في ممارسة الحيل‮. ‬هل أنت في حلم أم ان ذلك قد حدث بالفعل؟ ويشرع المرء في التساؤل حول كل شيء‮. ‬هل اتخذت القرار الصحيح،‮.. ‬وهل كانت التضحية التي قدمتها واجبة؟ ولا تستطيع أن تتهرب من هذه الأسئلة التي تلاحقك وتطاردك‮. ‬ولكن الجسم البشري يملك قدرة هائلة علي التكيف مع الظروف الشاقة‮. ‬وقد وجدت ان المرء يستطيع أن يتحمل ما يفوق طاقة الاحتمال إذا احتفظ بمعنوياته قوية وعالية حتي لو تعرض جسمه لاختبار لقياس قدرته‮. ‬فالمعتقدات الراسخة هي سر الصمود في مواجهة الحرمان‮. ‬وفي الامكان أن تجد روحك ممتلئة وعامرة حتي لو كانت معدتك‮.. ‬خاوية‮!»‬‬
ويقول مانديلا‮: «لقد ناضلت ضد السيطرة البيضاء،‮ ‬وناضلت أيضا ضد السيطرة السوداء،‮ ‬لأنني أتطلع إلي مجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه جميع الناس معا في تناغم ووفاق ويتمتعون بفرص متكافئة‮. ‬هذا هو المثل الأعلي الذي آمل أن أعيش له وان أحققه‮. ‬وإذا تطلب الأمر،‮ ‬فإنني علي استعداد للموت من أجل هذا المثل الأعلي‮»‬. ‬كان يكره التعصب والتمييز بين الناس لأي سبب‮.‬
فقدنا رجلا صنع معجزة‮ ‬غير مسبوقة في التاريخ،‮ ‬هي تحقيق المساواة بين البشر بصرف النظر عن اللون أو العرق أو الجنس أو الأصل أو الدين‮. ‬وكان يقول‮: «اننا نعلم جيدا ان حريتنا‮ ‬غير مكتملة من دون حرية الفلسطينيين‮»‬. ‬وأدان محاولات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ممارسة دور الشرطي في العالم،‮ ‬كما ندد بالغزو الأمريكي للعراق‮. ‬وأعلن ذات مرة انه‮ «إذا كانت هناك دولة ارتكبت فظائع فوق الوصف في العالم،‮ ‬فإنها الولايات المتحدة الأمريكية‮»‬.‬
اسمه الأصلي‮ «روليهلا هلا‮»‬ ‬أي‮ «المشاكس‮»‬ ‬الذي يصنع المتاعب ويجلب المشاكل‮.. ‬غير انه سيبقي في التاريخ رمزا للحرية والمساواة والعدالة في تاريخ الإنسانية‮. ‬ولم‮ «يشاكس‮»‬ ‬سوي أعداء هذه القيم النبيلة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.