خلال السنوات الأخيرة، شهدت هوليوود عاصمة السينما في العالم ضخ مئات الملايين من الدولارات عبر رؤوس أموال عربية لاستثمارها في امصنع الأحلامب لصناعة أفلام تدور في فلك شباك التذاكر الأميركي الذي تتعدي أرباحه أكثر من مليار و500 مليون دولار سنويا، وأصبح هذا الواقع الذي رأيناه يقف وراء أعمال مهمه مثل امراجحة Arbitrageس اعدوى «ontagionس زخزانة الألم The Hurt Lockerس زمهمة مستحيلة Impossible missionس زالمواطن the citizenس زالذهب الأسود Black Goldس وسالأصولي المتردد The reluctant fundamentalistس والعديد من الأعمال التي مولتها شركة ايمج نيشن أبوظبي، ومؤسسة الدوحة للأفلام، ودبي استوديو سيتي، وبعض رجال الأعمال من السعودية والكويت وقطر والبحرين يدفع إلي طرح تساؤلات، هل يمكن أن تلعب رؤوس الأموال العربية في هوليوود دورا في تحسين صورة العرب والمسلمين داخل أميركا وأنحاء العالم؟، وهل تفتح المجال للمبدعين العرب في التمثيل والإخراج وفنون السينما المختلفة للوصول إلي العالمية؟، أم أنه من الأفضل بقائها في المنطقة ودعمها لأفلام تحمل ماركة (صناعة عربية) شكلا ومضونا ولغة وإنتاجا، لتكون أكثر تأثيرا في نظرة الغرب للمنطقة العربية، تلك الأسئلة وغيرها تظل تتردد وتدور وتطرح للنقاش مع وجود صناديق تمويل للأفلام العربية بشروط ودعم محدود للغاية تقدمه مهرجانات السينما في الخليج تعمل لما يضمن بقائها، أكثر مما تفكر في احداث نهضه حقيقة تساهم في تطور صناعة السينما العربية، بما يليق بها من حيث التاريخ والقيمة، مقارنه بمثيلاتها في الهند وكوريا وتركيا وايران. تأثير السينما يرى بعض المراقبين أنه بالفعل يستطيع رأس المال العربي مع الوقت، وبأسلوب ممنهج نقل صورة حقيقة عن الواقع العربي والإسلامي مثلما قدمت بوليوود أفلام انيويورك نيويورك New York, New Yorkس وساسمي خان My Name is Khanس وسبدونك يابن لادن Without You, Bin Ladenس ومن هنا تأتي أهمية السينما ومعالجتها لموضوعات لا تؤثر فقط من خلال أفكارها ومعالجتها في التأثير على الجمهور، بل تدفع أحيانا أصحاب القرار السياسي إلي تبني وجهات نظرها، مثل تلك الأعمال التي تناولت أحداث 11 سبتمبر وتداعياته ومنها ما انتجه واخرجه المخرج الوثائقي المثير للجدل مايكل مور في فيلمه الشهيربFahrenheit 9/11س حيث ألقى باللائمة على سياسة الحكومة الأمريكية ورعونة تصرفاتها بقيادة الرئيس بوش الذي يراه قد سرق الانتخابات من آل غور، أو فيلم زالمنطقة الخضراء Green )oneس للنجم مات دايمون الذي كشف أكذوبة أسلحة الدمار الشاملفي العراق، وقد تم استغلال ذلك في الانتخابات اللاحقه التي فاز فيها أوباما. وتشير الاحصاءات كذلك إلي أن حوالي 59% من مجموع العاملين في حقل السينما الأميركية انتاجا واخراجا وتمثيلا من أصول يهودية، ولذلك حان الوقت لأن يكون للعرب موقفا، ولابد من حدوث توازن حتى يستطيعوا التصدي للأفكار الهدامة عن العربي والمسلم، وقد أثبتت التجربة بأنه لن يكون ذلك التغيير إلا بضخ أموال في إنتاج الأفلام، حتى يمكن تشكيل صورة ذهنية صحيحة عن العرب والمسلمين لدى المواطن الغربي، مع الدفع في اتجاه آخر بالقدرات العربية الابداعية السينمائية العربية والتسويق لها داخل هوليوود، لدعم قضايا وإنتاج ثقافة إنسانية إسلامية بعيدا عن العنف والإرهاب، وتقديم نظرة وصورة واعية دون تلك الافتراءات التي تم تناولها في الماضي، ويجب أن يفهم الإعلام العربي ذلك ويساعد عليه. مؤشر الإنتاج ورغم أن هناك من يعترض على هذا التوجه لكن غالبية النقاد والمهتمين يؤكدون ضرورة أن يتحرك مؤشر الإنتاج العربي إلي أفاق أبعد في وقت قريب، ليستطيع التأثير في تغيير صورة