كان لنهر الفن السبق أكثر من عقد من الزمان طرح قضية مهمة تخص أبناء مصر الذين تعدوا الأكثر من تسعين مليونا، قضية حقوق المواطن المصري في الشارع والمفقودة بل المغتصبة منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، وتناولت هذه القضية مؤتمرات علمية عقدتها كليات الفنون الجميلة بالمنياوالقاهرة والإسكندرية وللأسف الشديد لم يحضر هذه المؤتمرات المسئولون عن الشارع المصري وأتذكر عام 3891 عندما توليت تأسيس كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا عقدت ثلاثة مؤتمرات عن علاقة الفنون التشكيلية بالحياة المصرية واشترك خبراء وعلماء وفنانون بأبحاثهم العلمية القيمة، وأرسلت هذه الأبحاث »صورة منها» إلي رئيس الحكومة ورئيس مجلس الشعب ووزير التعليم العالي، دون جدوي والشارع المصري علي مدي أكثر من نصف قرن تزداد فيه البلطجة واغتصاب الرصيف الذي يعد ملكا للشعب «الطبقة المترجلين» وتحولت المدن وعلي رأسها القاهرة الكبري إلي غابة من الاعلانات العملاقة وغيرها وغطت آلاف الإعلانات الخاصة بالأطباء والشركات والمحامين وغيرها واجهات العمارات، وانتشار اشغالات الشارع بالمقاهي ومعارض السيارات والمحلات التجارية والباعة المتجولين ليس فقط علي الرصيف واغتصابه وصل الحد لبناء وانشاء مقاهي ثابتة علي الرصيف، ووصول المقاهي إلي منتصف نهر الشارع، ومقال الثلاثاء قبل الماضي وجهت رسالة من خلال نهر الفن إلي الوزير عادل لبيب، تحمل جزءا كبيرا من هذه الاشكالية التي أثرت علي سلوكيات المواطنين بالسلب وتعرضهم للأخطاء لعدم وجود مكان للترجل علي الرصيف المغتصب، فيضطر المواطن السير في نهر الشارع وأصبحت القاهرة الكبري مشهدا للتخلف إذا اضفنا حركة المرور الهمجية والعشوائية، والزبالة التي أصبحت في كل مكان، وفي مقال الثلاثاء الماضي وجهت رسالة أيضا إلي الوزير المختص بأمور المحافظات عادل لبيب المحترم مع مزيد من التفاصيل، ونداء من نهر الفن للوزير باعتبار تجربته الرائعة في محافظة قنا هي النموذج الحي للتطبيق في باقي محافظات مصر، وبالصدفة أثناء مشاهدتي لقناة المصرية أثناء تواجدي بأمريكا، شدني المشهد الذي ضم الدكتور الببلاوي رئيس الحكومة، والوزير عادل لبيب، والوزير إبراهيم محلب، ومحافظي القاهرة والجيزة، وخلفهم لافتة مكتوب عليها «حملة تطوير العشوائيات» وكان ذلك هادفا القاهرة الكبري، لا تعقيب علي ما جاء بالمشروعات التي ستنفذ، وخاصة بان الرصيف والشارع وأعمدة الانارة نالت اشارات سريعة من البعض، أريد الاشارة إلي الحكومات السابقة التي اطلقت نفس الشعار أين ذهبت الأموال التي خصصت لتطوير العشوائيات!؟ أحيي صاحب مبادرة هذه الحملة التي جاءت بعد نشر المقالات، ولكن المهم المصلحة العامة، كنت أتمني بان يكون الاستاذ سمير غريب رئيس المجلس القومي للتنسيق الحضاري، الذي يضم مجموعة كبيرة من المعماريين والتخطيط العمراني وغيرها من التخصصات الأخري، وهذا المجلس يمتلك قاعدة معلومات علمية عن تخطيط المدن والتخطيط العمراني، ويمتلك قاعدة معلومات عن «الكود الدولي» الذي يجب الالتزام به بدءا من الرصيف ارتفاعه عرضه ومكان الأشجار عليه وتحديد مساحة كشك السجائر بحيث لا يغلق الرصيف كما هو الآن.. وصولا للمواجهات ومعايير وقواعد وشروط تنفيذ ديكورات المحلات ووضع الاعلانات.. إلخ، ولكن للأسف لم يحدث، الأمر الآخر هو الالتزام بالشروط الهندسية والإنسانية في مكونات الشارع، ورصف الشارع والرصيف وأعمدة إنارة وأشجار وسلات للمهملات.. هذا كله ليس كافيا في غياب الرقابة الصارمة من أجل الحفاظ علي الشارع، ولن يأتي هذا إلا بتغليظ العقوبات لردع الخارجين عن القانون، وهذا سبب رئيسي للحفاظ علي أموال الشعب، وشارع جامعة الدول العربية بالمهندسين خير شاهد علي الفوضي والقبح «يسمونه شانزليزيه القاهرة» تم تطويره أكثر من مرتين خلال العشر سنوات الماضية، وتم انفاق مئات الملايين وللأسف القبح والقذارة في الجزيرة الوسطي؟! الملايين المهدرة من قوت هذا الشعب، الرقابة القانونية واجبة ولكن «حملة التوعية» واجبة بشكل مواز، لا أريد المقارنة مع الدول المتحضرة لان المقارنة ظالمة، وسنترك الشعور بالاحباط. نداء من نهر الفن للدكتور حازم الببلاوي رئيس الحكومة، بضرورة الاستعانة بالمجلس القومي للتنسيق الحضاري. وللحديث بقية.