سجل يازمان .. تعجب ياانسان .. ام تلقي بطفلتها الرضيعة من الطابق السابع .. استفهم ياعقل وتساءل .. بأى قلب وعاطفة فعلت هذه الأم تلك الجريمة .. أى تفكير عقلى وبشري دفع هذه الأم واعطاها امرا بفعل هذه الواقعة التى يندى لها الجبين .. اى ايدى هذه استطاعت حمل الرضيعة وألقتها بشدة وعنفوان دون أن تهتز أو تشعر بألم. لو اننا افترضنا أن عاطفة الأم انتزعت من قلب هذه المرأة التى لا تستحق لقب ام فأين المشاعر الإنسانية؟ .. واين الرحمة البشرية؟ ام هذه المرأة افتقدت لكل هذه المعانى .. لذلك لابد أن يقف المحقق فى هذه القضية وقفة جادة ويضع امام هذه الأم عدة اسئلة لكى يعرف كيف ارتكبت هذه الجريمة .. وعلى الرأى العام أن يعرف الإجابة حتى نعرف لأى درجة وصلنا من انعدام للمشاعر والأحاسيس.. ونقول بجدية " سجل يازمان !" .. ام تلقى برضيعتها من الطابق السابع والقدر يحميها وعناية الله تنقذها من سوء امها. تفاصيل الجريمة المثيرة فى السطور القادمة .... لا صوت يعلو فوق السكون والصمت داخل مخزن قطع غيار السيارات الكبير .. اخذ صاحب المخزن يسير بخطى ثابتة بحثاً عن البضاعة التى يسأل عنها المشتري .. كانت عيناه تجوب مخزن قطع غيار السيارات ذهابا وإيابا بحثا عن تلك البضاعة .. تارة يستعين بالعامل الذي يعمل معه وتارة اخرى يبحث فى صمت. مخزن قطع غيار السيارات مزدحم بالبضائع المتناثرة هنا وهناك.. كان هشام يتفقده وهو يتحدث إلى العامل لكى يتفق معه على اعادة تنظيمه مرة اخرى وفجأة سمع صوتا منخفضا يشبه صوت قطه صغيرة كلما مشى إلى الأمام كان الصوت يقترب منه .. وقف هشام رمضان تاجر قطع غيار السيارات المستعملة .. واخذ يتصنت لمعرفة المكان الصادر منه الصوت .. يتحسس الاتجاه بأذنه .. وكلما سار الى الأمام يعلو الصوت .. القلق يزداد داخل صاحب المخزن فالصوت اصبح عاليا ويبدو أن هذا الصوت ليس صوت قطه ولكنه طفل رضيع يبكى. شعر التاجر أن عليه أن يجده وبسرعة خاصة وأن صرخاته كانت تعلو وصدى نواحه يرتفع.. وبالفعل عثر التاجر على طفل رضيع لم يكمل اليومين من عمره فى احد اركان المخزن .. حمل الطفل على راحة يديه .. نظر اليه بتأمل.. حتى بدأ الطفل يهدأ بعض الشيء .. لم يشعر التاجر بنفسه إلا وهو يقبل ذلك الطفل الرضيع من جبينه .. يسأله من الذي اتى بك إلى هنا ؟.. وكيف دخلت ؟.. اسئلة كثيرة دارت بين التاجر والطفل الرضيع وكأن الطفل يفهم ويعى مايقوله !.. ذرفت الدموع من عينى هشام مالك المكان تعاطفا مع ذلك الطفل .. وتعجب قائلا : " سبحان الله .. هناك بشر لايجدون شبح طفل بينما واخرون بلا قلب لا تأخذهم رأفة ورحمة بأطفالهم فى هذا الزمان الذى اصبح كل شيء فيه مباحا وسهلا. لم يصدق نفسه وظل يتساءل وهو ينظر فى عينى الطفل الذي يبادله بابتسامة ظنا منه أنه يداعبه او ربما لأنه استراح نفسيا لهذا الرجل الأفضل من امه .. نظر التاجر من حوله فلم يجد مكانا لدخول اى شخص غريب او باب مكسور .. لكن عندما نظر إلى السقف علم ان هذا الطفل سقط من اعلى لكن كيف لا يعلم ..فالعمارة التى تقع بجانبه والتى تطل على المخزن عدد ادوارها 10 طوابق .. وكأن لسان حاله يقول هل هناك ام تلقى بفلذة كبدها الرضيع من اعلى؟.. لكنه لم يستطع الإجابة على سؤاله . حمل هشام الطفل عائدا به إلى محله التجاري .. جلس به بعض الوقت وبعد أن استشار بعض اصدقائه نصحوه بالذهاب إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن العثور على طفل .. وبالفعل ذهب التاجر هشام رمضان إلى قسم شرطة الساحل والتقى العقيد بالعقيد علاء فاروق مفتش مباحث الساحل والرائد علاء خلف الله رئيس مباحث قسم شرطة الساحل .. وحكى لهما قصة الطفلة الرضيعة التى عثر