الثورات تغير وجه الشعوب سياسياً ولكن حتي يكتمل التغيير لابد من تغيير سلوكيات الشعوب اجتماعياً فالثورات تسقط نظاماً سياسياً رأى الشعب أنه مستبد ولم يحقق وعوده حتى تكون الرحلة إلى طريق الديمقراطية التى تقود الشعوب إلى جزيرة الرفاهية ، فالشعوب التى تنعم بالديمقراطية تعيش الرخاء والنعيم بعد أن يعرف المواطن ما هى حقوقه تجاه الوطن الذى ينتمى اليه .. ويكون عطاءه للوطن لأن هناك انتماءً فى قلبه وعقله . ومصر شهدت ثورة نقية حلم الملايين بأن تكون سبباً فى أن تتعدل سلوكياتنا إلى الأفضل ونكون بشر كما قال الله سبحانه وتعالى ، وكانت أجمل الصور لنا خلال العصر الحديث ، حيث اتحد الشعب المصرى فى 18 يوماً . خلال أحداث الثورة كنا شعب بالمعنى الحقيقى قاومنا البلطجية بالجهود الذاتية فاختفت جرائم التحرش رغم أن ميدان التحرير اكتظ بالجميلات لكن شباب مصر فى ذلك الوقت تعامل معهن على أنهن شقيقات لهم ورفضوا أن تتعرض أى واحدة منهن للتحرش اللفظى أو حتى الجسدى. لكن فرحتنا لم تستمر كثيراً، رحل النظام الذى ثار عليه الشعب .. وكانت الفترة الانتقالية وظهر الوجه غير المقبول الذى لا يجب أن يظهر لشعب أذهل العالم . وكانت الأشياء الخاطئة .. الثورة آثارها السلبية انتقلت بدورها إلى حياتنا فى المنزل والعمل فالابن يثور على تعليمات والده وفى العمل أصبح رئيس العمل يواجه سلوكيات غير مقبولة .. فإذا أراد أن يطبق اللوائح تكون هجمات الفلاسفة والمنظرين عليه. وأصبح فى مؤسسات الدولة نماذج من البشر تتكلم عن الحقوق وتنسى أن عليها واجبات تجاه الجهة التى يعمل بها ويتقاضى منها راتباً أوائل كل شهر . وكانت قمة اندهاشى اننى سمعت ذات مرة أحد الأشخاص يتكلم ويتباهى بأنه لا يذهب إلى جهة عمله إلا أيام قليلة ويبرر ذهابه إلى جهة عمله حتى يرى أصدقاءه فحسب وليس من أجل العمل . وكأن العمل حرام .. والراتب الذى يحصل عليه هو الحلال ، هذه الصورة موجودة بأشكال عديدة فى العديد من مؤسسات الدولة .. ورئيس العمل والمسئول عن سير الأمور إذا أراد أن يضبط سير العمل تصوب إليه رصاصات الفلاسفة والكسالى والمشتاقين إلى حصد أى مناصب من خلال التنسيق مع الفلاسفة والكسالى لأنه يعتبرهم عيونه ورجاله إذا صعد للمنصب. وروى لى صديق مسئول عن ادارة احدى الشركات بأن لديه عدد من الموظفين لا يرغبون فى الانتظام فى العمل .. وعندما طلب منهم أداء حقوقهم تجاه الشركة .. كانت التحركات للاطاحة به .. وكل جريمته انه أراد أن يطبق القانون .. ومع الأسف كان تعاطف الفلاسفة والراغبين فى حصد المناصب مع جمهورية الكسالى .. وصار من يريد تطبيق القوانين واللائحة فى دائرة الاتهام. وإذا كنا نريد أن ننهض بمصر نهوضاً حقيقياً علينا أن نغير من أنفسنا .. نعترف ما هى الحقوق الواجبة علينا تجاه المنزل والعمل والوطن .. فالحق لا صوت له .. والباطل مع الأسف هو الذى أصبحنا نسمع صوته .. إذا كنا نريد أن ننجح فعلينا أن ننسى أمراضنا النفسية .. ونعمل ونتذكر أن هناك إلهاً فى السماء يكافىء صاحب النوايا الصادقة . حالياً بعد نجاح ثورتى يناير ويونيو .. نحتاج فعلياً لثورة أخلاقية تحسن من سلوكياتنا مع أنفسنا ونقى الآخر من شرور أنفسنا وكل انسان عليه أن يراجع نفسه قبل الانفاق على أسرته من راتبه ويسأل نفسه هل ما ربحه حلالا أم حرام ؟ علينا جميعاً أن نبدأ بأنفسنا .. وعندها سوف يستفيد المجتمع منا .. وتكون الفائدة للوطن الذى نشرف بأننا كلنا من شعبه . حفظ الله مصر من شرور أبنائها قبل أعدائها . *** أسعدتنى كثيراً كلمات اعلامى شاب من محافظة الفيوم عندما أخبرنى بأن اللواء الشافعى محمد حسن مدير الأمن استطاع خلال فترة وجيزة أن يكسب حب أهالى الفيوم من خلال تطبيقه للقانون .. وجعل احساس الأمان يتسلل إلى أهالى الفيوم وأخبرنى بأنه يتواجد ساعات طويلة فى مكتبه يتابع حالة الأمن من أجل أن ينعم الجميع بالأمان . وبعد أن انتهى زميلى من الكلام عن اللواء الشافعى كان ردى عليه بأنع عمل فى محافظات عديدة وخبرته تجعله ينجز فى العديد من مشاكل تواجه ضباطه .