العربي السيئة عند الغرب، باعتبار أن لديه نهم جنسي ومتزوج من أربع نساء وأن المال قد أفسده، وقد أساء ذلك إلي الإسلام كثيرا مثل فيلم taken للنجم ليام نيسون انتاج 2008 والذي اعاد إلي الاذهان نوعية الأفلام التي تكرس لفكرة شراهة العربي وحبه للبذخ والافتتان بالنساء، بل أن طموح البعض في مجال الصناعة يذهب إلي تبادل حضاري ونقل خبرات سينمائية بين العرب والغرب، فمن المهم جدا أن يتم الاستعانة بكوادر عربية للاستفادة تقنيا حتى نصل بالإنتاج السينمائي العربي إلي العالمية، وننتقل إلي مرحلة مختلفة عما هو مطروح حاليا ويفتقر إلي التأثير المطلوب في السوق المحلي والخارجي. خطوات محسوبة وفي إطار تجارب عربية تمت في الخمس سنوات الماضية، يطالب اصحاب الاتجاه المحافظ بضرورة أن تكون خطوات ضخ رأس المال العربي إلي هوليوود محسوبة، ولا يترك الحبل على الغارب لمجرد الاستثمار فقط، ومن ثم لا يجب أن تفرض سينما الغرب رأيها على رأس المال العربي، بل يحرص المنتج العربي على أن يكسر قواعد الاستثمار والأعمال ولا يخضع لها، وإلا ستظل صورة العربي السيئة تدور في نفس الفلك، وبالتالي لابد أن يتم انتقاء الموضوعات التي تخدم قضايانا مثلما فعلت شركة ايمج نيشن أبوظبي عندما انتجت فيلم لعبة عادلة Fair Gameس الذي تناول حرب العراق والبحث عن أسلحة الدمار الشامل، ولا يجب أن تترك نفسها تماما لاستوديوهات هوليوود التي تنحاز بدون شك للتمجيد للأميركي وسياساته، مثلما حدث مع تجربة فيلم الحركة Motorcade للنجم رايان رينولدز، أو فيلم زمراجحة Arbitrageس للنجم ريتشارد جير، وهو دراما عائلية عن دسائس الشركات في فترة الأزمة المالية العالمية، ورغم أنها التجربه الأولى للمنتج السعودي محمد التركي لكنه وعد مستقبلا بالمزيد من التجارب التي تردم الهوة السينمائية بين الشرق والغرب، وعلل أن تقديم نوعية من الأفلام الأميركية المعالجة في موضوعاتها لا يعني أن ينسحب المنتج العربي كليا إلي هوليوود، بل يجب ان يحافظ على وجوده داخل عاصمة السينما العالمية ليقوي مركزة وخطواته، وفي الوقت نفسه يلعب دورا في إعادة الثقة في المنتج العربي، ويدفع إلي احداث موازنة بين ما هو غربي وما هو عربي، حتى لا ينتج خلل وتنتهي النهضة الحالية للسينما في المنطقة، والتي روجت لها المهرجانات العربية المختلفة، وساهمت في احداث موازنه ستخدم المبدع العربي في كافة المجالات، ويمكن أن يكون لها تأثير في المستقبل مثلما فعلت دبي عندما تعاونت مع شركة بارامونت في انتاج فيلم امهمة مستحيلة Impossible missionس وشاركت بما يقارب ال35 مليون دولار بعضها دعم لوجستي على الأرض، لكنها استفادت كثيرا على مستوى الكوادر التي اكتسبت خبرة كبيرة، والأهم أنها تعلمت طريقة انتاج وادارة تنفيذ الأفلام وطبقتها كاستراتيجه حالية لديها. تاريخ هوليوود وملخص هذا التحليل، أن الحقيقة التي يجب معرفتها أنه على مدى قرن أنتجت هوليوود أكثر من 900 فيلم سينمائي تضمن شخصيات عربية، منها 12 فيلما فقط عرض صورة إيجابية عن العرب والمسلمين، و50 فيلما غلب عليها الاتزان، أما الباقي فكان تشويها محضا للإسلام ومعتنقيه، مما يطرح أكثر من سؤال من قبيل هل يعقل أن يكون هذا الكم الهائل من الأعمال الفنية المسيئة المتواترة زمنيا وليد الصدفة؟، بالطبع لا، لكنه يؤكد أن الصناعة السينمائية الأميركية منظومة مؤسساتية كاملة، مرتبطة في أوقات كثيرة بالسياسات الحكومية وتوجهاتها وتصرف عليها أطنان من الأموال، ومن ثم فإن الاستثمارات العربية في الوقت الحالي ستؤثر بلا شك إذا دققت في اختيار موضوعاتها، وإلا من الأفضل أن تبقى داخل حدود العالم العربي لتعبر عن واقعنا، ويكون لها تأثير أكبر وأقوى