عليها داخل المخزن ملكه. على الفور طلب منه مفتش المباحث تحرير محضر بالواقعة.. شرح فيه كيف عثر على الطفلة حديثة الولادة .. ابلغ العقيد علاء فاروق اللواء جمال عبد العال مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة الذي شكل فريق بحث اشرف عليه اللواء عصام سعد مدير المباحث الجنائية وقاده العميد عبد العزيز خضر رئيس مباحث قطاع الشمال . بالتأكيد كانت المهمة صعبة امام رجال مباحث القاهرة .. طفله حديثة الولادة غير مربوطة الحبل السري، ملفوفة فى جلباب حريمى ملون داخل بشكير قماش كبير الحجم، عليه آثار دماء .. لا تعرف شيئا .. عثر عليها شخص داخل مخزنه .. لا يوجد شهود عيان للواقعة .. لكن بعد أن انتقل إلى مكان الواقعة الرائد علاء خلف الله رئيس المباحث والنقيب احمد القاضى معاون مباحث القسم وبتكثيف التحريات تبين أن هناك سيدة تتردد على احدى العمارات المجاورة للمخزن والمطلة على مكان العثور وتدعى فاطمة عصام وتعمل خادمة لدى وحيد محمود صاحب شركة سياحة .. لكن التحريات المبدئية لم تثبت انها وراء الواقعة ام لا؟ خط سير المباحث ! انتقل العقيد علاء فاروق مرة اخرى إلى المخزن وبمعاينته تبين وجود كسر بسقف المخزن مما يشير إلى أن هذه السيدة التى تدعى فاطمة هى التى ألقت بالطفلة من شقة مخدومها اثناء عدم وجوده بالشقة الكائنة بالطابق السابع .. ومن المرجح ايضا أن تكون وضعت بشقة مخدومها مستغلة غياب الرجل ثم خشت الفضيحة وكلام الناس بالإضافة الى انه من الارجح ايضا ان تكون اخطأت مع احد الرجال ولايريد أن يعترف بعلاقته بها فقامت بإلقاء ابن الخطيئة .. احتمالات و خيوط وضعها رجال المباحث امام اعينهم للوصول إلى مرتكب الجريمة. على الفور تم عمل التحريات حول هذه المرأة وتبين انها متزوجة عرفيا من شاب مسجل خطر يدعى احمد محمد وشهرته احمد العضاض عاطل .. وتم إلقاء القبض عليه مؤخرا لاتهامه فى 6 قضايا آخرهم 2265لسنة 2013 الساحل مخدرات . ثم تم إلقاء القبض على فاطمة عصام التى تبلغ من العمر 34 سنه .. وبمواجهتها اعترفت بارتكابها الجريمة وإلقائها طفلتها بعد أن استغلت سفر صاحب الشقة الذى تعمل لديه فى مهمة عمل وألقت بها من الطابق السابع بعد أن قامت بلفها فى بشكير وجلباب واحكمت لفها حتى لايحدث لها مكروها، ولأنها تعلم أن صاحب المخزن إذا عثر عليها سوف يكرمها ويحسن تربيتها فى حالة تبنيها .. لكن خابت توقعاتها على حد وصفها فى اعترافاتها امام رئيس المباحث حيث قام صاحب المخزن بإبلاغ الشرطة وتم القبض عليها. تحرر محضر بالواقعة وتم احالته إلى النيابة التى باشرت التحقيق .. وامرت بحبسها اربعة ايام على ذمة التحقيق. اعترافات أم بلا قلب ! وجهها شاحب اللون مائل إلى الاصفرار .. يبدو عليها الإعياء او آاثار الولادة .. ترتدى جلباباً اسود .. تكتفى بالنظر إلى رجل الشرطة المقيد يده بيدها بقيد حديدى .. لا تتحرك كثيرا فهى ساكنة وتميل إلى الهدوء .. فجأة نظرت حولها واخفت وجهها بالإيشارب التى تضعه على رأسها وكأن شخصا ما تعرفه قادم .. وتغيرت ملامح وجهها الذى اصبح عبوسا .. وغضبت وبصوت عالى قالت لشاب كان واقفا امامها يحاول تصويرها لا انت بتعمل ؟.. وبالفعل رحل هذا المصور الصحفى. كانت المهمة صعبة بالنسبة لنا اقتربنا وتحدثنا معها لكنها رفضت التصوير فى البداية .. ووافقت على امل تصويرها لاحقا وبصوت خافت يشوبه بعض الإرهاق قالت فاطمة : لاتوجد ام على ظهر الدنيا تريد قتل فلذة كبدها .. اموت ولا اقتل ابنتى .. كيف افعل هذا وكانت فى بطنى تسعة اشهر وربطنى بها حبل سرى واحد وكانت تأكل وتشرب منى .. دمى هو دمها .. روحى تسكن داخلها وتشعر بها .. لكن اسمع دائما كلمات من بعض المتعلمين يقولون " الضرورات تبيح المحظورات !" .. وهذا وضعى باختصار. جحظت عينى فاطمة من كثرة البكاء وكانت تستنشق نفسها بصعوبة حتى هدأت بعض الشىء واستطردت قائلة : الذي يلقى بالإنسان الى المر الشيء الأمر منه وانا عندما ألقيت بابنتى الرضيعة من الطابق السابع كنت فى موقف صعب بعد دخول والدها السجن .. فهو مسجل خطر .. ومطارد من الشرطة .. ولأنى فقيرة .. ونشأت وسط اسرة بسيطة الحال ويتيمة كان على أن اعيش فى جلباب اسرتى واتزوج هذا الشخص فقد خدعنى بعد أن وعدنى اكثر من مرة بأنه سوف يتقدم الى اسرتى ويطلبنى منهم للزواج الرسمى .. واوهمنى بالحب والكلام المعسول حتى سقطت بين براثنه وافترسنى واصبحت بلا شرف .. اضعته فى التراب بعد ان اخطأت معه اثناء لقائي به فى احدى المرات .. وبعدها ظل يوعدنى بالزواج لكنه كان يماطل ويتهرب منى إلا أن طلبت منه ان يتزوجنى عرفيا .. وكنت التقى به بعد هذه الورقة العرفية التى كتبها زميل له وكان يعاشرنى كزوجين يعيشان حياتهما بطريقة طبيعية لكنه لا ينفق على ولا نعيش تحت سقف بيت واحد .. واستمرت الحياة بنا هكذا إلى أن تم القبض عليه .. وبعدها اكتشفت انى حامل فى الشهر الثالث .. شعرت وكأن صاعقة سقطت على رأسي .. اصبحت تائهة .. حائرة .. القلق اصبح ملازما لى .. الخوف من المجهول والمستقبل سيطر على حياتى .. انطويت بعيدا عن الناس وكلما كانت تمر الأيام اشعر بقلق زيادة وتزداد معها حالتى النفسية سوءا .. كنت ارتدى ملابس فضفاضة حتى لا يعلم احد اننى حامل .. لكن لاحظ زميلاتى اننى ارتدى ملابس واسعة وسألتنى واحدة منهن اثناء جلوسي معها فظهر القلق على وعدم الاجابة حتى اخذتهم الى الحديث فى امر آخر كتمويه لعدم الاجابة على السؤال. واضافت فاطمة : مر الوقت وهربت من هذا الموقف بالعمل خادمة لدى صاحب شركة سياحة والذي بررت له حالى باننى متزوجة من شخص مريض وانا حامل واريد العمل وبالفعل وافق وكنت انهى عملى فى وقت متأخر يوميا حتى لايرانى احد وخاصة اننى دخلت فى شهور الحمل التى يظهر فيها بطنى ويكبر .. وبالفعل حان وقت الولادة وجاءتنى آلام الوضع .. على الفور استغليت غياب صاحب الشقة عنها وسفره واخذت المفتاح منه قبلها بيومين بحجة اننى سوف اظل بها حتى يعود واثناء الولادة وضعت بمفردى الطفلة وتحملت الألم وبعدها اسعفت نفسى إلى أن هدأت الآلام وبمرور الوقت قمت بلف الطفلة داخل جلباب احمر اللون ثم وضعتها داخل بشكير كبير وسميك اشتريته خصيصا لهذه المهمة .. وامسكت بها فى الصباح الباكر وألقيت بها اعلى السقف واثناء ذلك كاد قلبي ينخلع وصرخت بصوت عالى لكنى سرعان ما كتمتها حتى لا يسمعنى احد ثم اختفيت بعدها عن الأنظار .. وعدت الى حجرتى وظللت ابكى واكتم أنفاسى بيدى .. ودموعى تنهمر من عينى بشدة .. وراودنى وقتها التفكير فى ان اسرع واحضرها مرة اخرى لكن سرعان ما اراجع نفسي واتساءل على اسم من سوف اسميها ووالدها فى السجن ورافض أن يتزوجنى رسميا، بالإضافة إلى الفقر التى ستعيش فيه .. احاسيس ومشاعر كانت تسيطر على ربما ساعدنى عليها الشيطان وربما كان صوت عقلى ومخاوف داخلى من الفقر والجوع وكيف انفق عليه وانا لست قادرة على الانفاق على نفسي بالاضافة إلى اننى لن اتحمل نظرات البشر من حولى وسؤالهم عن والدها فقررت التخلص منها ليس بقتلها ولكن بوضعها فى مكان صاحبه رجل امين ومحترم. انهت المتهمة كلامها قائلة : انتظر الحكم على بالسجن وسوف ارضى وانا سعيدة بعدم وفاة ابنتى الصغيرة كما انها بهذه الطريقة سوف تربى تربية افضل .. كما انها سوف تكتب باسم والدها .. والله يفعل مايشاء .. لو اراد ان تموت الطفلة بعد أن ألقيتها من الطابق السابع لشاء لكن ارادته فوق كل شيء .